expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الجمعة، 31 يناير 2014

مشروع قومي للحب1

لم يكن احمد عبد المنعم او عبادي كما يناديه اصدقائه يصدق ما يسمعه..كانت تهاني تشرح له بصوتها الهادئ الثابت - رغم بعض التهدج هنا و هناك في بدايات الجمل - تشرح له اقتراحها الغريب.
لم يرى وجهها على سكايب, كانت تقف جانب الكمبيوتر بينما ارتسم على شاشة لاب توبه حائط غرفتها الفارغ الا من بعض الملصقات الصغيرة. حركة صغيرة منها جعلته يلحظ شيئا من كتفها الذي سرعان ما اختفى...
في رسالتها منذ يومين التي سبقت هذا اللقاء, اعترفت له بان تهاني ليس اسمها الحقيقي و انه لا يعرفها تماما رغم انها تتابعه من فترة. تتابعه على كل حساباته. صفحة احرار التي يديرها مع اصدقاءه على الفيس بوك, حساب اسك اف ام التي يديرها مع صديقه علاء و حسابه الشخصي على تويتر باسم عبادي ثورة ..
كانت دوما هنا او هناك تعمل لايك,تسأل او ترد...
كانت تعرفه
لذا اختارته
- هو تقدر تقول انه مشروع أدبي, بررت قولها
نعم مشروع أدبي قال لنفسه و هو يحاول ان يمسك نفسه عن قول ما من شأنه ان يكسفها. كان صوتها لطيفا لكنه يعكس ثباتاً, كانت تنتقى الالفاظ بلباقة و رزانة.
كان منذ يومين قد اعاد قراءة كل ما هب و دب على حساباته الالكترونية ليتأكد ان من يتحدث له فتاة حقيقية و ليست مزحة سخيفة او مقلب.
عرف حسابها - تحت اسم السفيرة عزيزة - و انتبه الى انه كان دوما يحبذ تعليقاتها الثاقبة و تساؤلاتها المهمة..
 لم يسأل نفسه يوماً من تكون السفيرة عزيزة
لم يكن يحب التخيل
كان يفضل الامور الواضحة
الوجوه الصريحة
و الفتيات الصامتات
صمتت فجأة و كأنها تترقب منه إجابة لكن افكاره كانت قد توقفت عن متابعة حديثها و هو يحاول فك شفرة الملصقات الصغيرة البعيدة على حائط غرفتها...
اجبرته اخيرا على الكلام:
- رأيك إيه؟
- ماشي, قال بسرعة....
هنا رفعت يمناها أمام الكاميرا ليرى كف يدها الصغير و هي تلوح له :
- ماشي, اتفقنا, باي
و اقفلت الكاميرا

تبادل رسائل عاطفية في محاولة لتحفيز العقل الحالي على تجربة اصبحت قديمة و غير محبذة للكثيرين. فكر في نفسه. هو لا يعرفها رغم تأكيدها له انها رأته عدة مرات وجهاً لوجه في الكثير من الامكنة..

ما الذي يمكن ان يخسره؟ تسأل. رسالة كل اسبوع.
- ماشي, ردد صوته في فراغ غرفته مع دخان سيجارته ...

في اليوم التالي و في تمام الحادية عشر و كما قالت له وصلت اول رسالة. رغم تسفيهه للمشروع إلا انه كان امام شاشته منذ نصف ساعة يراقب الهوت ميل.
 كان عنوانها: من الاول
جاء فيها:
من الاول عشان لكل حاجة أول
من الاول هنفتح بيبان الصراحة
من الاول : مافيش سكة للأباحة
انا عارفة انت بتقول ايه دلوقت: ديه مش نافعة تعمل شعر
انا عارفة
انا ما بزعلش
انا فعلا مانفعش اكتب شعر و لا نثر
ويمكن ما انفعش لحاجات كتير
بس انا كده
زي ناس كتيرة
و زي و لا حد
هتقول اني مجنونة
هقولك هو انت لو بصيت في المراية و كررت الكلام اللي قلته في الشارع قدام القصر العيني لتوفيق عبد الرحمن لمن جه يقولنا روحوا بيوتكوا
لو عملت كده, هتعرف انا مجنونة ليه
تصدق انا مش زعلانة لو قلت عليا مجنونة
انا حاسة اني هاعتبرها غزل
مش انت اللي مرة قلت في تويتة:
الجنون قدر الذين يواجهون الجبروت عرايا؟

مرة واحد قاللي انتي مجنونة عشان قلت فكرة معينة
وقتها زعلت قوي و حسيت اني هموت
لان الجنون اللي هو اتهمني بيه كان العته الاقرب للغباء
بس لو انت قلتلي مجنونة
بحس انها هتكون حاجة تانية خالص

هترد عليا انا عارفة
ما تكذبش على نفسك و عليا و تخليني استنى اسبوع
ما تقولش انك مشغول
ما تقوليش انك مش معبرني
ما تقوليش انك مش نافع في كلام الغرام
ما تقوليش اوهام
اصلك ما بتكدبش
اصلك مش هتعرف تنام
.
.

الأربعاء، 29 يناير 2014

ششش


عيناك
وجهك
و كفاك حيث العالم

فلنعيد

عيناك حيث لا ارى فيهما سوى وجهي
وجهك المصاحب لأحلامي
 و كفاك حيث العالم

كفاك
حيث العالم

الثلاثاء، 28 يناير 2014

هناء

كان قاعد هناك , على طرف الكنبة و بيدخن سيجارة منظرها غريب.
كان قاعد مستنيني
انا لمن دخلت الصالة اتفاجأت بصراحة و بصّيت له بحدّة و بعدين رجعت طِلعت و فضلت في الطرقة أتلو المعوذتين و ده خلاني أحسّ بقوة خفية بتلفني.
 شكرت ربنا انه معاي و رجعت اتشاهدت على نفسي و فتحت باب الاوضة من تاني
ما كانش على طرف الكنبة, كان قاعد على الارض زي التمثال البتاع الفرعوني ده اللي بيجيبولنا اسئلة منه في الامتحانات دايماً
المهم هو كان قاعد و انا رغم الخوف اللي كان ركبني قلت لازم اكلمه او على الاقل اطرده.
زي اللي عارف انا بفكر بإيه, بصّ لي و قال لي: 
- ما انت لو تلوت كل القرآن, و رحت لما بعد التماهي, انا وراك وراك.
بعدين قام وقف و هو نافش صدره كده و قال لي بصوت آمر: 
- انت فاكرني عفريت مش كده؟
انا كنت بتلو في قلبي كل الدعوات اللي امي محفضهاني عشان كده ما ردتيش و برضه هو اللي كمل الكلام بس بنبرة لطيفة المرة ديه :
- انا مش عفريت يا يحيى, انا بتاعك يا يحيى, و كان بيلف عشان يقعد بعدين وقف يجيب على التساؤل اللي كنت بسأله في نفسي:
- انا نفسك يا يحيى..انا اللي جواك..
و قعد على الكنبة الصغير المرة ديه :
- انا انت يا يحيى و ممكن تكدب على الدنيا كلها و على ربنا حتى , بس مش هتقدر تكذب عليا, مش عليا يا يحيى..
 و بص لي بتأنيب كده زي ابويا لمن يكون محضر لي علقة.
- انت عملت المسرحية في بيت هناء و قعدت تهرتل و تقول كلام و انا كنت ساكت بس انا كنت عارف يا يحيى, انت يمكن ضحكت على هناء, على اهلها و على اهلك و يمكن على صحابك كمان , بس انا عارف..
انا بصراحة كنت بدأت اضطرب و خلاص مش فاهم. قمت بسأله : عرفت ايه بس خرجت معايا بصرخة هستيرية :
- انت مالك؟ مالك انت ؟ عاوز ايه؟
- يا يحيى, قام وقف يشرحلي بهدوء, انا عاوزك تعرف اني عارف عشان ما تسوقش فيها, انت مش مقدر حجم البلاوي والمصايب و الامراض اللي ممكن تصيبنا احنا الاتنين لو انت سقت فيها. احنا معرضين للضياع انا و انت و يمكن نضيّع معانا ناس تانية.

انا كنت جايب أخري و حسيت انه ما بقاش عندي قوة فرجعت على باب الاوضة استندت عليه و عيناي بتزغلل عاوز اركزّ عشان اقوم اقتل ابن الجزمة ده. هو بقى رجع يتكلم:
- انت كنت عارف يا يحيى, كنت عارف انها مابتحبكش, كنت عارف انها بتحب حد تاني, كنت عارف انها بتعمل كل ده عشان تزهّقك و تخليك تبعد, كنت عارف انها مش عايزاك و انها خايفة من اهلها.
وقتها بس, انا حسيت ان الارادة رجعتلي تاني فبصّيت له كده وقلتله ببرود : 
- هات أمارة...
انا كنت قاصد أمارة انه هو نفسي, بس ما شرحتلوش. ما انا قلت لو هو نفسي يبقى هيعرف انا اقصد ايه.
هو قال:
- انت حيَلك رخيصة يا يحيى, بس اعمل ايه؟ اهوه احنا الانفس ما لناش اننا نقرر مع مين هنشتغل. تعرف؟ انا لو كان ليا قرايب معروفين؟ كنت هاشتغل مع وائل عبد الفتاح, بس نقول ايه بقى؟
سرح شوية يبص في الحيطة زي ما يكون بيتخيل حاجة شوية و بعدين قام كمّل :
- انت فاكر يوم ما قعدت تبصلها و تعد في قلبك كم ثانية عينيها بتفضل معلقة بعينيك و تقول البنت ديه مش بتحبني, انا لازم اموت نفسي. بس قبلها هاقوم امسكها من راسها بايديا و ابوسها و اللي يحصل يحصل؟؟ فاكر؟
برغم كل الحيل اللي استعملتها عشان انسى, انا كنت فاكر كل المشهد ده و يادوب لمن هو قاله ما حسيتش بنفسي الا منهار و قعدت على الارض اعيط زي العيال :
- هناء, خطيبتي, اللي عمِلت عمايل في البيت عشان اهلي يروحوا و يطلبوها. هناء اللي من اول يوم شوفتها قلبي اتعلق بيها..هناء حبيبتي اللي رسمت وشها على صفحات دفتر كامل ...هناء اللي كنت بشتغل زي التور عشان اعمل اي حاجة ممكن تطلبها...و هي ما كانتش بتطلب ...هي ما كانتش عاوزة حاجة...هي كانت بتفضل قاعدة وشها في الارض و يا دوب تقول كلمتين و انا روحي هتدوب عليها ...بكون عاوز اقعد عند رجليها و اكلمها عن نفسي و حياتي و احالمي و عن حبي ليها....هناء حبيبتي.

هو لمن شافني كده بتشحتف و مكسور الخاطر قام جه قرّب عليّا و قعد مقابلي على الارض يواسيني :
- ما تزعلش يا يحيى, انت لا أول و لا أخر واحد يحب واحدة مش بتحبه..انت كنت عارف..و قبلت يا يحيى..
- ما انا بحبها, صحت فيه و الدموع مالية عينيا, انا بحبها و مش قادر احب حد تاني...انا بحبها ...كنت لازم اعمل كده..كنت لازم اقول اني بفكرها مؤدبة جدا ..اني بحب فيها خجلها...انا بحبها و عاوز افضل عند رجليها طول اليوم, طول الحياة, طول العمر...
- بس هي ما بتحبكش..
- و لو, قمت واقف بصيح زي المفجوع و اللي اتقتله عزيز, و لو.. انا بحبها ..اللي في قلبي ده يكفي الدنيا كلها و هيقدر يخليها تحبني.. هي يعني كانت هاتحب مين؟ احلى مني؟ اغنى مني؟ اشطر مني؟ انا مستعد تجيبلي اي واحد و تقارنه ...انا مستعد اشوف مين هيحبها قدّي... انا مستعد ..

انا كنت هاكمل كلام بس نفسي ده هجم عليّا, كتّفني و بطحني على الارض و قعد يزعق فيا:
- انت مش هاتهدا يا بن الكلب؟...مش هتفهم بقى؟ انت ما بتفهمش؟
انا طبعا حاولت ادافع عن نفسي مش عشان خايف منه لكن كنت بحس انّي بدافع عن موقف مهم. بس هو كان زي ما بيقولوا عن العفاريت, كان عنده قوة غريبة و قدر يمسكني كويس و فضل مكتفني و هو بيكلمني:
- افهم يا يحيى.. العناد ما بينفعش في الكلام ده.. انت بتحرق نفسك قبل ما تحرقها.. انت لازم تستوعب ان الحب حاجة ملهاش وجود و معايير فيزيائية و التعامل معاه ما بتقدروش انتو البشر عليه لانكم فيزيا يا يحيى. و جودكم وجود مادّي و حسّي و مش هتقدروا ابداً تتعاملوا مع اشياء ما لهاش ذات نفس الطبيعة ...

انا حسيت اني بكلم استاذ ابو العلا بتاع الكيميا. و بصراحة ما بحبوش لابو العلا, قمت قلت له: 
- طب ما تقوم و تسيبني اقف؟
هو انتبه اني هديت و قرر يسيبني و انا رجعت قاعد على ارض الصالة و ببص فيها زي المذهول.

- هتقدر يا يحيى ...هتقدر تنساها و هتحب واحدة تحبك ... هي الدنيا كده يا ابني... مش لازم تعاند معاها في الحاجات ديه... سيب هناء في حالها....سيبها هي كمان عندها مشاكل ياما... سيبها و ركزّ معايا..انا نفسك ...ركز معايا و خلينا نشوف هنعمل ايه في مشروعك بالسفر... احنا لازم نبتدي نركّز في مصلحتنا يا يحيى .... ما ادورش على مصلحة حد تاني...
كان بيطبطب عليّا و بياخد من قلبي:
- قوم يا يحيى ...قوم نخرج نروح المول نشوف البنات ... قوم يا عم ..ما فيش اكتر من البنات الحلوة في الدنيا ديه ...يلعن ابو هناء على اللي يحبها...قوم

خدني من دراعي و جرّني وراه و هو يكلمني و يسرح بيّا ..
 خدني بعيد عن هناء و حبها..
خدني بعيد عن قلبي...
بس الجرح فضل معايا 
الجرح فضل جوايا 
و انا و هو كنا عارفين 
و انا و هو عملنا مش فاهمين

السبت، 25 يناير 2014

طُرق الروح 2

هاهو اليوم و بعد أسبوع طويل من الصراع قد قرر من جديد رمي نفسه في التهلكة
- انها ليست تهلكة قال مبرراً لنفسه, ستكون علاقة غريبة نعم لكنها ستكون علاقة جيدة
كانت هي امراءة وحيدة بعيدة عن زوجها الذي يدير الاعمال في كييف و اطفالها الذين ترعاهم أمها في تورنتو  و هو رجل وحيد بعيد عن خطيبته و أعماله و عالمه
سيجد كلاً منهما تعزية في هذه العلاقة
سيشرح لها ذلك وهي ستتفهمه
هي لا تبدو صعبة و لا منطوية
كان يفكر في كل ذلك و كأنه واثق تماماً من قبولها بمبادلته الحب و مقاسمته الوحدة
رنّ الجرس ففتح له رجل هندي قصير القامة و نحيفاً لحد الهزال كما هي عادة الهنود و كان يرتدي ملابس رخيصة
لم يستغرب فقط وجود هذا الرجل بل استغرب أكمامه المرفوعة و الاسفنجة التي كانت في يده
أخيراً سأله الرجل :
- يس ؟
- مدام تانيا, قال ماجد
- أوه , جيست اي اسكند, ثم صاح للداخل , تانيا سوم بادي وان يو , قبل ان يبتعد بينما اقتربت تانيا  تتأهل به و تدعوه للدخول و رغم تأكده من أنها قالت ذلك مجاملة الا انه دخل و وقف و يديه في جيوبه يطالع باب المطبخ حيث اختفى الرجل الهندي
- مين ده ؟ سألها بطريقته المباشرة المعهودة
ابتسمت تانيا بلطف متفادية كشف اسنانها الصغيرة المتباعدة و التي تكاد تكون عيبها الوحيد برأيه ثم نادت على الرجل الذي ظهر بسرعة و تقدم بخيلاء و بجبهة مرفوعة:
- this is Sandji Ado, my friend, a poet and history teacher;  this is my neighbor Majed Fadel a lawyer
- انه سانجاي آدو صديقي شاعر و مدرس تاريخ, انه ماجد فاضل جاري في الشقة المقابلة و هو محامي
- nice to meet you قال الشاعر بأكمامه المشمرة حتى أكواعه و هز ماجد براسه قبل ان تشرح تانيا بالإنكليزي:
- سانجاي يحب النظافة جدا لذا فهو يساعدني في البيت بينما اساعده انا في كل ما له علاقة بالاوراق و النقود و المشاكل.
- yes اردّف الشاعر يقول بانكليزية مفككة :
- but that don't means you give up my instructions, Tania I say a thousand of time don't use wax paper in oven.
 - لكني هدا لا يعني الا تقومي بتنفيد ما اطلبه منك؟ تانيا قلت لك ألف مرة, لا ورق زبدة في الفرن , لا ورق زبدة , كرّرها فضحكت و عاد هو للمطبخ بعد ان استأذن
- ماله؟ عاد ماجد يسألها و هو يطالع مشية الرجل و حركة اكتافه
- مسكين, أجابته , زينا كلنا مساكين
كان يودّ أن يبرر زيارته بالحديث عن الصوت القادم من عندها طوال الليل لكنها سبقته و قالت له بإسلوب الاطفال مقلدة الفنانة نيللي :
- عندي ليك مفاجأة, قبل ان تتجه للغرفة المجاورة.

- انتي فاكراني مش عارف؟ قال لها بصوته البطئ المتثاقل , مفاجئتك مش مخلياني أنام الليل.

- معقولة؟ عادت و بين ذراعيها كلب صغير أسود ببقعة صغيرة بيضاء, معقولة كنت بتسمع اناتول ؟ ده انا كنت بانتبه جداً عشان ما يعملش صوت.

- أناتول؟ و ده اسم امبراطور مجري و للا أيه؟

- لا, ده اسم كاتب فرنسي, هو لطيف أوي بس تاكي بتغير منه و ما بتدخلش البيت الا عشان تنام.

- طبعا يحقّلها تغير ست تاكي , قال و هو يعاينها تداعب الكائن الصغير بين ذراعيها و تهمس له مطمئنة, و انا اقول بشوفها كتير في الشارع, انت جبت كلب ليه؟

- انا من الاول بحب الكلاب بس كنت فاكرة اني هخلّص هنا ع السريع و نروح كندا بس لمن القصة طولت و باينها مش هتخلص قلت اجيب كلب...حراسة يعني

- حراسة؟ قال لها معاتباً و قد أفلت منه حبل الكلام, تجيبي كلب حراسة و أنا ساكن قصادك.

ابتسمت بسرور و هي تهز رأسها كالاطفال فاطمأن إلى انها فهمت كلامه مزاحاً فاخذ الكلب الصغير منها و جلس على الاريكة يداعبه قبل ان يعود الشاعر الهندي بصحن كبير من الفواكه المقطعة بشكل جميل مع جوز هند و لوز و جلس معهما.
- ما كان يسكن معاك احسن. قال ماجد لتانيا مشيراً باتجاه الشاعر الهندي, فردت مبتسمة:
- بيتحسس كتير لمن ما بنتكلمش انكليش ثم نظرت لصديقها الهندي و قالت له:
- you know? he asked me why you don't live with me for my protection.
- تعلم؟ انه يسألني لماذا لا تعيش معي كحماية بدل ان اشتري كلب؟

- what? she is a rusha mafia my freind', i don't wanna be kiled.

 قال الهندي بخوف قبل ان يكمل
- انها مافيا روسية يا عزيزي , انا لا اريد ان اُقتل
- i am not a mafia,
 دافعت تانيا و طفقت تناقشه كأنها تتحدث عن رأيها في السياسة:
- عندما تقول مافيا روسيا فهذا يعني تجارة بشر؟ قتلة محترفين؟ مخدرات؟ لكني لست كذلك انا مجرد موظفة في مجموعة غير قانونية لتحويل الأموال  , هناك فرق.

- لا فرق يا تانيا, قال الشاعر الهندي و هو يؤكد على كلامه بتحريك رأسه نافياً.

- ثم اني لست روسيّة, قالت مكملة بذات النبرة الهادئة و هي تأخذ الجرو من ماجد, أنا رومانيّة.

- لا فرق يا تانيا كرّر الهندي, انتي تنتمين لتنظيم اجرامي و أنا اخاف على سمعتي و نفسي.

- اذن ما الذي يجعلك تأتي هنا؟ سأله ماجد و قد ضمّ ذراعيه على صدره و مدّ ساقيه بأريحية.

- مثلك يا عزيزي , ردّ الهندي و هو يغمز مضيفاً, الحب.

هنا جلجلت ضحكة تانيا بينما ابتسم ماجد و هو يصكّ أسنانه بعصبية 

الجمعة، 24 يناير 2014

طُرقُ الروح 1

بقي أسبوعاً كاملاً يحاسب نفسه على تخاذله.
كانت في حضنه و قد لفّها بذراعيه و هو يستنشق شعرها الناعم المحتفظ الذي لازال يحتفظ بشئ من أريج التفاح. تنبّه إلى ان اصول شعرها فاتحة و ان الاسود ليس سوى صبغة. عندما رفعت جبينها كان قد مال برأسه للأمام ينتظر لقاء نظراتهما لكنه تفاجئ بدموعها و رجفة شفتيها. كانت تبكي بصمت طوال تلك اللحظات. الدهشة التي أصابته جعلته يثبت دون حراك فلم يتدارك الموقف قبل ان تنفلت من حضنه و تبتعد ماسحة وجهها بكفيها وتشكره.
ذلك المساء كان قد وصل الطابق الرابع صاعداً الدرج متفادياً بذلك المصعد الذي دخلته ماري و ابنها. كان يتفادى الحديث أو لقاء أياً من الناس منذ وصوله الشارقة. كانت المرارة قد سكنته منذ خروجه من القاهرة هرباً و قتلت فيه القدرة على المجاملة و الكلام مع الناس.
كانت تانيا هي أول من حادثته في البناية بل في عمّان كلها عندما كان يحاول فتح باب شقة عمّته فتقدمت منه حاملة في حضنها  قطتها الشيرازي الرمادية و سألته بلهجة شامية عن ابن عمّه وائل:
- كيفو وائل؟ خلّص الدكتوراه بألمانيا؟
وقتها ردّ عليها بأدب و تجاذب معها أطراف الحديث ليكتشف بعد ذلك و من وائل نفسه انه لا يعرفها و لا تعرفه مما جعله يتفاداها بلؤم واضح و لا يردّ سلامها حتى جاءته ذات صباح بكنكة القهوة و صينية و فناجين تشرح له الموقف بودّ و لطافة و لهجة مصرية هذه المرّة :
- انا سمعت على وائل من ماري اللي ساكنة تحت أصلنا صحاب و هي بتحب تتكلم دايماً في حواديت الناس فتقريباً انا زي ما اكون عارفة كل اللي سكنوا العمارة من يوم ما سكنت ماري و لمن شفتك قلت اسلم عليك.
ثم بهدوء غريب و أريحية غير اعتيادية دخلت و جلست في الصالون و صبت القهوة و بدأت تحادثه كصديق قديم:
- بابا سوري و ماما رومانية بس عشنا في الكويت, ثم أردفت تنصحه, متخافش هما هناك في القاهرة هينسوك بعد كام يوم و يشتغلوا بحكاية تانية, اهم حاجة انك ما تسكتش زي اللي عِمل عاملة, لازم, استنى- توقفت قليلاً تفكر ثم صححت- لزمن تتكلم مع حد من الجرايد او الناس اللي تعرفهم.
هو لم يردّ بكلمة و بقى يدخن سجائره و هو يراقبها بتوجس و فضول. ادهشه معرفتها الكثير عنه و عن سبب لجوئه لعمّان بعد الضجة التي ثارت حوله هناك, في القاهرة حيث كانت حياته منظمة و ناجحة منذ بضعة اسابيع. 
بذات الهدوء و الاريحية و كالعادة من دون أن يسألها حدثته عن عملها, تبييض اموال, تهتم بفتح الحسابات هنا بينما زوجها يقوم بكل شئ في كييف.
- على مستوى صغير إحنا مش كبار لأن الكبار ليهم شغل لوحدهم إحنا بنشتغل على المبالغ الصغيرة, أنا شغلي هنا اني اتابع حساب البنك أول بأول و بس.
ابتسم, كانت مسليّة هذه البلقانية بعينيها الصغيرتين و اسنانها المتباعدة.
عندما التقط علبة المالبورو ليسحب منها سيجارة جديدة,تذكر انه لم يضايفها فمد يده بالعلبة نحوها:
- انا ما بدخنش من اكتر من عشر سنين, بس هاخد واحدة و انفخ شوية.
بعد تلك الصبحية الغريبة, بقيا لفترة يتبادلا التحية و في أحيان بعض الكلمات قبل ان يتآلف مع قطتها تاكي التي كانت تحوم في ارجاء البناية كلها فتقترب منه حالما يناديها ليأخذها بين ذراعيه و يصعد بها إلى شقة تانيا:
- إنت هتفضلي أم مهملة لحد إيمتى ؟ مازحها ذات يوم لكنها لم تضحك بل بقيت تنظر نحوه ببلاهة و حزن ليتذكر ما قالته عن ابنيها الذين يعيشان بعيدا عنها في تورنتو كندا مع امها. هناك في تورنتو كندا حيث الحلم ان تجتمع عائلتها الصغيرة يوماً.

ذلك المساء حين وصل الطابق الرابع و مرّ قرب باب شقتها و سمع صوتها العالي قادماً من الداخل على غير عادتها  توقف و اقترب يسترق السمع. كانت تتشاجر و تصرخ بالرومانية و كان ثمة من يردّ عليها لكنه لم يستطيع تمييز الصوت البعيد إن كان لرجل أو امرأة.
بدأ صراع في داخله : أيعدل عن وقفته و يدخل شقته أم يطرق الباب و يقدم لها المساعدة. لم يكن من النوع الذي يقدم هكذا مساعدات او يهتم بمشاكل الاخرين الشخصية لكن الفضول الذي زرعته هذه المرأة الوديعة في نفسه كان أقوى من عاداته بالاستهانة.
اخيرا اقترب و دقّ الجرس فتوقف صراخها لكنها لم تفتح. لم تفتح لكنه عاود رن الجرس, مرة اثنين و ثلاثة و هو يترك بين كل رنة و اخرى فاصلاً لتناقش نفسها .
أخيراً فتحت الباب بوجهها الطبيعي و وقفتها الاعتيادية و عيناها. عيناها كانتا الوحيدتان اللتان وشيتا بالكرب و الغضب الذي سبب كل ما سمعه. لذا و من دون مقدمات دفع الباب بهدوء و دخل ينظر حوله باحثاً.
عندما لم يجد أحداً نظر إليها و سألها :
- تانيا ؟ في إيه؟
تانيا لم ترد و لم يكن يبدو أنها ستردّ.
لابد ان المشكلة كانت كبيرة لدرجة جعلت هذه الرغّاية تصمت و ترفض الحديث
اقترب اكثر و هو يعلم تماماً أنه يقع في الفخ أكثر و عاد يسأل بعتب و إصرار:
- تانيا ؟ مالك في إيه؟
عندها اشاحت بوجهها هاربة قبل ان تتوقف و تعود مندفعة نحوه لتخفي وجهها على كتفه.
احتضنها بلطف للحظات بدت له أزليّة

الأربعاء، 22 يناير 2014

على الموقف ركاب ...

يمكن عشان ديه كانت اول مرة؟ يمكن عشان ديه كانت حاجة غلط؟ 
المهم ان إيديا كانت بترجف بشكل غير طبيعي حتى اني حطتطها في جيوب الجاكتة عشان ما حدش ياخد باله. ماكنتش بحب احط ايدا في الجاكتة الحمرا بتاعت اختي. قصات الجاكتة ضيقة و جيوبها عياقة يعني ما تنفعش للاستعمال و لمن بحط ايديا الكبار فيها بتتنفخ و بيبان المنظر مش حلو و لا انيق.
المهم, بقيت كده واقفة زي الهبلة و انا ببص حوالي بكبرياء. هو انا بصراحة كنت باتصنع اني مش خايفة و لا مرعوبة و لا اني هعمل حاجة غلط بس انا ما بعرفش امثل عشان كده ما كنتش عارفة اعمل حركة عدم الاهتمام و طلعت معايا كبرياء.
بس بعد ما مرت حوالي نص ساعة طويلة انا كنت سبت حركة الكبرياء اللي هي أصلاً مش كبرياء و انتقلت بشكل غير ارادي بسبب التعب اولاً و بسبب الاحباط ثانياً لحركة المقت. اللي هي أيه؟ يعني لمن انت كده بتتوسع فتحات مناخيرك بقرف و تدلى اطراف شفايفك للاسفل لانك مش قادرة خلاص تمنعي نفسك من البكا....
الكلب اللي انا كنت بستناه ما جاش. وعدني يمرّ عليّا عند موقف الباص عشان نروح السيما حفلة 6. أول مرة بحياتي حروح سيما مع حد غير بنات عمتي. احنا في عليتنا اللي هي بابا و مراته و اختي الكبيرة و ثلاث بنات اصغر مني, في العيلة ديه ما فيش حد بيروح السيما غيري انا.
عمتي اللي ساكنة في اول الشارع و اللي بنفس الوقت بتكون مرات اخو مرات ابويا, عمتي ديه عندها خمس بنات هي كمان بس بناتها بقى كبروا و بقالها حوالي 6 سنين بتجوز فيهم. المخطوبة دلوقت هي نمرة اربعة و ديه بقى خطوبتها طوّلت اكتر من الكل مع انها يعني اتخطبت عن قصة حب. طبعاً عمتي ما تعرفش التفصيلة ديه او تعرف و بتستهبل. بس سناء, اللي هي بنت عمتي المخطوبة بتفضل تتخانق هي و البتاع ده اللي اسمه عبد المطلب. كل خروجة بخناقة, انا زهقت. اصل انا العسكري اللي بيبعتوه مع المخطوبين عشان ما يحصلش حاجة غلط. اصلي ببان حقيرة جداً و مكتئبة عشان كده بيثقوا فيا اكتر. و يمكن عشان اختي حلوة جداً فعمتي تخاف انها تلقط العريس من واحد من بناتها. بتسألي ليه اخت سناء نمرة خمسة ما بتخرجش مع المخطوبين؟ عشان انتي باين عليكي ما عندكيش خوات بنات و لو كان عندك كنت هتعرفي ان مش كويس يكون الشخص اللي حامل مفاتيح اسرارك في نفس البيت مع الشخص اللي حامل قرار قطم رقبتك. 
المهم, انا كنت شوية و هعيط و انا واقفة زي الهبلة لوحدي. انا ما كنتش هاردّ على الجزمة ده اللي اسمه ياسر لمن اتصل بيّا في البيت. هو قال انه بيعرفني و شافني و كده و انا كنت كل شوية عاوزة اقفل السماعة في وشه بس مش عارفة اللي خلاني واقفة اسمعه . حتى لمن دخلت عليا مرات ابويا ما تكلمتش و لا طلع مني حرف و هي باينها ما شكتش في الموضوع.
ما انا قلتلك انا يبان عليا كده اني جدّ و رزينة بس انا لا جدّ و لا حاجة. 
المهم خلصت المكالمة و هو عازمني على السيما و انا ما كنتش و ربنا هاخرج بس اخر دقيقة كده قمت لبست و لمن مرات ابويا سألتني حتروحي فين ؟ انا ماعرفتش هي ليه استنتجت اني هاخرج و انها بتتكلم بالسهولة ديه كأن ديه مش حاجة غلط او مريبة. المهم قلتلها هروح مع سناء و خطيبها السيما و هي ما ردتش. هي كانت زي بابا و زيي كده وش جامد ناشف مش زي اختي مها و ماما.
المهم انا دلوقت بحسّ اني هاعيط مع اني مش عارفة ليه؟ ده انا حتى ما عرفوش و بصراحة صوته ما كانش عجبني كان اخنف و بيمط في الكلمات كده.
 بس انا هاعيط 
انا فعلا بدأت اعيط 
هاقوم ارجع البيت و لو رجع و اتصل هاشتمه الكلب الجزمة و هقولوا تاني مرة انا مش هستناه اكتر من ربع ساعة
هو فاكر نفسه مين؟

الاثنين، 20 يناير 2014

حلم ليديا

سأقتله 
رددت في عقلها و هي تواجه حوض الجلي الذي انتهت للتو من تنظيفه
عليّ ان اقتله
عادت تؤكد لنفسها
عشرون عاما و انا اتحمل هذ الثرثار و هذيانه, عشرون عاما
استدارت نحو اليمين حيث اعتادت ان تستطلع الخزانة ذات الالواح الزجاجية كأنها تبحث عن خيالها المنعكس عن ذلك الزجاج الاصفر المزخرف. 
نعم, قررت, عليّ التخلص منه , قالت ذلك و هي تتوجه نحو الادراج حيث سحبت سكينا كبيرة كان قد اشتراها ليون من زبونة أرملة جزّار .
بدأت ليديا تتقدم نحو الممر ثم توقفت لحظة و عادت ادراجها 
لا ستكتشف الشرطة الامر و قد يعلم ابنها ماركو بالحكاية مما سيؤثر عليه و قد يفسد عليه استعدادات الزواج
لا عليها ان تتصرف بسرية اكثر...على الاقل يجب الا يبدو الامر محملا بكل هذا الحقد
رغم ان ليون مزعج لكنه لا يستحق الموت مقتولا بسكين قد اشتراها هو 
وضعت ليديا السكين على الطاولة و وقفت تنظر في خزائن المطبخ حولها. ليس لديها سم فئران و لا حتى زرنيخ
كان عليها ان تستعد منذ كل ذلك الزمن الذي قررت فيه قتل ليون 
منذ عشرون عاما
منذ اول يوم التقته
قالت في نفسها انه لا يستحق ان تضييع القادم من عمرها معه لكن الامر كان قد حُسم كانت اختها تينا قد تحدثت له كثيرا عن اختها المطلقة و ابنها اللطيف و كان زوجها نياتزي ما فتأ يقنع ليديا بصديقه الكسيب ليون و بشجاعته عندما تعرضا يوما لمجموعة من السباراتيست الكيبكوا و كيف كان ليون يضرب ببسالة و يدافع عن جميع الايطاليين الذين بصحبته و لم يكتف بالهرب كالبعض
لكنها لم تقتنع بكل ذلك يوم رأت ليون بعينيه الصغيريتين الخجلتين و ابتسامته الرقيقة
لم يكن رجلا يستحق ان تسمع كلامه و تحرم نفسها من معاشرة الاخرين من أجله. 
لكن الامر كان قد حُسم و هي بردود فعلها البطيئة و عدم قدرتها على تنظيم جمل مقنعة وجدت نفسها تقع في فخ الزواج منه
لم تكن تملك ما تستطيع الدفاع به سوى كونها لا تميل له
هذا كان امرا لا يستحق الوقوف عنده كانت عمتها تردد. انت لست ملزمة انت تميلي , مثّلي عليه الحب و اربحي طعام ابنك
كانت عمتها تتحدث بسوقية مزعجة
يومها قررت ليديا ان التخلص من هذا الرجل سيكون بالموت 
عشرون عاما و هي تؤجل المشروع 
حتى انها لم تصلي يوماً ليسوع ليسرّع الاحداث و لم تشعل شمعة واحدة لمريم العذراء

يوم جاءها ليون منذ شهرين يحدثها عن نتائج التحليل, شكرت الرب من قلبها و ظنت ان الامر انتهى و ان عليها تحمل بعض الاشهر قبل ان تلبس الاسود و تتحرر من هذا الرجل الثرثار المتردد الرومانسي لدرجة النزق
لكنه اليوم عاد سعيدا يبشرها ان ما خافه لم يكن سرطاناً بل اضطراب في معدل الصفيحات بسبب أزمة برد حادة
نظرت لسقف المطبخ و هي تفكر: إذن عليّ ان اتصرف بنفسي
و كأن الله الذي في السموات سمعها فأشار عليها بالذهاب للكراج حيث كان ليون يوظب كل الجالونات الكبيرة هناك ثم عادت بجالون محلول غسيل زجاج السيارة الازرق و بدأت تعد الجلاتين
لم تتذكر اين قرأت او سمعت عن ذلك لكنها كانت شبه متأكدة ان هذه المادة تجلب الكثير من المشاكل و لذا و مع القحط الغريب في المواد السامة فقد قررت تجريب اي شئ
اوه, نظرت لكؤوس جيلاتين الفريز المائلة للاصفر بارتياح, سيأكل ليون الوديع كل هذه الكؤوس 
كم هو لطيف القتل من دون دماء ..كما أنه حل نظيف جدا 
لا دماء على الارض و الحيطان
لا صراخ و ارتباك
لا سحب للجثة
نظيف تماما 
كل ما عليها الان هو القيام بكوي قميصها الاسود المشغول الذي ارتدته يوم الاحد الماضي في عزاء جوني ابن عمها. لقد كانت تحب جوني و لو لم يمت لوضعته اليوم في قائمة عرسانها 
لذا و تقديرا له فهي سترتدي القميص الاسود المشغول على زوجها 
لكن من ستضع في مكان جوني على القائمة؟
اوه, لا بأس يا ليديا سيكون لديك الوقت الكثير للتفكير
عليك الانتظار يوم العزاء لرؤية من بقي منهم على صحته او على قيد الحياة
نعم 
نعم سيكون شيئا لطيفا ان تحقق اخيرا حلمها

الأحد، 19 يناير 2014

مذكرات زوجة متنيلة على عينها

بعد قرائتي لمقال بعنوان مذكرات زوجة في المدونة الجميلة: حوليات موناليزا و الذي اتمنى ان تمروا عليها, ملأني الكثير من الغيرة و الشعور بالغيض لكن أحد الردود من : مها البنا جعلني أفيق و أردد شر البلية ما يضحك 
هنا رابط المقال:
http://365-posts-110.blogspot.ca/2013/08/blog-post_31.html

و هنا ردّي الذي نشرته موناليزا مشكورة: 

مها البنا تعليقك جارح يا اختي
متخليكي محضر خير
اسمعي يا حلوة
ما زلت اتذكر كل مرة اتصل بك فتقول لي بحنان : عاوزة ايه خلصي, عندي شغل
ما زلت اتذكر قلقي من الارتباط بك و كيف قلت لي بلطف: انت فاكرة نفسك مين؟ ده انا حافضحك..
ما زلت اذكر طلب اهلي بعمل احتفال صغير و كيف وقفت في نص الصالة و قلت : انتو فاكريني ايه؟ انا ما فيش وراي غيركم؟
بصراحة مش عاوزة اتذكر رؤية امك لي و بوزها الموروب و لا تلفونات اختك و سؤالها عن عيلة امي و التقليب في سير نساء العيلة كلها
خصوصاً خصوصاً زيارة مامتك الميمونة في أسبوع البصل ...ديه بقى مش عاوزة افتكرها الا عشان انسى عزاب الآخرة
ما زلت اذكر كل مرة بتزعل فيها او اتفلق انا فيها و إزاي تتقمص و تقعد مكانك او تبعد لو صدف مريت جنبك ...
إزاي اقعد اتحايل عليك و أحاول اصالحك و اقولك خلاص الحياة لازم تستمر و انا هانتبه المرة الجاية ....طبعا عشان حضرتك و في كل مرة بتهدد بالطلاق يا عيني مش عشان حاجة تانية لو انت يعني فاكر نفسك طرزان
انا بصراحة مش فاكرة اني قلتلك يوم : ماذا لو طلبت منك الانفصال؟ لانني اصلا عارفة انها مش فارقة معاك و حتى لو فرقت فانت مش هتعمل حاجة تخليها تبان بالعكس ده انت ممكن بلطف و ابوة تحضرلي الشنطة و تحطها في العربية كمان
بالنسبة لفترات جناني و غضبي فأنت و الحمدلله اثبتت فيها كفاءة ملهاش مثيل
أظن واضح
عمرك يا حبيبي ما خليتني اغير عليك ابدا
صدقني حتى كلامك عن الستات اللي بتهجم عليك يا حبة عيني و لا كان يحرك فيا حاجة صدقني
عشان انا واثقة...... من ايه ؟ ما لكش دعوة المهم اني واثقة و خلاص
بالنسبة للغيرة عليا
يللا حتروح من ربنا فين؟
بالنسبة للموت و تصريحك انك حتحاول تحسن اختيارك المرة الجاية لو ربنا شاء و قدّر فأنا و ربنا مش زعلانة ..انا بجد اتمنى يكون في حياة بعد الموت عشان اقف على حافة السماء السابعة و شوف بنت الكلب ديه اللي انت ممرمط حياتي بحقيقة وجودها ....

هي الحكاية و كل ما فيها ان في صورة لواحدة ختيارة مع واحد ختيار على سرير ما يبدو انه الموت...و في ناس استنتجوا انها بتغازله و بتقوله كل ذكرياتهم الجميلة 
بصراحة انا ما كنتش عاوزة اقفش حد بس الصورة ديه اكييييييييد لان في مبلغ تأمين حلو في الموضوع
انا بتكلم من تجربة و ربنا

السبت، 18 يناير 2014

فضيلة الحب

الرسغ يؤلم
أما أسفل الظهر فيئن من وقع سوط لاسع يحرق عند المفصل
عيناه زائغتان
و شفتاه جافة
شعره مزيّت
و اهدابه مملحة

منظره العام يوحي بالتوقف و الجمود
أما روحه فمنشغلة بالحروب

لم يتحرك
منذ ساعتين
لم يتحرك
ينتظر ردّها على كلامه
لم يتحرك
ينتظر وعدها بلقياه
او
الحكم عليه بالشقاء

لم يتحرك منذ ساعتين
القهوة الباردة أمامه و الوجوه المتغيرة من حوله
تشهد على عذابه

لا يتحرك هذا أكيد, قال لنفسه
لا شئ في قلبها يتحرك, أقنع عقله
عقلها كماكينة ألمانية دقيق حتى في لحظات السكينة
لكن قلبها منطفئ

نظر لايقونة الساعة على اليمين أسفل شاشة اللاب توب
سيعطيها عشر دقائق لا أكثر لترد على رسالته الجديدة
أرسل شوقه مغلفاً بالداتا الافتراضية كوعودها و انتظر

كان عليه أن ينتظر كما قالت له يوماً
و إلا فما فضيلة الحب

الجمعة، 17 يناير 2014

حيث أنام

كيف سمحتَ لها بالاقتراب منك؟
كيف؟

كيف تركت لعينيك العنان للتعلق بها؟
كيف؟

ألم تستدل خديعة الحواس من تعلقي بك؟
ألم تفهم حرمة قتل العقل من لهفتي عليك؟

انت لا تستخف بي
لكنك تستخف بغضبي

انت لا تهمل ألمي
بل تنسى انك قد تتألم

انت لا تجهلني
إنما تجهل نفسك

قد لا أملك من الحضور ما يجعلني أقارُن بها
لكنها لا تملك الخيال الذي هو مملكتي

قد لا أملك رموشها الطويلة
لكنها لن تقوى على إخفاء النار التي تتّقد في عيناي
عيناي حيث تسكن أنت

نعم, لديها ذراعان طويلان صلبان يذكرانك بألهة الاغريق
لكنها لن تستطيع يوماً احتظانك كما أفعل

كفاها مزينان باصابع طويلة مستقيمة ملفوفة بالدلال
لكنها تجهل نحت التعاويذ على وجهك كما أفعل

اصمت, لا تحدثني عن صدرها الوافر و جذعها المتموج و سيقانها الصلبة
اصمت
اصمت, فإنت تعلم
و انا اعلم
و هي تعلم
أن لا شئ يضئ كالامل, يثير التفكير, يوحي بالامان كقصور الرخام
لكنها, أي القصور, لم تكن يوماً قادرة على مواجهة مؤمنٍ قررّ الانتقام
و انا
قررت الانتقام
رسمته في خطوط الحياة التي تشق باطن كفيّ
غنيته ترتيلة راهب يستعد لملاقاة وحوش المظطَهدين
و كتبته على صفحات الطريق حيث تطأ قدماك كل يوم

هه, ستتصنع الضياع في أقبيتها
لكنك ستختبأ من فراغ قاعاتها الصامتة

ستدّعي الاحتماء بصلابتها
لكنك ستتجمد بين عواميدها الصماء

و ستعود
تتسلل من زوايا الشوق و تثير اللهفة


ستعود
تحمل رايات الصلح و تعرض الوفاق

ستعود
ليس خوفاً من العقاب
بل أملاً في الاقتراب

ستعود
حيث رقة ماء الجدول

حيث تهوّر ريح المطر

حيث تنمو براعم الاحلام

ستعود
حيث أنام

الخميس، 16 يناير 2014

لن أفعل

لمس أناملي ثم رفعها ينظر إليها
قلت لنفسي سيقبل يدي
لكنه لم يفعل

أخذ دفتري الكبير المتهالك و فتحه
قلت لنفسي سيكتب لي شعراً
لكنه لم يفعل

عند بداية الممر الاسمنتي الذي يذوب في الغابة الصغيرة قرب بناء مستشفى القديسة جوستين, أبطأ خطاه
قلت لنفسي سيقول: أحبك
لكنه لم يفعل

عند الموقف المحتشد بالناس حيث يمرّ الباص الذي يقلني لبيتي توقفنا لنتودع
قلت لنفسي سيطلب رقم الموبايل
لكنه لم يفعل

في اليوم التالي عندما لمحته قادماً من جهة مقهى ستاربكس
قلت لنفسي سيقترب يتحدث إلي
لكنه لم يفعل

بدأت أهتم به مع أمالٍ عريضة
و انتهيت أحبه بيأس بالغ
أقول لنفسي لن يفعل يا نفسي, لن يفعل
لكن نفسي تأبى سماع النصائح
مع انها تصغي للوعود الزائفة

أفكر جدياً بالهرب منها
فأتناول الكراك كما تفعل ماريانا, او اتطوع في عمل انساني في الاكوادور كما سيفعل بيير
و هكذا أنسى الألم المقيت الذي يدمي القلب و يجرح الكبرياء

أفكر جدياً بخداعها
فأدخل في علاقة لطيفة مع شاب أخر, جوناس مثلاً
أمثل الاكتفاء و أقول له ما حلمت بقوله لحبيبي

أفكر جدياً بقتلها
فأعيش مرتاحة في عالم صامت دون مشاعر و لا أحلام
عالم هادئ مسكون بالاشياء و المنطق

أفكر جدياً
بأن اتوجه نحو حبيبي فور رؤيته
بأن أقف أمامه
انظر في عينيه
و اقول له
أحبك
أحبك
لكني
لكني لن أفعل



الأربعاء، 15 يناير 2014

المراية 2

- هلأ بس خبريني انت ليش معصبة؟ 
كانت سوسن التي زارت أهلها اليوم بعد أن أخذت طفليها للحضانة تحاول فهم نزق امها المفاجئ و عصبيتها الغريبة لكن من دون فائدة.
- منيح هزّيت طولك و تزكرت انو عندك ام و اب؟ اتهمتها الام قبل ان تترك المطبخ و تصعد للطابق الثاني.
- شو فيها؟ سألت سوسن مستغربة لكن الاب هزّ أكتافه عاجزاً عن الاجابة.

بعد ذهاب سوسن كانت أم سعيد فوق كعادتها هذه الايام. هذه المرة كانت في غرفة ابنها سعيد تنبش أغراضه و جوارير مكتبه. اخيرا وجدتها. الكاميرا التي كانت تبحث عنها من يومين.
- هاد سعيد الله يصلحه تركها في كرتونة.
فتحتها أم سعيد الكاميرا الديجيتال و بعد محاولات طويلة لكن مثابرة لتشغيلها قفزت من مكانها و دخلت الحمام تصور.
لم يقل لها احدهم كلمة اطراء واحدة على كل هذا التطور. لقد نحفت كثيراً و عادت الانحناءات لجسدها بعدما نسيت هي نفسها كيف كانت قبل ذلك. وجهها اصبح اكثر حيوية و اختفت أخاديد الايام تماماً.
لكن لم يقل احد اي شئ. لا ابو سعيد و لا سوسن و لا منيرة. هي ليست مجنونة. لقد تحسن شكلها بالفعل و لتثبت ذلك بحثت عن الكاميرا لتصور وجهها.
صرخة
صوت ارتطام
- شو في يا صفاء؟ نادى عليها زوجها من اسفل الدرج و هو يتكأ على عكازه.

كانت تبكي. راكعة بجسدها الثقيل على ركبتها المتورمة و رأسها يرتعش منكسراً.. منذ اسبوعان وهي تتقصد عدم النظر في مرايا البيت الاخرى. تلك الكبيرة في المدخل و الثانية في الحمام تحت. حتى انعكاس صورتها على زجاج الموبيليا في الصالون.
لقد كانت بشعة, بدينة و مسنّة.
خلال اسبوعان اكتشفت في هذه المرآة الساحرة حجم الخسارة التي تعرضت لها.
 اكتشفت كم كانت جميلة في صباها. كم كان خصرها دقيقاً و عيناها لماعتان. خلال اسبوعان اكتشفت خفة الروح و الابتسامة بدلال. اسبوعان و هذه المرآة الساخرة تضحك عليها و تريها الخدع.
- صفاء؟ لساتك بهالمضروب الحمام؟
- نازلة. قالت و هي تحاول ألا يسمع الخلل في نبرة صوتها و الشجن في كلماتها.
كانت قد تقبلت كل شئ. تصاريف الحياة, الغربة, التعب, المسؤولية, الاطفال, حتى خروج الاطفال من تحت كنفها كانت قد تقبلته داعية الله ان يوفقهم و يسدد خطاهم.
تقبلت مرض ابو سعيد و مواعيد الأطباء الكثيرة.
تقبلت روتينية الاعمال و الزيارات و الاشخاص.
كانت تحب هذا البيت الذي تراه اليوم كئيباً, قديماً و موحشاً.
وقفت بصعوبة و قد أثر انهيارها على ركبتها التي كانت تصدر صوتاً كأنين الحديد الصدأ. وقفت لترى هذه المرة نفسها بالخمسين عاماً التي يشي بها وجهها و جسدها و حتى أكفها.
هل كانت تحلم
هل كانت تهذي
هل زارها الشباب بضعة أيام أم أن هناك من تحالف ضدها و خدعها في مؤامرة دنيئة للهزء منها؟

هبطت الدرج بهدوء و هي تنتبه لكمية الغبار المتراكم عليه
كان ابو سعيد لازال في موضعه اسفل الدرج. نظرت نحوه بأسف متكأً على عكازه حيث خدعته قوته فإذا به يبتسم:
- شو؟ لساتك عم تشاوري عقلاتك ازا المراية لابقة على الحمام و للا لأ؟
 تعي, مدّ ذراعه نحوها , تعي انسيها شوي و انسي الشغل بضلك تحركي تحركي, تعي يا صفاء نطلع نروح نشرب قهوة في شي مكان .

سايرته و توجهت للمدخل تبحث عن المعاطف بينما بدأ يدندن بصوته الخافت و هو يتبعها بنظراته :
كتير كتير
كتير محلاية
يا حلوة يا حلوة شو الحكاية
ما قلتيلي شو الاسباب
عليكي بدي دق الباب
و اسأل عنك المراية
المراية ... المراية



الثلاثاء، 14 يناير 2014

المراية 1

دخلت صالة الحمام مستعجلة أمام العامل الذي كان يحمل العلبة الكرتون الكبيرة. شكرته بيعطيك العافية سريعة ثم بدأت تشير له الى المكان حيث سيثبت المرآة الواسعة ذات الكادر الخشب المدهون بفضي لمّاع و التي اهدرت ساعات و ساعات في مناقشات مع بناتها و زوجها قبل أخذ القرار الصعب بشراءها.
كان العامل ثرثاراً و لم يفتأ يذكر أعماله و نجاحاته كمعظم أؤلئك الذين كتب عليهم القدر التنقل بين الوجوه و الايادي لئلا يجدوا انفسهم يوما تحت الاقدام. هذا التنقل الذي كان يستدعي دوماً شرح كامل للسيرة الذاتية لتأكيد الخبرة و المعلمية و خصوصاً تحليل الأجر المطلوب.
أم سعيد كانت ترد عليه بلباقة بدون احاديث زائدة وهي تراقبه بحرص.
جاء وقت الحساب فدعته للنزول للطابق الارضي ليشرب كاسة شاي مع ابو سعيد زوجها و يتحاسبا. لم يكن الامر أكثر من محاولات معروفة مسبقاً لمداعبة شعور الايثار لدى هذا البسيط أملاً في تقليل أجرة يده.
كان ابو سعيد ابن بلد في هذه الامور و لولا الكسر في عظمة الحوض بسبب سقوطه الحر من على الشجرة التي امام المنزل في محاولة لقطعها لكان ركّب بنفسه المرآة إضافة لتغيير حوض المجلى القديم الذي أصبح اليوم على رأس الاولويات.
كانت صفاء تحب هذا البيت كثيراً رغم انهم لم يقضوا فيه سوى سبع سنوات. دخلوه عائلة كبيرة تحتضن ابناء في الثانوية لكن سرعان ما تزوجت سوسن ثم سافر سعيد ليعمل في فانكوفر في غرب كندا أما هناء الصغيرة فهي تسكن وسط المدينة في بيت صغير مع فتاتين عرب مثلها لتقليل الوقت الثمين الذي كان يضيع عليها كل يوم في المواصلات بين فابرفيل حيث يسكنون اليوم و بين الجامعة حيث تدرس طب اسنان.
بعد أن ذهب العامل وقد عمل لهم خصم 20 دولار متأملاً بأن يعتمدوا عليه في كل أعمال التصليح القادمة, قامت أم سعيد لتصعد  نحو صالة الحمام الكبيرة حيث ثبتوا المرآة الجديدة لتعاين تجانس الوان الرخام الابيض المشوب بعروق بنية متدرجة - و الذي تركع عليه ساعة كاملة و هي تفركه بفرشاة أسنان قديمة - مع خشب موبيليا الحمام البني العتيق و صنابيرالماء الستالس الحديثة.
- ما صارلهن سنتين, عللت ام سعيد في نفسها.
هم لا يستعملون هذا الحمام الواسع بل يقومون باستعمال الحمام الصغير في الطابق الاول كعادة كل أؤلئك الذين يربطون وجودهم بالاشياء التي يملكونها و المحافظة عليها حتى تكاد الاشياء تملكهم.

لم تلحظ التغيير إلا في اليوم التالي عندما دخلت صباحاً صالة الحمام و معها السللير و هي تحدث سوسن عن شكوكها ان يكون اللون الفضي في اطار المرآة الخشبي أكثر عتمة اللون الفضي الستالس لصنبور الماء و كعادتها بدأت الهلاوس تداهمها عن الفضيحة التي ستحصل لو اكتشف احدهم ذلك.
و بينما تتحدث وقع نظرها على خيالها في المرآة فبقيت ثابتة لحظات قبل أن تخرج مسرعة عندما نادى عليها زوجها.

اليوم الذي تلاه و بعد أن حظرت القهوة لأخيها ليشربها مع ابو سعيد و هما يتابعان الاخبار على الفضائية, صعدت الطابق الثاني و دخلت تنظر في المرآة من جديد. و هكذا تكررت زيارتها لخيالها في المرآة الواسعة البديعة. كانت تقترب و تبتعد و تنظر من زوايا عدة المرأة الواقفة مقابلها في ذلك اللوح الزجاجي. سواء أكان ضوء نهار شهر جانفييه خافتاً كئيباً او قوياً حارقاً كانت الصورة تبقى ذاتها لوجه ناعم بدون تجاعيد و رقبة خالية من الاخاديد و عينين متيقضتين لماعتين. لابد ان تتصل بأبنة حماها منيرة و تخبرها عن فعالية الكريم الذي اشترياه من الصيدلية.
اليوم مثلاً أخذت حقيبتها القماشية الصغيرة حيث تحتفظ بكريمات و أدوات مكياج بعضها قديم نحو الحمام و بدأت ترسم بقلم كحل قديم حدود عينيها قبل أن ينادي عليها زوجها لئلا يتأخرا عن موعده في المشفى.عندما عادا كان أبو سعيد يعاتبها لأنهما ضيعا الوقت في المرور على محلات الاميرة للتبضع. هو لم يكن ليتضايق من نشاط كهذا خصوصاً بعد تقاعده المبكر بسبب كسر الحوض لقد كان التبضع في المحلات العربية فائدة كبيرة سواء لانتهاز عروض الرخصة او لشراء جرنال الرسالة او  لفتح أحاديث جانبية مع بعض الزبائن. لكنه اليوم كان يريد العودة سريعاً لمتابعة لقاء على الجزيرة.
- كأنو تتقصدي نتأخر, ما كان تخلصي و تخلينا نرجع ع البيت.
و هكذا كانت ام سعيد تنهض بهمّة لعملها كل يوم قبل ان تصعد لفوق و تضع الماكياج ثم تقترح عليه الخروج لشراء حاجيات او المرور على هناء في شقتها الصغيرة لمساعدتها او الاتجاه نحو بيوت الاقارب.
لقد تغيرت كما اتهمها زوجها يوماً. نعم قالت لنفسها و هي تناظر خيالها في المرآة. بالطبع لقد تغيرت فقد فقدت على الاقل كيلوين من خصرها الذي كادت تنسى وجوده. سنوات الخمسين العتيقة هربت من محياها و توهجت خدودها بحمرة الحياة. حتى أرنبة أنفها اصبحت لماعة و شفتاها النحيلتان بدتا أكثر امتلاءاً.
و كأن الدم وجد أخيراً طريقه في عروق جثة قديمة مهملة, شعرت بشبابها يعود لها بعد كل سنوات الهروب. اختفت ألام مفاصلها و اصطبغت حياتها بشوق كبير عارم لم تدرك سببه.

الاثنين، 13 يناير 2014

ديودونيه حين ترفض الوقوف عند المقبول

سأحاول من فترة لأخرى الحديث عن أهم الاحداث التي تثير الميديا الغربية و خصوصا الفرنسية منها في محاولة للألقاء الضوء على ما يجري و التعريف بشكل افضل عن احواله
مثلا هذا الاسبوع كان اهم ما يثير الصحف و الميديا الفرنسية هو مسألة اقامة الكوميديان الفرنسي ديودينييه لعرض أستاند أب او شوكوميدي ...
و قبل ان أروي تفاصيل الموضوع سأوضح بعض النقاط:
اولا: تعتبر عروض الاستاند اب - الكوميديان يقف وحيدا على خشبة المسرح و يقوم بنقد الظواهر الاجتماعية السياسية او الاقتصادية بشكل ساخر- من العروض الشعبية المهمة في الدول الغربية و تحصل على متابعة الكثيرين كما أنها شخوصها هم نجوم مجتمع و فن.
ثانيا: ديودونييه و اسمه بالكامل ديودونييه مبالا مبالا هو كوميدي فرنسي من مواليد عام 1966 من أب كاميروني و أم فرنسية تألق نجمه في التسعينات و كان يقوم بعروض الستاندأب مع صديق طفولته الكوميديان أيليا شمعون و شكّلوا أنذاك ديو ناجح قبل ان ينفصلا ليقدم كل منهما عروضه وحيداً. يتميز ديودونييه بسخريته اللاذعة و انتقاده للكثير من مظاهر الثراء و الفساد في المجتمع كما أنه مقلّد بارع و قد كان ديودونيه حتى وقت قريب من اعلام الفن الساخر الفرنسي و يمكن مشاهدته في الفلم الفرنسي الكوميدي: استيريكس و اوبيليكس : مهمّة كليوباترا حيث قام بدور قائد كتيبة روماني
هنا رابط لمشهد من الفلم :




ثالثاً: في عام 2003 قام ديودونييه بعمل سكيتش باسم الحاخام النازي لتثار ضده حملة اتهامات بأنه ضد السامية و أنه عدائي ثم يتم مطالبته بالاعتذار رسمياً عن كل ما قاله. ديودونييه قام على اثر ذلك بشرح انه لا يحمل كره لأحد و ان ما قاله يدخل في إطار السخرية اللاذعة للتعبير عن وجهات نظر موجودة.. لكن شراسة الحملة و قوتها و كمية الاتهامات القادمة من كل حدب و صوب جعلته على ما يبدو يشعر أنه إن تراجع فسيؤدي ذلك لتراجع الكثير من القيم و المبادئ التي ينادي بها مما جعله يواصل سخريته و نقده.... هنا بدأت الاتهامات تأخذ منحى جدي و تم الاعتداء عليه في الشارع كما دعا الكثير لمقاطعته و محاكمته و هو ما حدث بالفعل و تعرض لمنع عروضه بشكل تعسفي و لاتهامات بالتهرب الضريبي و محاولات لإغلاق موقعه الالكتروني.... و بدأت نظريات التأمر مع العدو و تم تحليل كل ما يقوم به على هذا الاساس سواء من زيارته لأيان حيث استفبله الرئيس الايراني احمدي نجاد بشكل شخصي او موقفه من موت عرفات رغم انه استقبل وقتها حاخامات يوخد عبروا عن تضامنهم معه.


ما هي القصة اليوم؟
بدأ كل شئ عندما أعلن ديودونييه عن عرضه الستاندأب الكوميدي بعنوان :الحائط لتبدأ حملة جديدة تدعو الى المقاطعة و احتدم حين جاء قرار منعه من إقامة العرض بحجة أنه يحوي عناصر ضد السامية و أحاط رجال الامن بمسرحه الخاص الذي يملكه لمنع المئات من مريديه الذين قاموا بغناء النشيد الوطني الفرنسي لامارسيليه و غيره من الاغاني الثائرة بينما صرخت امراءة ستينية بسخرية : عاشت الديكتاتورية اليهودية.
عندها قام ديودونييه بالتنازل عن إقامة عرضه و أعلن عن عرض جديد سيهتم هذه المرة بأفريقيا و سيكون اسمه أسو زوا و ما معناه وجه الفيل لكن الحشود التي اجتمعت امام مسرحه و كادت تتحول للتشابك بين مؤيدين له و رافضين منعت إقامة العرض و قام على أثرها ديودونييه بالاعتراض للمحكمة الابتدائية التي اعطته الحق بإقامة عرضه هنا تدخل وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس و اعترض على الحكم في المحكمة الاستشارية الاعلى في البلاد و هنا جاء الحكم بالمنع .....

الجدير بذكره ان ديودونييه كان يسمى دوماً بالوحش الاسود و هو مصطلح يلقى على الشخصيات التي تثير الكثير من الجدل بسبب سخريته اللاذعى من الكثيرمن الامور الشائكة كالحجاب الاسلامي او دعم الحكومات الفرنسية للديكتاتوريات الافريقية او انتحاريي 11 سبتمبر او الاعلام الفرنسيي
يبقى القول أخيرا انه كل ما تم ذكره هو استطلاع سريع و هنا روابط يستطيع المهتم من خلالها التوثق من الاحداث و التواريخ مع العلم ان الكثير من الفيديوهات و المقالات تم حذفها..
http://en.wikipedia.org/wiki/Dieudonn%C3%A9_M%27bala_M%27bala
http://www.youtube.com/user/iamdieudo?feature=watch
http://www.lemonde.fr/societe/article/2013/12/28/la-tournee-de-dieudonne-dans-le-viseur-du-ministere-de-l-interieur_4341066_3224.html

الأحد، 12 يناير 2014

عملتها عملتها

طول عمري كنت أود الكتابة
بدأت بذلك قبل اللالتحاق بالمدرسة و كان اول شئ اكتبه بشكل طويل هو في عمر الخمس سنوات و كان رسالة من صفحة كاملة لرواد الفضاء اطلعهم على انجذابي لعالمهم و امنيتي ان اصعد يوما للفضاء الخارجي مثلهم
أمي التي كانت قد تركت تعليمها من الصف الخامس كانت الوحيدة التي ساندتني و أمنت بقدراتي لكن بعد سخرية لاذعة تعرضت لها من احدى قريباتي التي استشارتها امي لتوجهني في كتاباتي توقفنا انا و امي عن الحلم بأني املك شيئا لاقوله لهذا العالم
توقفت لأعوام و عندما كانت تجنح نفسي للكتابة اخفي القصاصات و الخواطر و لا أظهرها لأحد او ارميها. هذا الشعور بأنك أفّاق, كاذب و مدّعي لازال حتى الساعة و رغم السنين يحفر أخاديده الموبوئة في نفسي و يجيب على تسائلات كل من عرفني: ما سبب انعدام ثقتها بنفسها؟
لكن الكتابة او التعبير عن الذات لم يكن يوماً رفاهية او تمضية وقت بقدر ما كان حاجة للتركيز و الوعي بما نفكر به و ما نقوله و ما نحمله لما يحيط بنا
 كنت بشكل او بأخر أعي ذلك و كنت احلم انه في عالمٍ ما سأنشأ مدونة لإفرغ بها كل العته و اللغو -و شئ من الحكمة كما قال لي يوماً الدكتور المسؤول - و الاهم لأنّظم أولوياتي
لكن الخوف و الوجل من عدم القدرة على تقديم اي شئ يليق او السخرية كان أقوى من كل أمنية و من كل حلم...
فجأة و لظروف مختلفة و مختلطة قررت ان أنشأ مدونة
نعم
فتحت حساب و انشأت مدونة و بدأت اكتب كل ما يخطر على بالي
نعم 
عملتها
نعم 
عبرت الخط الاحمر المخيف الذي كان خيالي الطفولي قد رسمه لي 
و اصبحت لا اهذي لوحدي على اطراف صفحات الاجندات و الدفاتر القديمة
ياااااه كم هو سهل عمل مدونة
و كم هو حقير انتظار من يقرأ ما تكتبه و يعلق حتى لو بشتيمة
اول ما نسخته على المدونة هو قصة عاطفية
خخخخخ نعم
شيئا يشبه روايات عبير
عليّ أولا ان اوضح اننا كنا نعيش في مدينة صغيرة و كان الخروج بحد ذاته مشكلة فما بالك بشراء الكتب
كانت اختي قد تعرفت على فتاة تملك اخت هذه الاخيرة مكتبة كاملة من روايات عبير التي تبعثها لها خالتها من العاصمة و طبعا كانت اختي الكبرى تحرّم علي الاقتراب من الكتب -التي كانت تستعيرها- لانها لا تصلح لعمري
ذات يوم قرأت رواية حتى منتصفها في اقل من ساعة و لم اكلمها بسبب الكبسة التي جاءت
وقتها لم اشعر بأي انبهار و ردّدت في نفسي انني استطيع كتابة شئ كهذا. بعد سنوات و في محاولتي لكتابة شئ غير الخاطرة كنت اجد نفسي دوماً اقع في فخ الكتابة الرومانسية..ابدأ قصة عن عائلة تصدم بوفاة الام لأجد نفسي اشيح مع الابنة النظر من على جثة الام نحو ابن الجيران الواقف جانباً
ابدا قصة بوليسية عن محققة شابة تحقق في مقتل زوجة احد زبائن المكتب الذي تعمل فيه لاجد نفسي اجادلها حول الموظف الايطالي الشاب الذي يعمل في نفس المكتب ثم تقع في الحب مع من تشتبه بقيامه بالقتل
ابدأ شيئا عن الازمة السورية لاجد نفسي اتحدث عن فتاة سورية و لاجئ فلسطيني يلتقيان في شوارع مونتريال المثلجة
لذا فإني أود أن اقول شيئا
انا بحق اعتذر عن كوني اكتب قصصا عاطفية
كنت اتمنى ان اكتب شيئا كسنوات الحرب و السلام, ان اتحدث عن معاناة المساكين و اضطراب المتعبين, كنت اود ان اروي كل ما يعنيني من روحانيات و صلوات و تأملات في هذا الكون
لكني لا استطيع حاليا الكتابة الا عن الحب و المواعيد و الوله ...
شئ مخجل بحق
قد يعود ذلك لترسبات ما عالقة من ايام الطفولة و المراهقة التي لم اعشها تماما
لكنه بالتأكيد ليس مرضاً
كما أنه ليس أملة
فأنا شخصياً لم أفلح حتى الساعة بالانتهاء من قراءة رواية رومانسية مهما كان شأنها
أملّ سريعاً و انا لا استوعب فائدة الحشو و الاطالة في توصيف المجرمة التي يتبهدل البطل من أجل عينيها
كثيراً لا أفهم سرّ جمودها و أنزعج بشكل شخصي من تصرفاتها
أعتقد أني اتعامل مع الموضوع بشكل شخصي لانه لم يسبق لي بعيش اي حكاية حب
لكن هذا موضوع يستحق المناقشة مع طبيبي النفسي و ليس معكم
حالياً أنا أجد متعة كبيرة في الكتابة
و رغم خجلي من ذلك لكني قررت الالتزام بالاستمرار لانني لا املك اختيارا اخرا سوى الاستمرار...
لا استطيع العيش بدون كتابة بل لا استطيع الاستمرار بالعيش بعقل متوازن بدون كتابة
من الأخر كده
ما اكتبه قد لا يستحق القراءة لكنه حتماً يستحق الكتابة

السبت، 11 يناير 2014

تويتر . قراءة سريعة للتجربة

أخيرا و بشكل رسمي دخلت عالم تويتر الذي طالما سمعت عنه.. لم يكن تأخيري بالتطفل على ذلك العالم الافتراضي استهانة به بقدر ما كان انشغالاً و توجساً ...انشغالاً بالمئة و خمسين مشروع الذي يفيض بهم رأسي و توجساً من الرقيب الازلي الذي ما فتأ يراقبني منذ طفولتي و يسجل علي الملاحظات و يكتب فيّ التقارير...
تعريفي لتويتر هو انه اشبه بمقهى كبير يحتوي على خاصية انك تستطيع تحديد معالمه و حجمه, فلو اردته يكون صغيرا يحتوي طاولتين او واسعا تتباعد جدرانه ليمتلا بالبشر من كل الاشكال و الانواع... في هذا المقهى ايضا تمتلك خاصية طرد من لا يعجبك فتعمل له بلوك و هكذا و رغم وجوده فهو غير مرئي فلا ينغصّ عليك عيشتك في كونه مختلف عنك او حاقد عليك كما تدعي
مثله مثل اي مقهى شعبي لستَ هنا لسماع الاخبار و حضور المبارة بتسعيرة كأس شاي بل انت هنا للجلوس مع الناس و مشاهدتهم و سماعهم ..
و هكذا بدأت و اقتربت من الطاولات بحسب الاسماء التي اعرفها. فوجدت طاولة الكبار أوي... هؤلاء هم ناس معروفين خارج توتير و لهم شخوصهم الاعتبارية و يدخلون تويتر بهذه الاسماء و بصورهم التي تذكّر الناس بمصداقيتهم و مسؤوليتهم عما يقولوه. أول ما تلحظه هو ندرة دخولهم لتويتر و استعمالهم له كنوع من التعريف بأعمالهم و شئ من التواصل مع الناس العاديين .... بالنسبة للحالة المصرية فهم من المعنيين بالشأن العام من نشطاء و سياسيين و ممثلين و كتاب اعمدة في مواقع معروفة
هنا بدأت اتابع البوب: البرادعي, احمد سمير و بلال فضل
لو حصل و ان عمل احدهم لك رتويت او فيفوريت فأعلم انك مميز ... او هكذا قل لنفسك في محاولة لرفع المعنويات

في الطاولة الاقرب لهذه الطاولة تجد نفسك. و نفسك هذه هي أناس تتقاسم و اياهم الكثير من الافكار و الرؤى.... معظمهم لا يستعمل اسمه و صورته الحقيقية لكنهم هنا كلا منهم يحمل افكاره و هواجسه في محاولة لتخفيف تبعات الالم و الاثم عبر تقاسمها... المشهورون منهم صاحبوا الاصوات الاكثر علواً هم المبدعون الذي لم يصلوا بعد لعامة الناس و الذين في معظم الاحيان في انتظار تحقيق مشاريع مهمة...

هناك ايضا طاولة المعلومات :: معظمهم اناس يتابعون الاخبار بشكل جيد و يعَدّون مصدر هام لما يحدث ميدانياً كالنشطاء سواء في مصر او سوريا. معظم المصريين منهم يضعون اسماءهم و صورهم بينما قلة من السوريين يقومون بذلك و ذلك طبعاً بسبب الحالة الامنية في سوريا.

بعيدا عنهم تماما عثرت على طاولة واسعة كبيرة و صاخبة ...معظم التايم لاين الذي كنت افتحه بشكل يومي كان ممتلأً بصخب هؤلاء الصغار المندفعين.. لهم قوانينهم الخاصة و لوائحهم الخاصة و تغريداتهم الخاصة ايضا... و يتوجب على كل من يجلس معهم احترام هذه القواعد:
 اولا: التقدير من يرد عليك فهو يستحق ان تتابعه و تعمله فولو.. ثانيا لو عملتله فولو لازم يرد الجميل و يعملك فولو... ثالثا لو صاحب بجد تعمل رتويت... و هكذا وجدت نفسي و بدون ادنى جهد حاصلة على متابعة اكثر من خمسين افاتار خلال اقل من يومين... و هكذا بدأ التايم لاين (لم أعثر على ما يعادله بالعربية ) قد امتلأ بالتويتات ..
هم شباب (و شابات ) لطفاء أولاد ناس طيبين من الذين تتشابك امالهم و أحلامهم, معظمهم لم يسبق له الحب او على الاقل اقامة علاقة ... لازالوا في طور تكوين شخصيتهم ويعد ما يكتبوه خليطاً من جمل اعجبوا بها في مكان ما فكتبوها لتجد ان تويتة معينة قد قام اكثر من شخص و في اوقات زمنية متباعدة بكتابتها و الادعاء بأحقيتها او ربما نسيان انها ليست من نتاج افكارهم الخاصة.. كما تجد الكثير من الادعية و الحضّ على الصلاة و هو ما يعكس مدى القلق و التردد الذي يملأهم في فترة مهمة من تطور شخصيتهم و اعتقاداتهم. تجد ايضا تركيزا كبيرا على الهم اليومي الذي يتركز حول المذاكرة.. الكثير الكثير من مقاطع الاغاني الرومنسية و الخواطر الشبه شعرية او حتى غير شعرية عن الحب و الاخر الذي ما بنفرقش معاه... و كلها ليست سوى محادثة شخصية مع النفس حول كيفية ادارة العلاقات مع الاخر سواء كان هذا الاخر هو الاهل ام الاصدقاء ام حتى الحبيب الذي لم يظهر بعد... يتميزون بنشاط كبير من القص و اللزق مع القليل جدا من الابداع و تضييع الوقت... لكنه برأيي طبيعي جدا لهذه المرحلة من العمر
المشكلة الحقيقية مع تويتر تكمن في الادمان..اي نعم..الادمان..تجد نفسك تطالع ما كتبه اناس تهتم حقيقة برؤيتهم للعالم او لموضوع معين ثم و بشكل طبيعي ترد ثم تنتظر بين مئات التغريدات التي يحفل بها التايم لاين و تتجدد بشكل سريع ان يردوا عليك ثم تتنبه لشئ جديد هنا ..لتجد نفسك و لانك رديت على تغريدة للكاتب وائل جمال تضيع ساعة من وقتك في مطالعة ما كتبه أو ما أعاد تغريده كل الناس الذين تتابعهم و الذين لو زادوا عن المئة فأنت ضائع لا محالة.. تجد نفسك تتعرف على حسابات جديدة و تقوم بعمل اضافة و متابعة لاناس جداد لتخرج بعد وقت طويل و انت قد حصلت او لم تحصل بعد على الرد الذي كنت تنتظره.
يصبح الموضوع اشبه بحالة الحب .. حيث يقف العاشق على ناصية الشارع بدون موعد مسبق ينتظر مرور محبوبته و كل ما يجعله يتحمل البرد و المطر و التهميش و الوقت هو الامل انها ستمر بدون ادنى معلومة عن مواعيدها...  و هكذا تطالع لساعات تايم لاين مملوء بالغث و السمين من تغريدات هامشية بين اصدقاء حقيقين لمواعدة على شرب فنجان قهوة الى مهاترات ماجنة بين عدد من الساخطين الى اراء او اتهامات متبادلة بين فصائل و مفكرين و انت مثلك مثلهم و حالك من حالهم تعيد و تزيد و تقرأ و تعيد القراءة لتايم لاين طويل لا ينتهي و لفراغ قاتل لا يشبع من السرحان في خلاء دماغك
بعد شهر و الكثير من اللحظات المهمة استطيع القول اني لا افهم حقيقة فائدة توتير... فأي موقع صحفي اخباري او غير اخباري يقوم بالمهمة و زيادة.. حتى المنتديات فائدتها اكثر.. اعتقد ان تويتر العربي او فلنقل و حسب تجربتي القصيرة تويتر المصري يكاد يعيش اخر عصوره الذهبية فتلك الهالة الكبيرة التي صاحبت انتشاره من كونه يجعلك تقترب و تكاد تلمس كل من سمعت عنهم و قرأتهم او شاهدتهم قد بدأت تخفّ لتعريّ معها حقيقة ان تويتر ليس سوى شبكة اتصال عادية لكنها مفتوحة بحري حيث يستطلع الكل على ما قلته لصديقك و ما شتمته لخصمك.. و اصبحت كما يردد معظمهم اليوم بضان اوي

الجمعة، 10 يناير 2014

غُصن لافاند 2


أخيراً خرج الموكب من الغرفة و هم يؤكدون لها التعليمات المعتادة و ضرورة وجود أحد من اقارب المريض في المشفى ليتابع اي اجراءات مستعجلة. 
كانت تهزّ رأسها موافقة و هي تعاين الرجل على السرير المتنقل. 
لم يكن أباها
لم يكن يشبهه و لم تكن تعرفه
كان كومة من العظام و الجلد المجعد و الشعر الكثيف
كان جثة تتأوه 
جثة تبصق على الحياة المعلّقة 
عادت تنظر حولها بعد أن ذهبوا و هي تعاين جحيمها. كانت رائحة البراز المختلطة بالادوية و ماء الجافيل الحارق قد تجذّرت في شُعبها الهوائية فعادت بألية و برود و سرعة تنظف و ترمي و تملأ الاكياس السوداء ثم دخلت تستحم ثم رمت كل الاكياس في مكبّ الزبالة ثم عادت للشقة تأخذ حقيبتها.
عندما خرجت و بينما تقفل الباب ورائها كان هناك واقفاً أمامها ينظر مباشرة نحوها. كان ثلاثيني قدّرت في نفسها منذ رأته أول مرة في المصعد منذ حوالي الشهر. كان عربياً أيضاً هذا أكيد و كان في كندا من فترة طويلة لأنه تصرف كعادة الكنديين من أصول عربية حين يلتقون بالعرب الفريش الذين لم يعتادوا بعد أجواء الكآبة و الوحشة فيتجاهلونهم ببرود و جلافة و الكثير من التعالي.
كان هنا واقفاً يتهيأ الدخول لشقته. 
لا تدري ما الذي جعلها تبقى واقفة للحظات أمام باب شقتها. 
هل كانت تنتظر أن يسلمّ عليها ؟
هل كانت تنتهز الفرصة لتقف أكبر مدة ممكنة أمامه؟ 
المهم ان المشهد انتهى بسرعة عندما أدار أخيراً مقبض الباب حيث كانت يده فقررت هي الابتعاد بسرعة و خيلاء نحو المصعد.
خيلاء 
أية خيلاء؟
عاينت وجهها الشاحب و شعرها المربوط الرطب و ملابسها الواسعة في مرآة المصعد الكبيرة. عاينت حياتها السقيمة من دون أهل و لا أصدقاء. عاينت حرمانها.
توقف المصعد و دخلت فيه مدام لافواه. كانت لطيفة هذه السيدة. سلمت على إيمان و سألتها بشفقة:
- هل الاسعاف كان هنا من اجل ابيك؟
نعم, ردت عليها ايمان و رغم كرهها لإعادة نفس الحديث عن المرض و المستشفى و الصبر و الحياة إلا ان تربيتها لم تكن تسمح لها إلا بسماع كلمات المواساة باحترام و ودّ. كانت لا تزال بنت ناس - كما كان يردد أباها و أمها لتحذيرها من التصرفات السيئة- رغماً عنها و لم تنفع غربة  السبع سنوات في تغييرها. 
أخيراً خرجتا من المصعد في الدور الارضي و استدارت مدام لافواه نحو البوابة الرئيسية حيث ينتظرها زوجها بينما كادت إيمان أن تتوجه لقبو الكراج قبل أن تتوقف و تسأل مدام لافوه بحرج:
- هل تظنين ان هناك رائحة غير مستحبة في ملابسي؟ قبل أن تضيف شارحة, لقد نظفت كل شئ لكني أخاف ان تعلق الرائحة بيّ. 
كان هذا أكبر همومها حالياً. ان تبقى رائحة القذارة عالقة بها فتتجنبها الممرضات و المرضى.
نظرت نحوها جوزلين لافواه بعينيها الزرقاوتين المملؤتين ماءاً وقالت لها و قد اراحت يمينها على ذراع إيمان:
- عزيزتي, انت غصنٌ من اللافاند الناعم . 
طوال الطريق بسيارتها نحو المشفى بقيت إيمان تردّد  العبارة الجميلة:
 Tu es un doux épis de lavande doux 


لماذا لم يقل لها هذه الجملة أحدهم؟
لماذا لم يقلها شاب و هو يحدق في عينيها؟
لماذا لم يسلّم عليها ذاك الجار المتعالي؟

الخميس، 9 يناير 2014

غصن لافاند1

فَتحَت باب الشقة ببطء لتصعقها رائحة مقرفة فأغمضت عيناها لحظة. 
هي لم تعتاد الاسئلة و البحث عن الاجابات لكن الاسئلة اعتادتها..
هل أغمضت عيناها في محاولة لتثبيت اللحظة التي سبقت فتحها لباب الشقة في محاولة لملئ العقل بشئ أخر غير القرف الذي يواجهها في الداخل؟
هل اغمضتهما في محاولة للثبات و لمّ أطراف ما تبقى لها من شجاعة ؟
المهم أنها دخلت و أغلقت الباب بسرعة ثم توجهت نحو المطبخ حيث شغّلت على أقصى سرعة مروحة الشافط الهوائي المثبتة فوق الفرن. وضعت حقيبتها و معطفها على كرسي المطبخ و دون أن تخلع بوطها الثقيل توجهت للحمام لتشغّل مروحته أيضاً ثم ارتدت كفوفاً بلاستيكية طويلة و وضعت كمامات و أخذت لفافة مراحم ورقية كبيرة و أكياس فارغة من خزانة الحمام ثم توجهت لغرفة أبيها المريض حيث مصدر الرائحة. بدأت بسرعة و بشكل عملي تدربت عليه طوال الاشهر الاخيرة من انحدار صحة ابيها في فخ المرض اللعين الذي ينهش أحشاءه.
كان اباها مستلقي بشكل سئ على سريره و كان يئن. لم تنظر نحوه و لم تسأله. كانت قد حفظت المشهد. لقد قام ليتوجه للحمام فإذا بجسده يخدعه و يقذف بما تحتويه أحشاءه النتنة على ارضية الغرفة. 
في الاسابيع الاولى لتداعيات مرضه كانت تحاول التهوين عليه بينما تخونها دموعها و نفسها و هي تمسح الارض المتسخة سواء بالقئ او غيره.. بعد مدة فقدت القدرة على البكاء لانها فقدت القدرة على الاندهاش و المفاجأة و بقيت تمسح بصمت. منذ شهر بدأت تشتم حيث تشغّل التلفاز على اعلى صوت و تدخل غرفتها و تزعق شاتمة بالانكليزية حتى لا يفهمها.
بعد أن قامت بالتنظيف الاولي و رمت كل شئ حتى قفازاتها في كيس اسود كبير احكمت اغلاقه غسلت يديها و توجهت للتلفون تتصل بالاسعاف ثم عادت تردي قفازات جديدة و اخذت هذه المرة قارورة سائل بخاخ مضاد للجراثيم و عادت للغرفة من جديد.
بدأت تمسح بعصبية و انفعال.
هذا الرجل المتعجرف الذي يرفض وضع حفاظات مخصصة لحالته و يرمي بها و بنفسه في جحيم المرض و قرفه و كآبته. هذا الرجل الذي لم يحبها يوماً. هذا الرجل الذي كان ينتظرها صبياً يعانده و يهجره. هذا الرجل يعارض منطق الاشياء و سنّة الحياة و يرفض و يرفض و يرفض.
- شيت اوف ذه ***
أفلتت شتيمة. كانت تشتم بالانكليزية ليس لانها تخاف ان يفهم بل لانها كانت تقرف الشتم بالعربية. لقد تربت و ترعرت بطريقة كانت فيها كلمة كلب او اخرس تعتبر شتيمة. كثير من الشتائم المخجلة لم تعرفها الا هنا في مونتريال من أشخاص أجانب تعلموها بدورهم من عرب و كانوا يقولوها لها على سبيل المزاح:
- انظري نحن نتكلم العربية ثم يتلفظون الكلمة القبيحة فتشتد اعصابها و تعلو الحمرة وجهها الاسمر الناعم.
عادت لتفتح كيساً أسوداً جديداً و ترمي فيه كل شئ ثم قامت بغسل يديها و لبس قفازات جديدة و البدء الان بعملية تغيير ملابس الاب. 
وصل المسعفون. 
كانا شاباً في مقتبل العمر وسيماً طويلاً و امراءة شقراء متوسطة الطول و العمر. المرأة كانت تبدو أكثر صلابة و خبرة من الشاب الذي كان يسمع لتعليماتها بانتباه شديد. 
سألاها الاسئلة المعتادة فاعطتهم ملفاً فيه كل اوراق ابيها و عندما نقلا المريض من فوق سريره الى السرير النقّال المخصص الذي احضراه, قامت فوراً بسحب الملاءات و الاغطية و لفها ثم اتجهت لترميها كلها في الكيس الاسود.
منذ فترة اعتادت ذلك بعد ان قرفت غسيل ملاءات قذرة تبقى رائحة العفن عالقة بها.
كان أباها يئن و هو شبه غائب عن الوعي فنادتها المراءة المسعفة: 
- ما الذي يقوله؟
وقفت لحظة تركزّ أخيراً فيما يهذيه أبيها ثم ردت:
- سميرة. إنه ينادي على أمي.
- هل من الممكن ان تطلبي منها الحضور؟ لربما يودّ قول شئ لها. اقترحت المسعفة فنظرت إيمان لوجه السيدة الجميلة أمامها ثم رددت ببلاهة:
- أمي متوفية.

الأربعاء، 8 يناير 2014

خيبة

تعال
اقترب
لا للوجل و لا للمغفرة
تعال
اقترب
هنا ترقد احشائك المقفرة
قلبك يطرق بعنف و جَفناك يرتجفان
أما يدياك فمكبلتان بموتٍ صامت
تعال
انظر
كيف يزعف القدر حلمك المتهالك
هاهو ملقى جانباً يتحشرج أنينه بالدم و البصاق
لا تقربه فتزيد من أمد معاناته
تعال
انظر
الوادي العميق أمامك
انه جرحك بتاريخه الطويل 
بسوداويته 
بصمته
تعال
انظر
حجم خيبتك
حيث فراغ اليأس اللامتناهي

الثلاثاء، 7 يناير 2014

هل تعلم


استطيع القول من خلال دراستي القصيرة في الكيمياء الحيوية و الطب الخلوي  أن الباحثين في هذه الميادين ينقسمون لقسمين:
- قسم يجد ان الشيخوخة هي نوع من السرطان العام الذي يصيب الجسم و هو السبب نفسه الذي يعقد البحوث حول عقاقير ضد مرض السرطان لأنه أي المرض إنما يحمل شيئا من أصل الحياة و مقاومته تعني مقاومة دورة الحياة (ولادة - تزاوج لاعطاء جيل جديد ثم موت)
- القسم الثاني يعتبر ان الشيخوخة مستقلة تماماً عن مرض السرطان و هي لا تعنى بذات المراحل و أن أعراض الشيخوخة هي التي تشجع على انتشار مرض السرطان و ليس العكس

أخيراً أودّ هنا التوضيح أنه فيما يخص مرض السرطان الكتليّ - و أقصد هنا معظم انواع أمراض السرطان ما عدا سرطان الدم و السائل اللمفي - فإنه يمر بمراحل أساسية :
مرحلة أولى تتعرض فيها خلية من النسيج لطفرة تسبب عدة أعراض فمثلا هذه الخلية ستنمو بشكل مستقل عن باقي النسيج و لن تتأثر بالمركبات الكيميائية التي تحد من نشاط الخلايا و تنظم عمل الجسم بشكل متناسق
من هذه الخلية سيتشكل مجموعة من الخلايا التي تحمل كلها هذه الصفات بشكل متفاوت. هذه الكتلة التي تسمى بالورم الأولي تتشكل بعد حوالي عشر سنين من المرحلة الاولي
حتى هذه المرحلة يمكن التخلص من الورم السرطاني باستأصاله جراحياً و هو سبب مهم في نجاة الكثير من النساء من الموت نتيجة سرطان الثدي و ذلك بالكشف المبكر عنه و هو لا زال في مرحلة الورم الاولي
لو لم يتم الكشف و استئصال الورم فهو يتطور خلال ثلاث سنوات ليصل مرض السرطان لمرحلة الانتشار حيث تخرج الخلايا المسرطنة التي تشكل الورم و تبدأ في التجول في انحاء الجسم لتعود و تتجذر في أنسجة أخرى و في هذه الحالة فالحل الوحيد للتخلص من المرض يكون في العلاج الكيميائي بشكل متقارب الذي يؤدي لقتل هذه الخلايا الشرهة للطاقة.

ما تمت كتابته هو مجرد كشف مبدئي و بسيط عن موضوع يشغل بالنا, أتمنى أن يحفزّ فتح باب النقاش مع المهتمين كنوع من تبادل المعلومات و الافكار 
و مستعدة للاجابة على قدر ما أعرفه عن استفساراتكم او توجيهكم نحو أخر و أهم ما تم معرفته في ما يخص هذا الموضوع 
تفضّل بالتعليق للاستفسار سواء عن المصادر او المعلومات  

الاثنين، 6 يناير 2014

يا أيها السعيد

أيها الملاك الملتحف بأشعة النور

قد بلغك الصبح قبلي وقد بلغك الحبور


تحية


أما أنا يا نسمة الروح فلا زالت العتمة تلف فضائي


هواء الشمال القاسي و كآبته تشق جراحي


المعتمة


فلا يصلني من مواعيدك المبهجة سوى كلمات


و لا يبقى من أثرها على النفس إلا آهات 


و حرقة 


أيها البعيد في دروب هذا الكون 


لا تنظر لسمائي


اخاف عليك من عطشها


لا تعاين  قلبي 


أخاف عليك من وحشته


لا تقترب 


أهاب لمعان الشمس في اطراف عيونك


لا تلمسني 


ارتجف من حرارة الحياة في عروقك


و أخاف


و أخيف


أنا همجي لا يفقه عذب الحروف و لا حُسنها


تشربَت المرارة في قلبي فأصبح كأسها 


أما القسوة 


فهي عنواني


يا ناعم الاهداب كزهرة الجوري المخمل


جَرحتُك؟


يا رقيق النظرات كصفحة ماء الجدول


جرحتك؟


أم تراك لازٍلت تحتفظ بجينات الشرق


فتنبعث أحاسيسك من جديد


غير آبه بغلاظة روحي السقيمة


ستزورني يا عنيد


لتبعث لي كل صباح بشئ من روحك


شئ من فرحك


شئ من عيونك


يا أيها السعيد