expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الثلاثاء، 27 مايو 2014

#حوليات- عمل فنّي: ذهب كليمت

لم أكن أظن يوماً أني احبذ لون الاصفر او أميل الى استعماله
فالورود الصفراء حسب مقالات المجلات النسائية ترمز للاشخاص الانانيين
أساور الذهب التي تحيط بمعصم الفتيات تلمع بشراسة مؤكدةً لك فقرك و خواء يديك
اللوحات الزيتية القديمة تميل للأصفرار المتسخ من دخان الشموع المحترقة
الزيت اللزج الذي يتطلب كثيرا من السائل المنظّف لونه أصفر
و بقع العرق على القمصان أيضاً

لكن الشمس صفراء
و سنابل القمح البريئة المظهر
حبات الذرة
و قطة بيت الجيران

لكني لم أكن اظن اني سأحب الاصفر خصوصا في لوحة
أنه شرس هذا اللون
لكن كليمت لا يتورع عن استخدامه
و من كليمت هذا أيضاً
Gustav Klimt فنان نمساوي مشهور و أحد أبرز فناني حركة الانفصال الفنية : Sécession viennoise ( حسب ويكيبيديا ) و
و
و
يا للهول
إنه ميت منذ 1918
يعني منذ قرن تقريبا
لحظة
انه تاريخ ميلاد المرحومة جدتي
لماذا يبدو علي الاندهاش؟
لأنني يوم رأيت لوحاته ظننتها لفنان حديث لازال يعيش بيننا و شاب أيضاً
شعرت بها تخاطبني الان
و ظننت ان كليمت يرى ما نراه من تقنيات الكترونية تمزج الحديث و القديم و أخرى في الاعمال الفنية كالكولاج و غيره
لقد اعتقدت ان الفتاة التي في اللوحة هذه هي المخرجة الاميركية صوفيا كوبولا Sofia Coppola
و ان الرسّام قد اعتمد وجهها موديلا للوحته في محاولة للانتشار عن طريق استعمال وجوه المشاهير
لكن لا
كليمت ولد في القرن التاسع عشر و توفي في بدايات القرن العشرين و لم يشهد الحرب العالمية الثانية ولا حرب الخليج و لا ظهور الانترنت و لا استعمال الموبايل و لم يحالفه الحظ برؤية مايلي سايروس في طقمها البلاستيك الاصفر و مع ذلك فهو جالس هنا يحدثني بريشته و ألوانه عن العالم من حولي
فالمربعات الصغيرة التي تذكرني بالمنطق المربعي, بهوس الناس لأن يكون كل شئ متساوي الاضلاع , بورق البوس تيت الذي من المفروض ان يذكرني بما عليّ فعله دوماً و دوماً و دوماً
الخطوط الحلزونية تذكرني طبعا بالحلزونات التي رأيتها البارحة على طول الرصيف و هي تهرب من أرض الحديقة الغارقة بمياه مطر ابريل
ايضا الخطوط الحلزونية تذكرني بالحياة التي تدور بنا و تلفّ
تذكرني بالتاريخ الذي يعيد و يعيد نفسه دون أن نستفيد من عبره
تذكرني أيضا بالنقود المعدنية المذهبة التي تمتلأ بها صناديق الكنز ...اي كنز...
لكن
كل هذه تفاصيل صغيرة
الفتاة تكاد تبدو حقيقية
جلدها الصافي, أطراف أصابعها و تعبير وجهها
و بما أني أحب التخيّل فأنا أراها كإحدى المتفرجات على عرض أزياء لدار عالمية ( حقاً هذا هوالكيتش بعينه ) و تستغرب المانيكان النحيفة أمامها بأعوامها الستة عشر و رداءها الرمادي القاتم
انه العالم الذي لا احبه و لا أكلّ من مراقبته
بذهبه, بتقنياته, بتاريخ العيلة, بتاريخ الصلاحية, بمقاييسه و ازدواجيته ....

انه ما لا أملك




الأحد، 25 مايو 2014

#حوليات - عمل فنّي: شمس جابرييل

الشمس تملأ الباحة الواسعة بضوءها 
تلوّن بأصابعها المجنونة الوجوه المرحة باللقاء بها
الشمس تلك الرائعة نراها في لوحات الفنان الاسباني جابرييل بيكار Gabriel Picart 
فنان من الواقعية الكلاسيكية 

نظرة لبعض لوحاته تكفي لأشعر بحرارة الشرق و زخمه رغم انها لوحات ترسم حالات سكينة و تأمل لنساء في البيوت القديمة في اسبانيا
بيوت بباحات واسعة , حوائط مدهونة باللون الابيض, بعض السيراميك الملوّن و الازهار المزروعة هنا و هناك في مساحات صغيرة 
الفتيات حافيات حيث يصبح من المعيب حرمان القدم من لمس الارضية الباردة , تحسس صلابتها و عدم سواءها
ملابس مصنوعى من أقمشة خفيفة تخفي أجسادا مملوؤة بحيوية الشباب دون أن تمنعها من استنشاق الحرية 
أكاد أسمع ضجة طفل يلعب في الشارع و رجلان يتحدثان بهدوء أمام بقالية 
أكاد أشمّ رائحة قهوة التي تحمصّها احدى السيدات و هي تجلس القرفصاء أمام بابور مزعج 
و مربي المشمش الذي يملأ وعاء نحاسياً كبيراً على سطح احد البيوت حيث تحركه سيدة تحت الشمس قبل ان تملأه في مرطبانات زجاجية 

رغم ذلك فالخدر يصيب الاطراف و العيون تذبل و العقل يصمت عن حركته المحمومة السريعة 
تعالي يا صغيرة
تعالي لنرقد في قيلولة الظهيرة المقدسة لدى أهل الشرق
تعالي نختفي في ظلاله و حكاياته



السبت، 24 مايو 2014

الفكرة القديمة

ما نفعش لا فنجان القهوة البنّ اليمني و لا السيجارة المالبورو اللي سحبتها من خزانة ابنها  انه ينسيها كربها و هلعها..
لوهلة, حسّت بلحظات هدوء مريبة تمر على البيت و الحيّ كله
افتكرت جارة بيت اهلها توصف اللحظة ديه... : مرّ ملاك
بس دلوقت الصمت ده ماكانش صمت مرور ملاك...
هي كانت شبه متأكدة 
كان حاجة ألعن
كان شيطان؟
لأ
كانت روحها 
صوت حفيف القماش و ثقله و هو يوقع ع الارض قطع الصمت بسيف و الاصوات رجعت حتى للحارة و الجيران
مش يمكن كانت ما اختفتش من الاصل و هي بس اللي اتطرشت كام دقيقة بسبب الحلم اياه؟
حلم ايه؟ 
ده ما كانش حلم 
كان فتفوتة فكرة صغيرة قديمة
فكرة صغيرة قديمة زي لمحة 
كانت وظبتّها و لمّتها و خبّتها تحت مراتب كتير في أعماقأاعماق دماغها 
هناك في العمق مع مشاهد من الطفولة الاولى و الغرائز المجردة و شوية ذكريات تخجل تفتكرها
المشكلة مع الافكار انك ما بتقدرش ترميها في الزبالة 
لازم تزينها و تعلق عليها حاجات لحد يا أما تشوهها يا أما تغييرها تماماً و تاخد شكل أخر 
و ساعات من الممكن إهمالها
و ساعات اخفاءها
بس معاودة ظهورها بتتبع لماكينات غريبة جداً 
و هي مش فايقة تفكر باللي خلى الفكرة دي تجيلها بعد كل الفراق ده
هي دلوقتي بتحاول تركّز ازاي ترجع تخبي الفكرة ديه من أول و جديد

دخلت نور - أخر العنقود - المطبخ 
و قربت من الطاولة و قعدت على الكرسي و سندت وشها المتكرمش من أثار ضغط المخدة على قبضة ايدها اليمين و هي تبصّ لمامتها بعينين يا دوب مفتحين... كل ده كان بشكل ألي تماماً و كأنه مدروس و كأن كل حركة كانت محسوبة بحيث يحصل المشهد كله بأقل وقت و افضل مسار ممكن 

دقايق مرّت و الام سرحانة او بالاحرى مركّزة و البنت تبصّ لها
شوية و نور قالت: مال عينيك يا ماما؟
مال عينيا؟ سألت الام نفسها , و رفعت ايدها تتحسس عينيها قبل ما تتوقف فجأة و تفتكر انها حاطة مكياج و ماسكرة من امبارح لمن راحوا كلهم اتفسحوا عند الوازيز بوتيك على طريق المطار ...
هي كانت سابت المكياج و كل حاجة ...ما هانش عليها تشيلهم و قالت لنفسها انها تفضل عليهم كام ساعة زيادة و لذا فهي حرمت نفسها من غسل الوش الصبح
 و يمكن عشان كده متعكننة ؟
لأ..قالت لنفسها وهي تمشي ناحية مدخل الشقة و تبصّ في مرايته, هي متعكننة من لمن كانت في السرير و اول يا دوب ما فتحت عينيها...يا دوب فتحت عينيها على صورة المخدة الموف و جات لها الفكرة الملعونة بنت الكلب ديه...

قدام المرايا بصّت لنفسها..كان وششها متعب و الثنيات اللي بيحدثها النوم العميق لسّه ما اختفوش تماماً بس المكياج مش متغير منه حاجة خصوصاً العينين ...
على العكس بقى.. النوم خلاه ياخد كده وش خربطة و بقوا سموكين و لون عينيها البني بقى يبان أوضح بالمفارقة مع الكحل الاسود...
ابتسمت مبسوطة من التكنيك اللي ما بتخيبش ابدا ...ابتسمت ناسية ان احمر الشفايف بايض خالص ...بس ده مش مشكلة قالت لنفسها

بس وقفتها قدام المريا طولت...اصل الفكرة بنت الكلب...لا ...مش الفكرة....أثار مرور الفكرة في مخيلتها أول ما فتحت عينيها ....الاثار ديه... الاثار ديه لمرور الفكرة بتعكنن عليها اكتر يمكن من الفكرة ذات نفسها


مرة 
و هي مراهقة 
راجعين بالعربية مع مامتها و اخوها الكبير احمد و اختها شيري و اخوها الصغير تحسين...راجعين من سهرة عند بيت خالهم...كانت بتبص في العتمة الممتدة قدامهم في الطريق ...كانت البيوت القديمة اتسوت بالارض عشان يبتدي مشروع المول الكبير... في لحظة و هي بتبص بالعتمة ...
شافت نفسها ....
ماسكة سكين ...
سكين بيخرّ دم
... دم مامتها...
و في لحظة حسّت بخفة في القلب و بدماغها بتسكت فجأة..... 
بعدها بأيام كانت بتخجل من نفسها من الفكرة ديه و صامت و صلّت و نذرت بالسر و اتعوذت من الشيطان
بعدها بأشهر كانت الفكرة اتخبت تماماً و يمكن اختفت
هي كانت فاكرة كده
اليوم 
النهاردة الصبح 
اول ما فتحت عينيها
مرّت الفكرة قدامها وراحت بعيد تتمشى في مفارق حياتها و تستند على حيطان الصمت اللزجة 
من وقتها نبض قلبها متسارع و ايديها منمّلة و عينيها بتلمع زي ما هي شايفة دلوقت في المرايا قدامها ... 
مش هتقدري تهربي بعيد يا سوسن ....
مش هتقدري تهربي بعيد....
الست ديه مش هتموت و تخليكي ف حالك...
الست ديه كل يوم بيزيد عمرها و بيزيد شرّها
سحبت نفس عميق و غمضت عينيها و فكرت إن الافكار ما بتموتش و لا الذكريات و لا الجروح... 
قومي يا سوسن 
قالها الصوت في جواتها
قومي كلميها و روحي شوفيها و خانقيها
و طلعي الحق و المستحق منها
بس
بس  
بس حاسبي تمسكي سكين يا سوسن
حاسبي تمسكي السكين
حاسبي

الخميس، 15 مايو 2014

مؤامرة المرايا الملعونة

هل سيلاحظ الوريد الرقيق الظاهر بلونه الازرق تحت العين اليسرى
عليّ ألا انظر نحوه مباشرة إذ ان ذلك سيتيح له اكتشاف الانعواج الطفيف في عظمة أنفي نحو اليمين
سأميل رأسي قليلا...لكن ذلك سيعطي انطباع بالدلال و انا اكره ذلك
يا ألهي
في بعض الاحيان اشعر اني اكتشف صورتي للمرة الاولي عندما انظر لهذه المرآة
انها تكشف كل العيوب بشكل غريب
حتى المسام الدقيقة لوجهي استطيع رؤيتها 
و ذلك يزيد من بشاعتي
انا بشعة
لابد ان المشرف على التوظيف سيقرف النظر باتجاهي و سيسأل نفسه كيف للزبائن باحتمالي و سيرفض توظيفي
هذا القميص غير ملائم البتة
هذا الاخضرار الغريب مزعج 
كأنه علم 
لا اعتقد ان الكريم الاساس الذي دفعت ثمنه غاليا يستحق كل ذلك المبلغ و كل ذلك الوقت الذي أضعته و انا استمع للبائعة تشرح عنه
كل عيوب وجهي بارزة و ظاهرة و لم يزدها المكياج إلا تلويناً
اللعنة 
لماذا اخترعوا المرآة؟
لقد استيقظت بعد نوم هانئ و كنت مملوؤة بالحيوية و سعيدة تماماً بأني أخيراً حصلت على موعد مقابلة للتوظيف في هذه الشركة.
كانت لدّي العديد من الافكار المرحة و كنت مستعدة للرفض بكل بأس 
لكن هذه المرآة اللعينة المثبتة بالحائط و لا استطيع تغييرها
هذه المرآة, ملأتني إحباط
لماذا اخترعوا المرآة؟
كيف كان الناس يمضون في حياتهم دون وعي بأشكالهم الحقيقية؟
و هل تعكس المرآة المظهر الحقيقي؟
ماذا لو كانت تكذب؟
لو كل الزجاج في هذا العالم يكذب علينا و يرينا غير ما نحن عليه حقاً؟
قد لا يكون الامر قديماً 
على العكس هو حديث العهد
من الممكن جدا ان يخترع احدهم او ان تدعم دولة معادية مشروعاً يهدف لأن تعكس المرايا غير حقيقة الاشياء
 و هكذا تعمّ الفوضى 
قد لا تكون دولة معادية بل ربما كوكب معادي
يا ترى منذ متى بدأت هذه الخطة اللعينة؟ 
بحسب ذاكرتي فهذا الوريد الرقيق تحت عيني لم يكن موجوداً عندما كنت شابة
نعم تحت عيناي هالتان واسعتان غامقتان و الجلد رقيق في هذه المنطقة و التجاعيد الصغيرة بدأت تظهر
لكن لم يسبق و أن رأيت أحداً و قد بان وريد او شريان في وجهه
العمة انطوانيت نعم لكن كان عمرها قد تجاوز السبعين 
يا إلهي 
لو ان هناك خطة حقيقية لتحويل المرايا بحيث تظهر ما يخالف الحقيقة و لو أن أحداً لديه القدرة على عمل ذلك, فإنهم من الذكاء بحيث ان تبدو الامور كلها طبيعية
نعم
لو أنني أفقت صباحاً و وجدت بثوراً بارزة في وجهي و توجهت للطبيب هلعة فهدأ من روعي من أنه لا وجود لأي بثور فأنني كنت سأكتشف المؤامرة
لكن الامر يحدث بشكل تدريجي و بخفة بحيث لا ينتبه لها أحداً
اللعنة 
المرايا ملعونة
كل هذه الاضطرابات الاقتصادية و السياسية و حتى الاجتماعية ليست سوى دليل على وجود شئ منظّم يتم حياكته في الظلام
و لابد انهم محتالون لدرجة أنهم يغيّرون في التكتيك كل مرة
تارة تُظهر المرآة الصورة أفضل بكثير من الواقع و تارة العكس تماماً
نعم
هكذا تغيّر إدوارد و بدأ يهتم بمنظره أكثر و يطيل النظر في المرآة الطويلة التي أشتريناها و زينّا بها بهو الشقة قبل ان يتم الطلاق
نعم 

هزّت ماجدولين برأسها موافقة إلى ما توصّلت إليه ثم اتجهت للتلفون تتصل لتلغي موعد المقابلة ثم تعاود الاتصال بالنمرة العامة لجهاز مكتب الامن القومي لتعرض عليهم الأمر.

الأربعاء، 7 مايو 2014

في الممنوع ... ما بلاش اللون ده

السؤال اليوم و حسب الوعد هو لماذا في مجتمعاتنا العربية نشعر بثقل الممنوع و كثرته؟ 
أحم أحم
الجواب بكل صراحة هو 
ما اعرفش
انا لو كنت اعرف كنت عملت كتاب و بعته و تشبرقت بأرباحه على الحبايب ... 
لا كل هذا غير صحيح .. 
اولا لاني اعرف كل شئ
و لو حدث و لم اكن اعرفه فسوف اخترع من خيالي 
ثانيا لان الكتب و مبيعاتها و ارباحها في العالم العربي لا تغني فقير
إذن فأنا اليوم أحاول أن افكر على الملئ حول سبب كثرة الممنوع لدينا...
بصراحة اعتقد ان الممنوع يختلف بين دين و أخر, مدينة و أخرى, طبقة اجتماعية و أخرى
حتى بين العيل و الاشخاص
الذي يحدث أننا و بتفكرينا البدائي الطفولي نُعمم ما هو ممنوع بالنسبة لثقافتنا و تربيتنا على جميع الناس..
جميعنا يفعل ذلك: ذات يوم عندما كنت يافعة في الحادية عشر من عمري انتقدت تنورة صديقتي السوداء مرددة: « أمي تقول أن اللون الاسود لا يليق إلا بالسيدات المتزوجات ». 
و لأننا أيضاً طفوليون و مقموعون في تربيتنا و مدربون على الخوف و الاهتمام لما سيقوله الغير فإننا نلتزم بمعايير الممنوع التي تُلقى علينا من كل جهة حتى و لو لم تكن تعنينا...
جميعنا يفعل ذلك: رغم معرفتي و يقيني أن لفظ كلمة سرطان لتوصيف المرض لا تنقله كالعدوى و رغم ذلك و بسبب المتشائمين و المجانين الذين يصدقون كل أنواع الخزعبلات فأنا أصبحت أردد كلمة المرض اللعين لتوصيفه... 
ما ذكرته هنا هي أمثلة أقرب للعيب من الممنوع و هنا هو اصل المشكلة
في مجتمعاتنا تختلط المفاهيم و يصبح العيب هو الممنوع بينما يكاد البعض يحلل الممنوع..
السرقة مثلا دينيا و اجتماعيا هي ممنوعة 
لكن كثيرا ما يتم غض النظر عنها في حالات كثيرة 
الحب ليس محرمّاً و لا ممنوع لكنه معيب. إذن فالمجتمع و بشكل غير مباشر يمنعه.
تدخين السجائر ليس ممنوعاُ و لا يعاقب عليه القانون إلا لو كان ذلك في أماكن معينة حفاظاً على صحة الناس و رغم ذلك هناك من يتعامل مع الموضوع على أنه ممنوع و معيب و مخجل.. خصوصاً للمرأة..
ذات يوم كنت و صديقاتي في زيارة لصديقة أخرى و عندما وصلنا فتحت لنا الباب أمها و هب تمسك بيسراها سيجارة. عند العودة بدأت احدى صديقاتي التي من الواضح أن أهلها لا يدخنون بانتقاد السيدة بشكل معيب. طبعا التدخين أصبح في وجداني مرتبط بالعيب و بالممنوع  رغم أن كل الكبار في عائلتي كانوا من المدخنين.
الاذواق الشخصية أيضاً تتدخل و بقوة لتقول لنا ما هو ممنوع و ما هو مسموح:
ذات يوم و في جلسة عائلية قامت سيدة مسنة محترمة بانتقاد لبس سيدة أخرى أمامنا جميعا: أنا لا أحب اللون الاحمر, إنه غير لائق لامرأة مثلي متقدمة في العمر. حتى عندما كنت شابة كنت أرفض لبسه. أنا لا أحب اللون الاحمر...
هكذا و بكل ثقة قامت هذه السيدة - التي هي كبيرة العائلة و لا تسمح لأحد بأن يثني لها كلاماً - بوضع خط أحمر لما يجب لبسه و ما لا يجب لبسه... 
للاسف هذا ما نتعرض له جميعاً. كل يوم و كل لحظة و في كل لقاء. 
سائق التكسي ينتقد قصات الشعر الشبابية الحديثة و يشتم أصحابها. جارتكم تحدث أمك عن الاذواق البالية لزوجة أخيها و أمك تأخذ نوتات بما يتوجب لبسه و ما لا يتوجب لبسه. الرجل العجوز الذي يجلس كل يوم أمام باب بيته يحدثك انت العابر عن الحرام و يوم القيامة حيث سيتم معاقبة كل الناس المفترية خصوصا ًالشاب الذي يتجاوزكما و قد وضع سماعتين على أذنيه فتفوته النصائح الذهبية للعجوز.
نحن كمجتمع لا نستطيع وضع خطوط واضحة بين الحرية الشخصية و العيب و المحرم و الممنوع.... 
نخلطها كلها في إناء واحد و نفرق منه على الجميع
و لأننا نعرف جيداً القوة السحرية لكلمة عيب و ممنوع لذا فنحن نستعملها و بشكل محكم 
نصيحتي لكم 
خذ ورقة وقلم و اكتب ثلاثة معايير تعتبرها مهمة في حياتك و شخصيتك و رقمّها حسب أهميتها: 
مثال : الدين او الله و تعاليمه او الحق او الحرية الشخصية او ترابط العائلة او النجاح المهني أو الصحة الجسدية أو السلامة العامة و غيره..
ثم أبدأ و أكتب كل الامور الممنوعة بالنسبة لك
مثلا: تدخين السجائر, الاعتراف بالحب لشخص, رفض التواصل الاجتماعي مع شخص معين, وضع طلاء أضافر فسفوري, صبغ الشعر, التسجيل في دورة لتعلم السباحة, الذهاب الى مكتبة بعيدة تماماً عن البيت... 

الان و في مقابل كل شئ ممنوع عنك أكتب السبب الذي من أجله تم المنع.
يعني مقابل تدخين السجائر أكتب : والدي محرّم عليّ إمساكها, او قلة النقود أو صحتي ... 
مقابل وضع طلاء أضافر فسفوري اكتبي: جارتنا تشوف أنه لون مزعج, او القس يقول أن اتباع الموضة قد يؤدي إلى ضعف في الشخصية و الثقة في النفس و يجعلنا نبحث عن إرضاء الناس فقط, أو طلاء الاظافر يؤدي للاصابة بالسرطان
المهم 
اكتب السبب الذي تجده انت شخصيا و بعدها قارن بين السبب الذي كتبته و بين المعايير المهمة في حياتك
يعني لو كنت تودّ التدخين و تجد ان ذلك لا يتعارض مع ايمانك و فروضك فرأي أبيك يبقى رأياً شخصيا ًيخصّه وحده و انت غير ملزم به. ( رغم أني انصحك بعدم التدخين لمضاره على الصحة و  ادعوك لاحترام عدم التدخين في حضور اشخاص يتضايقون من الدخان لأن ذلك يدخل في بند الصحة العامة و احترام الاخر) ..
لو كنت تحلمين بوضع طلاء فسفوري على أضافرك و كلام الجارة مهم بالنسبة لك لأنها أم المحروس فارس أحلامك و تودّين ألا يؤثر رأيها على تفكيره فعندها ستأخذين قرارك و انت تعلمين حقا عواقب ما تفعليه ( رغم أني أنصحك ان تطلي أضافرك فسفوري خصوصا مع مشاكل انقطاع الكهرباء المتكرر)
علينا جميعاً أن نعي ما هو الممنوع الذي لن نتجاوزه أبداً 
علينا جميعنا التدرب أيضاً على التفريق بين المفاهيم و عدم خلطها حتى و نحن نخاطب الاطفال
و اخيراً 
و قبل ان انتهي 
علينا البدء حالاً بتحقيق ما كنّا نعتبره ممنوعاً و اكتشفنا أنه ليس كذلك

لا تخافوا
لن أعلن حبّي على أحدكم و لن أصبغ اضافري فسفوري
سأحاول لملمة شجاعتي و البحث عن دورة لتعلم السباحة
:)


الثلاثاء، 6 مايو 2014

أين بدأ الممنوع؟ ما تخرجش للشارع!

في التدوينة السابقة ألقيت أفكاري عن الممنوع كيفما اتفق و لم أركزّ في شئ
كان هذا مريحاً جداً
لكني منذ اليوم سأحاول التركيز في كل مرة على سؤال واحد 
أوممممممم 
أين بدأ الممنوع ؟
أعتقد أن هذا له علاقة بظهور المجتمعات الهرمية التي يتمتع أفرادها بتخصصات. فالكاهن مسموح له بأشياء و ممنوع من غيرها و الفلاح أيضاً 
كل ذلك يبدأ منذ الصغر حيث يتم ترويض الطفل و تعليمه باحترام ظوابط معينة و الامتناع عن عمل أشياء معينة
كلما تطور المجتمع و تعقّد كلما كبرت لائحة الممنوع. 
البعض يربط بين الممنوعات و المحرمات و هذا كما سبق و قلت في التدوينة السابقة هو لغط.
كون المجتمع لاديني او لا يضع تطبيق الدين في أولوياته لا يعني أنه يفتقر للممنوعات. كل ما هنالك ان الممنوعات تعتمد على اسس مغايرة لغضب الله الخالق و مخالفة نصوصه المقدسة.
هذا الامر يلحظه المهاجرون خاصة. معظمهم لا يفهم الفروق و لا يستوعب الاسس التي تقوم عليها الممنوعات و يؤدي هذا به لعزلة كبيرة. 
سأستعمل للتدليل على ما أقول مثالاً بسيطاً واضحاً
معظمنا سمع عن المشاكل التي يعانيها أبناء تجمعات السكان الاصليين (الذين يتم تسميتهم جزافاً بالهنود الحمر) في شمال القارة الامريكية من محاولات دمجهم مع المجتمعات المدنية.
إحدى أهم هذه المشاكل يعود لسبب التربية و التنشئة ذلك ان مجتمعات السكان الاصليين لا تعرف في تقاليدها ما يعني بتربية الطفل و أقصد هنا تدربيه و ترويضه ليحترم و يتبع تعاليم معينة. الانسان الهندي الاحمر (سأسميه كذلك استسهالاً) يؤمن أن الطفل ينتمي للحياة و للطبيعة و أنه حرٌ تماماً لذا فرغم الاعتناء به من حيث تقديم المأوى للنوم و الطعام له فهو لا يتعرض لأي نوع من العقاب او المنع او الترويض كما أنه لا يُجبر على تصرفات معينة. إنه طفل طليق يتعلم بشكل عفوي عن طريق تقليد الكبار و لو حدث و وقع له حادث فهذا قدره و عليه بنفسه تعلم الطرق التي تنجيه من المخاطر. لو حدث و قرر عند الكبر عدم الذهاب للصيد فلن يعطيه أحد طعاماً..
الطفل ينشأ و هو لا يعلم بوجود الممنوع و بالتالي فهو لا يعتاد على الالتزام بشئ.
ذات يوم قام الجيش الكندي  - و في محاولة لتشجيع الشباب العاطل في هذه المجتمعات على الانظمام لصفوفه - بعمل دورة تدريبة لمدة ستة أشهر لمتطوعين على أن يتم دفع رواتب مغرية للملتزمين. التدريب كان يشمل العيش مثل نظام الجيش كالاستيقاظ و النوم في أوقات محددة و القيام بالتمارين الرياضية و إتباع بعض الدورات التدريبة على الاسعافات الاولية. 
الصعوبة الاكبر التي كانت تواجه القائمين على الدورة هو إقناع المتطوعين الالتزام باللوائح. بكل بساطة كان هؤلاء الفتية والفتيات غير معتادين على الالتزام بلوائح. 

ما سبق و ذكرته يدلل على أن المجتمعات البدائية لم تكن تعاني من مشكلة الممنوع مثل المجتمعات المتطورة لكن رغم ذلك فإننا نلاحظ  ان الممنوعات في مجتمعات دول العالم الثالث كالهند و الصين و العالم العربي هي أكثر من تلك الموجودة في مثيلاتها من العالم الاول. هنا يكون التفسير ان التطور الذي أتحدث عنه ليس في طريقة الاكل و لا في مستوى دخل الفرد بل هو في تاريخ المجتمع و قدمه. فلو قارنا بين مجتمع المدينة في بلد أوربي قديم كفرنسا مثلا و مجتمع المدينة في إحدى دول شمال امريكا و التي تعد مجتمعات حديثة لوجدنا فروقا واضحة ايضا.
قد لا يصدق أحدنا بوجود هذه الفروق لكنها موجودة و من تجربتي فالفرنسيون القادمون حديثاً لكندا يؤيدون ذلك تماما. أيضاً سأويد كلامي بمثال بسيط: التعامل مع المدرس في الجامعات الفرنسية يكاد يكون مشابها لمثيله في المجتمع العربي حيث السطوة ( و اقولها حقيقة) للدكتور الذي يهاب البعض الضحك في وجوده. العكس تماما في الجامعات الاميركية حيث يتعامل الدكتور المحاضر بسلاسة و اعتدال مع الطلاب الذين يتحدثون معه بتلقائية و قد ينادوه في بعض الاحيان باسمه الاول شئ يكاد يكون محرّم في اوروبا. 

لكن هل يفسر هذا إحساسنا بكثرة الممنوعات في المجتمعات العربية؟ هل كونها مجتمعات قديمة تعود بعضها لألاف السنين هو السبب؟ أم كونها تعتمد على مصادر متعددة للتحريم و المنع منها الاجتماعية و منها الطبقية و منها الاقتصادية و أخيراً الدينية؟ 
أعتقد أن هذا سؤال جديد و رغم ولعي بالثرثرة لكن عليّ محاولة التفكير به في تدوينة قادمة 
:)

الاثنين، 5 مايو 2014

عيب يا استازة ..ممنوع

يعرضون علينا الحديث عن الممنوع
لكنهم لم يحددوا الممنوع من قبل مَن و لا عن ماذا بالظبط

لقد اعتدنا الحديث عن الممنوع المتوافق ضمنياً على شرعنته
كالحب
كالطموح
كالكتابة
انا مثلا كنت ممنوعة من الخروج للسوق... في بلد كان يقال عنها انها رمز الامن و الاستقرار و شعبها متفتح
كنت ممنوعة من الاقتراب من بسكليتة اخي و ألعابه الصبيان
لكني لا أريد الحديث عن هذه الممنوعات لأني متأكدة ان الجميع كان يعاني منها...
معظمها كانت تنطلق من تفكير أحادي الجانب من قبل الام و المقتبس من أحاديث الجارات او وشايات الاقارب ..لم يكن هذا المنع يستند إلى منطق ديني او اجتماعي سليم او حتى موجود أصلاً....

أنا اليوم سأذكر ممنوعات أخرى

مثلا ً ممنوعات عامة
ممنوع ضرب التلاميذ في المدارس و ممنوع التدخين في الباصات و ممنوع الحديث عن الحماة و كشف أسرارها من قبل الكنّة ..لكن كل هذه الممنوعات هي ممنوعات بالاسم فقط ...نتفق جميعا على تفاهتها و نتسامح مع مرتكبها
يوجد ممنوعات الجنس
و الحديث فيها هو المفضل لدى ذكور ما فوق الثلاثين كما أنها أقرب لأن تكون مرتبطة بشكل كبير بالعيب و الاسرار و التعتيم ليس أكثر....
ممنوعات اجتماعية و دينية
يعني الرجل المسيحي ممنوع/محروم من الزواج بإمرأة ثانية ...صدقوني سمعت اكثر من واحد يعلن عن ذلك
المرأة من كل الاديان (التي أعرفها) ممنوعة من الزواج بأكثر من رجل
العازب ممنوع من ممارسة الحب خارج إطار الزواج
و الانثى ممنوعة من الحديث عن الرغبة و الجنس

لكن يوجد أيضاً الممنوعات الحقيقية
تلك المتفق عليها
تلك المقرفة
تلك التي يؤدي تجاوزها للكثير من الخطر

ما رأيكم بقتل الاطفال؟
اغتصابهم؟
طيب ما رأيكم بتصوير ما يحدث بين اي زوجين في السر و وضعه على اليوتوب؟
الرجل بشكل عام ممنوع من الزواج من امه او اخته او ابنته


ستثورون عليّ و تنقلب شفاهكم اشمئزازاً و كأني أدعو لذلك و تنسون اني اتحدث فقط عن ما هو ممنوع

صدقوني أنا لا أؤيد كل ما سبق ..انا اكتب ما اكتبه و شعور القرف يتصاعد لأنفي...أنا لست مازوخية و لا سادية و لا حتى متمردة
هناك من اقترح الحديث عن الممنوع و انا اتحدث عنه
فقط
هناك أيضاً لغط واضح بين ما هو ممنوع و ما محرّم ....
قد أكون وقعت فيه لكن علينا الاتفاق ان المحرّم هو شئ مرتبط باتباع عقيدة و ليس غيرهم
لكن ما نعرفه جيدا ان الممنوعات و خصوصا معظم ما ذكرته سابقا هو متفق عليه حتى من قبل اللا دينيين و الملحدين و المختلفين في الاديان
لماذا؟
اتعلمون اني أعرف ملحد ضد الطلاق و ضد الجنس خارج الزواج و ضد المثلية الجنسية و ضد الثورات في العالم العربي...
لماذا؟
أعتذر عن ذكر مثال الملحد لإن ذلك سيأخذنا لمنطقة بعيدة تماماً...
فلنعود لموضوعنا
الممنوع
ألا زلتم هنا؟ أو بالأحرى انت ايها القارئ الوحيد : ألا زلت تقرأ؟
لماذا الممنوعات الاخيرة موجودة ( قسم ممنوعات حقيقية) ؟ أنا حقيقة و كعادتي و كسلي لم أبحث عن أسباب منعها لكني استطيع بخيالي التوصل للسبب الرئيسي
غريزة البقاء
فهي توصينيا بالحفاظ على الاطفال و سلامتهم
توصينا بالحفظ على النوع و نقاءه من الامراض الوراثية

شعور بالغثيان يداهمني.....
لكن السؤال يبقى عالقاً كيف لنا تمييز ما هو ممنوع خفيف عن ما هو ممنوع حقيقي او ممنوع ديني او حتى مجتمعي
كيف لنا أن ندرك أن قول النميمة في إحدى القريبات يساوي أو لا يساوي دسّ السم في الاكل لطفل الجيران المزعج؟
كيف لنا أن نحاكم بشكل مختلف بين إمرأة تحب رجل و إمرأة تكره زوجها ؟
كيف لنا ان نتشارك الاحساس بالقرف من خبر اغتصاب طفل بينما نصرح و نشجع على قتل و موت أطفال الاعداء ؟
أخيراً
هل هناك ممنوع يشترك و يتوافق عليه الكل ...الجميع؟

أعتقد أني لن أنام هذه الليلة ....
الحق ليس علىّ ...الحق على من طرح الموضوع