expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الخميس، 29 يناير 2015

خواطر

لكن الحيوة الثانية ليست على هذه الارض القديمة
و لا تحت سماءها الملوثة
لكن يا ابنة الشقاء
لا شئ يعود
سوى الحماقة
و الازدراء
و الشتيمة

الجمعة، 23 يناير 2015

حياة

كان يا ما كان..
لا نحكي الحكايا الا بعد نهايتها. نحتاج لنهاية ما لتكتسب الحكاية اسمها فلا تبقى مجرد نميمة. في نفس الوقت فنحن نحتاج للحكاية.
ما مضى و حدث لم يكن الحياة لان اعلان نهايته هو اعلان لنهاية الحياة. يبحث العقل الشقي عن شق صغير للهرب و يخترع مصطلح الحكاية. الحكايات تنتهي اما الحيوات فلا نريد لها انتهاء. فنطلق اسم حكاية على كل ما مضى و نسرده بهدوء متصنعين الحكمة لاننا بحاجة الى مغزى.

"كان حبه حياة 
و موت
و وعد بالانبعاث
قبل ان ينتهي كل شئ"

كيف لك ان تعيش مع هذا؟ كيف لك ان تستمر مع هذا؟
أولا : تعترف بنهايته. ثانيا: تبحث عن حكمة و مغزى ما. ثالثا: تلصق بكل ما مضى تسمية الحكاية ..

رابعا: تحكي و تحكي و تحكي ..و تحكي حكايتك التعيسة حتى تصدق نفسك بأنها لم تكن سوى حكاية
بأنها لم تكن حياة.

السبت، 17 يناير 2015

كابوس طفولي

اتقدم في ممر مدرستي الابتدائية
اقترب من الحمامات
التفت ناحية صوت خرير الماء المندفع من الصنابير الغير مغلقة
تدخل رفيقاتي راكضات بينما ابقى انا واقفة
امام الحمامات الكبيرة الواسعة
فجأة يقفز على ظهري
حيوان؟  وحش؟  احد الرفاق المشاغبين؟ لا ادري
يتشبث بي و تخور قدماي بسبب ثقله
افتح فمي لاصيح
اصيح
لكن الصوت لا يخرج من جوفي المذعور
اصيح
و لا يسمعني احد
يغرز الشيطان مخالبه في كتفي
رأسه المسنود على رأسي يجبرني على الانحناء
اريد ان ارفع رأسي لاعاين رفيقاتي و هن يضحكن و هن يتراشقن بالماء
لا استطيع
ابكي
اصيح لكن لا صوت لي
لا احد ينجدني و لا اقوى على الهروب



الجمعة، 9 يناير 2015

ذكوري

- ليه بتقييم الموضوع بالطريقة ديه؟
نظرت إليه متفحصة و متحفزة رغم قسماتها الهادئة
اشاح بنظره عنها و اعتدل في جلسته على الكرسي الخيزراني القديم. لقد حاول طوال السنين الاخيرة تفاديها. افكارها, أرائها و حتى تصرفاتها كلها كانت تزيد اكثر فاكثر من حساسيته تجاهها.
عادت امه بالورقة التي وصلتها من المحافظة و طلبت من اخته علياء ان تقرأها لكنه سرعان ما سحب الورقة :
- هاتي
شعوره بالاستياء رافقه طوال طريق عودته للبيت و حتى بعد ان شاهد مباراة على القناة الاوربية
هذه الفتاة المزعجة, قالها في نفسه, ما الذي يجول في عقلها؟

- و علياء قالت ايه؟ سألته زوجته و هي تطالع مجلة عندما استلقى على السرير
- فإيه؟
- بإنذار المحافظة, قالت ايه؟
حرك كتفيه باستخفاف و لم يجب فبادرته قائلة و قد اقفلت مجلتها بعصبية :
- و ربنا كنت عارفة وهي نفسها قالتلي, و قبل ان يستفسر اكملت, قالتلي انك هتعمل عكس اللي هي هتقوله.
- مش صحيح, قالها بامتعاض محاولا اخفاء احساسه بأنه مكشوف, اصلا هي ما قالتش حاجة و قالت انها مش  عارفة المفروض نعمل ايه..
صمتت زوجته لحظة ثم اضافت بهدوء:
- أمال مالك؟
- ماليش
سحبت شيري نفسا عميقا قبل ان تقول:
- تحب اقول رأيي و الا انت عارفه
- عارفه, قالها و هو يسحب اللحاف عليه و يدير لها ظهره.

كان قد حفظ تماما ما تدعي شيري انه رأيها و كان يخمن ان ذلك انما رأي علياء نفسها و الذي نقلته لشيري لكن المشكلة انه كان يشك في كون ذلك صحيحا..
يواجه الناس في المراهقة معضلة الخروج عن الطاعة التي تتمثل في الاب و الام و نُظم المجتمع. هذا الخروج يعد الاختبار الحقيقي لقدرتهم على المواجهة. كانت المراهقة و اوائل الشباب بالنسبة له عبارة عن معارك يومية للبحث عن الهوية و اثبات تلك الهوية, كانت مرحلة مملؤوة بالحماس و الاحباط ايضا. شجارات يومية مع الجميع و الكثير من النزق و التهديد و القرارات المفاجئة.
خرج من تلك الحرب و قد سنّ قوانينه الخاصة و رسم لنفسه حيزاً مهماً في حياة من حوله.
فجأة و على اعتاب الخامسة و العشرين بدأت اخته التي تكبره عاما و نصف معركتها, ليكتشف فجأة انه وقع في الفخ.
معركتها المتأخرة اعادته للجبهة و هو الذي كان قد بدأ حروبا في منطقة اخرى بأساليب اخرى: العمل ..
وجد نفسه مهدد و من قبل عدو اخطر من كل من عرفهم, علياء لم تكن هادئة كأبيه, ساذجة كأمه او نزقة مثله, كما ان تمردها كان اشدّ و قدرتها على تحمل الضربات القاسية ادهشته
بعد كل شجار و بعد ان يظن ان صوته الجهوري و اتهاماته القاتلة قد حسمت المعركة لصالحه يجدها تعود من جديد اكثر ثباتا و حنكة. في بعض الاحيان كان يشك ان هناك من يحفزها و يلقنها, كانت تواجهه بتكتيكات مفاجئة.
كالوحش المدرّب على القتال كانت تبتعد واهنة بعد ضربة موجعة ك:
- انا برضه الذكوري و الا علشان مش عارفة تشتمي الحيوان اللي حبتيه و سابك تقومي تطلعي قرفك علينا...
تقف بعيدا تلتقط انفاسها و عيناها معلقتان على الجبهة ثم و مع ادنى تهاون تتوثب كالجحيم
لم يكن يواجهها لوحده بل كان الجميع ضدها: العيلة و الجيران, الاصدقاء و العشاق, القانون و الدين , بينما كانت هي تحارب وحيدة كألهة لعنتها السماء

نعم, قالها في قرارة نفسه معترفاً, لقد كان سعيداً بلقبه ( شب العيلة) و بسلطته التي كانت تتوسع كل يوم كرجل توثق عليه الامال و ازعجه تعاملها معه كندّ و رفضها للاذعان له لمجرد انه الأخ, نعم, رددها في نفسه قبل ان يتعهد : بس مش هاعترف بكده و لو اتحرقت يا علياء يا جزمة.




عزلة

بدأ الموبايل بالاهتزاز لم يكن ينوي الرد على اي مكالمة لكنه امسكله و نقله على مجموعة الفواتير بجانبه مما جعل الاوراق تصدر ازيزا اكبر . عاد فنقله على الجانب الاخر من المكتب لكن رغم ان طبقة الصوت تغيرت الا انها ازدادت حدة. تخيل ان ذلك قد يكون علامة على وجوب رده على المكالمة لكنه عدل عن ذلك.
كان قد قام من مدة بمحي كل الارقام من ذاكرة الموبايل. وجد في ذلك طريقة تجعله اكثر حيادية لو حصل و قرر يوما الرد على المكالمات التي بدأت تقل يوما بعد يوم.

الجمعة، 2 يناير 2015

رؤية كمان

اول ما طلع من الممر المسقوف بلوايح التوتيا للباحة
 لقاها
قدام باب الحديد الاسود بتوبها الملون
قاعدة
على كرسي حديد اسلاكه البلاستيك الوانها باهتة


توب عربي محسور عن قطنة بتلف رجلها
متل كل الختايرة بشاشة لافة صدغها
شاشة بالخرز مشكولة اطرافها
و دقات خضرا على دقنها

كان بده يبعد و يكمل مشواره
بس ردّوه عقله الشريد و قلبه الموجوع
و ناره

منها قرّب
يا خالة يطول عمرك
هاك اشرب
 يعطيك الخير موعطشان
أجل ضايع
لا تعبان , صلليلي

بأصابعها المعقودة بوجع العمر الطويل عدت الخرزات 
و تمتمت
تعويذات و كلام كتير
رفعت المسبحة البلاستيك لراسه
و رسمت
شارة الصليب
حبل نور هرب من بين الغيمات
و صوت الاذان اجاه

روح قالتله
و هو هرب
من المكان
للمكان

وعي

بالرغم من كل ذلك الزمن الذي مرّ و الذي لا استطيع للاسف احتسابه بشكل دقيق و ان كل ما استند اليه لقول ذلك هو تقديري للانهيار النفسي و الروحي الذي اصابني. 
اذن, رغم كل ذلك الوقت الا اني لا زلت اتذكر اول مرة اكتشف فيها حالي الذي انا عليه.
فتحت عيناي, او هكذا ظننت و حاولت ادراك اي شئ من حولي.
في البداية ظننت اني في مكان مظلم و بما انني كنت لا ازال اعاني من ارهاق, فكل محاولاتي الاولى انصبت فقط على رؤية ما حولي فلم افطن لمحاولة التحرك.
 لازلت اتذكر اني كنت في حالة روحية افضل رغم هلعي الذي كان سببه تفكيري في مشاريعي و واجباتي اليومية..لكني كنت لا ازال اتمتع بالأمان,ذلك الشعور الذي ترتكز إليه كل نفس, ربما بسبب اعتقادي في ان عيناي سرعان ما ستعتادان الظلمة و اتوصل لمعرفة مكاني و ما حولي  
لا ادري كم بقيت على تلك الحال لكنها كانت قصيرة نسبيا و تخللتها اوقات هلع و حزن عميق و اضطراب
بعدها تنبهت الى عدم قدرتي على تحريك يداي او قدماي و بكل الاحوال لم اكن اشعر بأي شئ يساعدني للتحقق من ذلك
دخلت فيما بعد فترة اضطراب طويلة و حزن و شوق و غيرها من المشاعر التي كانت تملأ حياتي قبل الان
الهدوء في مشاعري عاد ببطء لكن المرارة الكبيرة كانت قد سكنت كل عالمي
ذات يوم حلمت بمشاهد من حياتي قبل الان و بشكلي و شخصي قبل الان لكني في الحلم كنت عمياء 
عندما استيقظت , اي عندما اصبحت في مرحلة التحكم بافكاري, تقبلت تماماً فكرة اني اصبحت عمياء و بدأت افكر في كل الامور التي استطيع عملها و تحقيقها بالرغم من فقداني للبصر و التي سأفعلها يوما لو خرجت من حالتي التي انا عليها.

تبعت تلك المرحلة فترة كنت اشعر خلالها بالامل.
و قد كان ذلك احقر ما حدث لي.. كنت كل يوم, او اقصد كل فترة يقظة طويلة, اترقب و انتظر ان يحدث شئ ما يخرجني من وضعي هذا و في بعض الاحيان كنت اتخيل كيف سأتحدث للطبيب او الممرضة او اهلي و اصدقائي و كيف سيروون لي و اروي لهم ما حدث و نتناقش في سبب الحادثة التي اودت بي لما انا عليه اليوم
كنت ايضا احاول تذكر حياتي من قبل و معلوماتي التي اكتشفت اني لا املك منها القدر الذي كنت اتوقع امتلاكه
اكتشفت ان المعلومات التي كنت مقتنعة تماما بأني املكها لم تكن سوى مقاطع صغيرة من هنا و هناك لمعلومات حقيقة كاملة لا املك منها شيئا ذا قيمة 
و طبعا كنت اجتر ذكرياتي و كم اصابني الحزن سواء بسبب الحزينة و المقيتة منها او بسبب تلك التي ادخلت على قلبي شيئا من الحبور و الراحة
كانت فترة مظلمة حقا و لو قدر لي ان اختار لاخترت عدم البدء فيها من الاساس.
مرحلة الامل و الترقب تلك
المهم انه و في نهايتها اصابني احباط شديد و طويل و فزع حقيقي و حالة نفسية متأزمة جعلتني اخسر الكثير من قدراتي العقلية حيث نسيت تماما المشاهد الاخيرة لحياتي قبل الان و نسيت وجوه اصحابي في العمل و لم اعد اتذكر اسماء والديّ

حالياً, لا ادري حقيقة كم من الوقت مرّ علي في حالتي هذه
في بعض الاحيان اقول لنفسي اني ربما ميتة
في القبر او ان جثتي ملقاة في مكان ما تتحلل ببطء و ان كل ما عليّ هو انتظار التحلل النهائي و هكذا سينطفأ الوعي
و احيانا اقول اني في مستشفى ما و اعاني من غيبوبة طويلة و قد يستمر الامر لسنوات قبل ان يكتشفوا علاج او يصل بهم اليأس لايقاف جهاز التنفس. ان اقاربي و اصدقائي يتشاركون زيارة جسدي الصامت و ربما ان هناك من يقرأ لي شيئاً او يشغل الموسيقى التي كنت احبها. انه هناك صراعا بينهم على مستقبلي و تقرير ما سيفعلونه بي. لكني سرعان ما انفض عني هذه الفكرة بسبب الامل الذي من الممكن ان اعيشه مجدداً
ذات يوم قدّرت بأني قد اكون ميتة و ان جسدي قد تحلل تماما  و ان ما اعيشه هو الموت
الموت الحقيقي 
الموت النهائي
بصراحة اعتقد ان الامر لو كان كذلك فإن قسوة الموت تكمن هنا 
في ان تظل واعياً, معزولاً و وبدون ادني قدرة على عمل اي شئ 
في الحقيقة انه لأهون عليّ بأن احاكم من قبل اي اله و ان يرمى بي في دينونة ما على ان ابقى للابد هكذا, صامتة, عاجزة و هائمة 
في السواد 
في العدم
في اللاشئ