expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الجمعة، 28 فبراير 2014

خواتم يديك

ليس هناك ما يهددك اكثر من شخص واقف على نافذة
ليس هناك اجمل من منظر اشجار تبتعد
ليس هناك افضل من عينيك
و ليس هناك منظر يساوي رؤية يديك المزينة بخواتم صماء دون رسوم او زخارف
خواتم من معادن غامقة كأحلامك المزعجة التي تذكرك بي
في حديقتك المعزولة عن كل غوغائية و ابتهاجات الناس 
تجلس على طرف سريرك محاولاً نسياني ...
تنظر الي مشاهد فلم ملئ بالنساء على كمببوترك محاولاً نسياني
 و تنتظر إيزيس لتسحبك من عذاب الانتظار...
أما أنا
جالسة في مقعد الباص الذي يقلني كل يوم الي عملي ...
جالسة في مقعد ظهره للسائق..
جالسة قرب النافذة ...
اراقب العالم حولي يتراجع عني و يبتعد
التفت للشاب الجالس يميني و انتبه ليديه فأتذكرك
عقلي يشط غير قابل لاطاعة اوامري ...
روحي نزقة و حبي ضائع...
حتى قبل ان يولد .... 

الخميس، 27 فبراير 2014

ألم و أمل

و يهرب من بين كلماتي كالماء المنزلق بين الاصابع... 
لا استطيع امساكه
و لا يريدني بعيدة
هواء الشمال البارد يحرق وجهي المضاء بأشعة شمس فبراير و بالامل
هواء الشمال البارد هو صمته
ارتجف ليس من البرد 
بل من الحب
وحدي أطالع حوارات متقطعة لا تعني شيئاً
وحدي هو قدري
ألا ينتبه للدمع في عيني
أم أنه لا يبالي
ألمٌ هو 
و أمل

الاثنين، 24 فبراير 2014

حاج تبكي

- انتي مفكرة إنك أول وحدة بيحاكيها؟ بتلاقيه بيحاكيله شي تنتين مهبولات متلك هادا ازا ما طلع ابن حرام و مورجي كل كلامك لرفقاته...
كانت امها تفصل بين جملها بفترات متقطعة من الانفاس المتسارعة .. جالسة هناك على اول درجة من السلم الخشبي الذي صنعه والدها من سنين للوصول للسطح البيت القديم دون الخروج للساحة خارجا.
كانت تجلس هناك دوما عندما تكون متعبة, حزينة, غاضبة او مصدومة
اليوم تجلس هناك للاسباب كلها 
نجلاء - او نجلا بدون لفظ الهمزة كمت اعتادت ان ينادوها لدرجة انها نسيتها - بقيت في وضعيتها المكوّرة على نفسها في محاولة لاجتناب اي ضربات مفاجئة و تأكيداً على خوفها و سلطة امها عليها... لم تكن نجلا كأختها الكبرى فتحية التي لا تزال غير فاهمة و واعية لطرق التعامل الفضلى مع السلطة في هذا البيت...
الاستكانة كانت افضل دفاعاتها او اسلحتها ... 
حاولت بقدر الامكان تفادي الضربات الموجهة على الوجه لكن شعرها تعرض لعملية شدّ موجعة... يبقى ذلك أفضل بكثير من الكدمات الظاهرة التي قد تسئ لمكانتها كفتاة مؤدبة و خلوقة أمام الجميع... 
هذه الامور مهمة جداً. لقد فقدت ذات يوم و هي تلعب مع اخوتها في باحة بيت احد الاقارب الاثرياء, فقدت جزء صغير من سنتها الامامية و لازالت حتى اليوم تسمع أسئلة من اصدقائها ان كان ذلك قد حدث نتيجة : قتلة مرتبة...
- و انا اللي بقول عليكي عاقلة و فهمانة و مفكرتك وش السحارة طلعت كلبة متل عماتك..بدأ صوت الام يرتفع شيئا و شيئا و معه جسدها لتعود و تضرب نجلا المكومة على الكنبة و التي كانت تصيح بقدر ما تستطيع بحثا عن إرضاء غضب أمها و استجرار عطفها:
- يا أمي ... دخيلك سامحيني... بستاهل دخيلك سامحيني...
كانت هذه الفورمول هي المفضلة لنجلا و لم تكن لتستعملها الا في حالات الاظطرابات القصوى حتى لا تفقد فعاليتها على كثرة الاستعمال كما ما سبقها من صيّغ تعلمتها سواء من الاحاديث الملتقطة هنا و هناك او دراما التلفزيون...
هدأت الام, او تعبت , و عادت تجلس مكانها على أول درجات السلم الخشبي:
- و الله لو يعرف أبوك لكان دبحك دبح يا بنت الكلب... لك لو واحد من اخوالك شم ريحة القصة ليحرقوك و يحرقوني معك يا بنت الكلب.. كانت الام قد بدأت تبكي و تتلوى و تضرب بيديها على رأسها كالمنكوبين...
نجلا و بهدوء لم تمسح دموعها..كان عليها المحافظة قدر الامكان على علامات الخضوع.. لكنها كانت تسحب و من وضعيتها الغريبة على الكنبة الرئيسية في الصالون الصغير, كانت تسحب خصال شعرها لتجمعهم في كومة صغيرة و تعقدهم أسفل رأسها.. لو اعتازت امها شد شعرها من جديد فستسبب هذه التسريحة - هههه تسريحة ... أنا اسفة ...نتابع - ستسبب ألماً أقل..
شيئا ما جعل نجلا تفهم ان التراجيديا دخلت في مشهد جديد و بدأت ترفع رأسها في حذر...
- ما تبكي أمي ...ادبحيني بس ما تبكي... 
كانت هذه صيغة مبتكرة و جديدة لكن هذه المرة كانت نجلا تقولها بصدق و حزن على مشهد بكاء أمها المثير للشفقة و هي متقرفصة على الدرجة الصغيرة ...
لم تكن تتقصد كل هذا الالم و الوجع. لقد سمعت مرة ان اباها كان يحب امها لسنوات قبل ان يتقدم للزواج بها. لماذا يحللون لأنفسهم و يحرمون لغيرهم؟ ما الذي اقترفته من أثم؟ 
هي انتبهت لكل كلمة كانت ترد فيها على مراسلات أيمن الطويلة. 
- أمي ..اكسري الموبايل ..اعملي شو ما بدك ...بس حاج تبكي....
قالتها بصدق ...
قالتها بحزن
قالتها بدموع....
- حاج تبكي

السبت، 22 فبراير 2014

غصن لافاند 3

دخلت المشفى بتباطؤ و تقدمت نحو قسم الاسعاف غير مستعجلة. كانت قد حفظت الاجراءات و كان طاقم التمريض قد حفظ وجهها.
ما إن رأتها الشقرا, و هي ممرضة بولونية بدينة جميلة الوجه كان اباها يسميها دوماً الشقرا فيقول لها: جاءت الشقرا لتتفحص النبض قولي للشقرا فهي الطفهن, هكذا حتى نسيت اسمها الحقيقي.
تقدمت نحوها باشا الشقرا و سلمت عليها بلطف قدّرت ايمان أن يكون سببه زياراتهم المستمرة للمشفى ثم دعتها الممرضة بلطف للذهاب لحجرة رقم 216 من الطابق الثاني فاتجهت إلي حيث قالت لها بخطوات بطيئة و عندما دخلت تفاجئت انها مكتب و ليست غرفة مريض و بقيت تنتظر بهدوء و هي تعبث بهاتفها.
بعد اقل من ربع ساعة كانت باشا الشقرا و طبيبة شابة و الدكتورة لوغو المسؤولة عن قسم الاسعاف لهذا المساء امامها يشرحون لها بلطف كيف ترك أباها هذا العالم.
- انه في ثلاجة الموتى و يجب ان تمري عليهم لتعليمات الدفن..
كان عليها أن تردّ, أن  تتحدث, أن تقول اي شئ..... لكن لم تكن لديها ادني فكرة عما يجب عمله.
ما هي تعليمات الدفن؟ يوم توفت امها بحادث سير غبي و عبثي تماماً كان اباها هو من تولى كل شئ.
نظرت حولها شاردة و هي تتذكر كيف تردد ابيها في ارسال الجثة لتدفن في سوريا و في دفنها في مدافن مونتريال. تذكرت كيف قرر رأفة بحال بناته ان يدفنها حيث يعشن. تذكرت كيف اتهمه أخوالها وقتها انه فعل ذلك بخلاً و لتوفير النفقات.
عادت لنفسها و هي تجد نفسها وحيدة في الغرفة البيضاء الخالية فكرهتها و كرهت شحوب المشافي و جفاءها.
خرجت فورا نحو سيارتها دون المرور على ثلاجة الموتي و قررت ان تتصل بعمها. اولاً لانه ادرى بما يجب عمله و ثانياً لتلافي عتب زوجته التي لازالت تتمتع بنسختها السورية من سيدة مجتمع الطبقة المتوسطة التي تعبد و تحترم و تحافظ بالحرف على عادات و تقاليد و تعليمات التصرفات الجيدة ...
ابتسمت في نفسها بعد أن أغلقت الهاتف و هي تتخيل مقدار الخربطة التي داهمت بيت عمها لسماعهم الخبر . نعم, أخيراً سيكون غيرها هو الذي يقلق و يتضايق و تتنسف مواعيده و حياته الاعتيادية. كانت قد طلبت من زوجة عمها متصنعة التعب بإن تتصل باخواتها المتزوجات المتفرقات في ارجاء كندا و امريكا الشمالية.
وصلت البناء و ركنت سيارتها ثم اتجهت للطابق الارضي لتستقل المصعد. تنفست الصعداء عندما وصل سريعاً و استقلته و هي تحلم بالوصول لسريرها و الارتماء على مخدتها.
o home suite home
ها هو البيت. دخلته مرتاحة لانه نظيف و مرتب و لطيف. جلست على الاريكة و هي لم تخلع بعد البالطو الثقيل و تنقلت نظراتها في ارجاءه. لا تفهم معنى تعلقها به . كانت مراهقة يوم وصلوا مونتريال ثم اشتروا هذه الشقة. تزوجت اختاها في اقل من عامين ثم جاءت المصيبة. والدتها التي لم تقبل يوماً تعلم قيادة السيارة خوفا ًمن الحوادث ضاعت حياتها تحت عجلة سيارة و هي تقطع الشارع.
ذهبت والدتها و أخذت معها الكثير من الحياة و الحب و الالفة و وجدت نفسها وحيدة مع أرمل ستيني خشن الطباع قليل الكلام و حزين. سنوات من الصمت و العزلة و الجمود. كان عليها ان تتحمل و تتحمل و تتحمل.
نظرت حولها مبتهجة و هي تدرك كمية الحرية التي تتمتع بها. ستستطيع زيارة اقاربها بعد الظهر. ستتمكن من الخروج مع صديقاتها للسينما. ستستطيع النوم حتى ساعات الظهر أيام العطل.
كان موت والدتها صعباً لكن حياة أبيها كانت اصعب....
قامت من مكانها و اتجهت بدون قصد حيث غرفته و نظرت فيها بهدوء. كانت سعيدة من نفسها انها نظفت بشكل محى اي اثر لأية رائحة ...اقتربت من السرير العاري بدون ملاءات و لا مخدة. جلست عليه و نظرت نحوه متخيلة ابيها عليه. بحذر اقتربت برأسها من المتلا و شمتها. لا رائحة.
لا شئ....
كان اباها قد قضى ساعاته الاخيرة هنا و هو ينظر للسقف الشاحب. و هو يتخيل زوجته و ربما والدته.
تذكرت كيف كانوا جميعا يتحايلون ليخفون عنه خبر قصف المدافن في المعرّة حيث دفنت جدتها.
ترى لو قدر لها الاختيار اين ستطلب ان يدفنوها؟

الجمعة، 21 فبراير 2014

فريندلي

كل شي بتمناه حاليا انك ما تحذفي الرسالة قبل ما تقريها...
انا بعرف انك ما رح تندهشي ؟
انت اكتر وحدة بتعرف الطقات اللي بتجي براسي و كيف بعملها بسرعة
المناسبة لهالرسالة الغير متوقعة - و يمكن حتى مش غريبة - المناسبة هي اني حلقت الفريندلي...
او اللحية متل ما كنت تسمّي شوية الشعر اللي على دقني...
تتذكري مرة عدينا خلال الاسبوع عدد المرات اللي كنت بتطلبي مني حلقها؟
المهم, اليوم الصبح قررت هيك اني احلقها..
ليش يا ترى؟ مابعرف 
و يمكن كرمال هيك عم بكتبلك
ظلينا مخطوبين سنتين و قبلها سنة تعرفنا فيها على بعض و ما كنت اقبل احلقها...
مو بس هيّ, كل شي ما كنت اقبل غيّره..
هلأ و اليوم و انا عم بطلع بحالي بالمراية و بعد ما حلقتها للفريندلي عرفت انّي كنت بعنّد معك و بس...
انا بعترف اليوم اني كنت بتصرف بشئ من العناد معك...
و مع علاقتنا...
يمكن كان غرور
يمكن كنت متطمّن إنك بتحبيني
المهم انك ما تحملتي...
ما تزعلي و تعصبي , انا ما عم بتّهمك ..
انا بس عم ردّد شو قلتيلي لمن شلحت خاتم الخطبة ...
يمكن عم بحاول زعلك شوي....
و يمكن عم حاول رجعك عن قرارك...
صار إلنا شهرين و ما فيني لسّه أتعود على فكرة انك تركتيني...
ما بدي قول فكرة اني عايش بدونك لاني بحاول حافظ على شوي من عزة النفس
إيه يا أمل ...
فضّل قول إني رجال متروك من ست على اني قول اني رجال اكتشف قديش صعب يعيش من دون الست اللي حبّها و حلم معها بمشاريع شغله و بيته...
شفتي يا أمل كيف تحولت الرسالة؟
شوي و رح اركع و اطلب منك ترجعي؟
بس لا أنا رح اركع
كنت عملتها في كل مرة كنت بتبكي و تهدديني بفكّ الخطبة
و لا انت رح ترجعي
لانك ما بترجعي عن شي يا أمل ...
ما بترجعي
كنت مفكر اني رح اكتبلك كلمتين و ابعتهن بماسج على تلفونك بس على كترة الحكي يمكن ابعتهن ع الفيس

انشالله ما تكوني عاملتلي بلوك؟...

المهم اني مصّر انك تقريها لهل الرسالة حتى لو اضطريت اكتبها على الزفت قدام باب بيت اهلك....
....
مين عارف؟
ما يمكن متل ما انا حلقت الفريندلي, إنتي كمات تتراجعي و ترجعي؟
يا أمل؟

السبت، 15 فبراير 2014

خلاص ما فيش مشكلة

- أنا بحبك يا ماهر
قالت و هي تعاين إسوارتها الخرز الفضية الجديدة.
.
.
.
مرت لحظات طويلة ثقيلة و هي تنقل نظرها بين اكسسواراتها و حقيبتها و موبايلها قبل ان ينفذ صبرها فتنظر إليه صراحة و تسأله: 
- إيه مالك ما اسمعتش؟
- أيوة, سمعت..
- ايه مالك ؟
- عاوزاني اعمل ايه يا رولا؟
- انت مش متفاجئ؟
- شوية
كان متفاجئ شوية, كان متفاجئ انها لم تصبر اكثر من ذلك على السر الخفي الذي يجمعهما. كان متفاجئ من جرأتها التي انتظرها لكن ليس بهذه السرعة...
.
.
- إيه ما تقول حاجة... قالت بامتعاض و هي تفتح حقيبتها الصغيرة بانفعال و تتشاغل بالبحث فيها. لها اسبوعان كاملان تفكر في البوح له. كل يوم و كل مرة تلتقيه تفكر كيف تقول له. و هاهو اليوم صامت. فكرت في كل ردود الفعل الممكنة إلا ان يبقى صامت.
- عاوزاني اقول ايه؟ سألها بصدق... كان يريد فعلا ارضاءها . كيف له ان يرضيها؟ ظروفه و بطالته الحديثة و مستقبله الذي يبدو انه اتخذ منحا كارثيا...
- اي حاجة ...انت مش مقدر اللي انا بقوله و للا مش مصدق؟ 
- لا مصدّق و مقدّر...لم يفكر يوما انها ممكن ان تكذب في شئ و كان يهتم بكل ما تقوله هذه اللطيفة..
- أمال ؟
- عايزاني اعمل ايه بالكلام ده؟ 
كانا يملكان الكلام و الاحلام فقط.. اما العمل و التصرف فكان شيئا بعيد المنال وغير متاح. 
- ما اعرفش انا قلت لازم اقولك ...انا كنت تعبانة من ده و قلت يمكن ارتاح لو قلتلك....  - اوية انت ترتاحي و انا اتعب. كان يتفادى النظر لوجهها. يتفادى أن يزيد ذلك من قسوة الموقف و وجعه. 
- أنا اسفة....قالتها للمرة الالف منذ عرفها
- خلاص ما فيش مشكلة.... 


الجمعة، 14 فبراير 2014

تهديد

- اصله حرام......
حرام ايه يا بنت الكلب؟
 بعد ايه؟ 
بعد ما اتهببت على عيني و حبيتك؟...
جاية دلوقت تقولي حرام؟
كان يصرخ في الفراغ أمامه قبل ان يهرس ما تبقى من سيجارته ثم يتناول واحدة جديدة و يشعلها.
اعاد رأسه للوراء و هو ينفث دخان قلبه المحترق.
صديقه ياسر كان يجلس إلى يمينه صامتاً يراقبه و يهدأ من حاله...
كان اسماعيل يحاول بكل قوته السيطرة على نفسه و تلافي الانحدار اكثر أمام صديقه. كان يكره ان يلتاع او يبدي ضيقه من حالته..
كان يخاف ان يظهر بمظهر الشاب الضعيف الذي لا يقوى فراق فتاة...
لكنه كان يحبها...
هذه الفتاة..
كان الوضع مختلفا ...
هذه المرة... 
كانت سيجارته قد انتهت و قبل ان ينظر لياسر كان هذا يناوله سيجارة ثانية. اشعلها و عاد يتحدث و هو يشرح بهدوء:
- هو صحيح انا اللي ابتديت بالكلام...
صحيح هو انا اللي قلتلها مش عاوز اعرف حاجة, بس انا كنت فاكر شوية كلام و تسالي...
بعدين هي رضيت...
بعد كده و بعد ما تعلقت بيها جاية تقولي انها مخطوبة و حاسة ان اللي بتعمله حرام..
حرام؟
ما كان م الاول؟ 
و ربنا لافضحها
هي فاكرة الناس لعبة ؟
عاد ليقف في وسط غرفة صديقه و قد علا صوته لكن صوت جلبة من خارج الغرفة جعله يتجه للشباك يطالع الشارع ليهدأ قليلاً...
- اسماعيل, جاءه صوت صديقه مهدأً, ما تحملش الامور اكتر ما تتحمل, هي كانت يا دوب علاقة كم اسبوع و يا دوب كلمتها ع النت بس....
- ما هي ديه النيلة يا ياسر, قال اسماعيل و قد هدأ صوته و لمعت عيناه, هي ديه النيلة .. 
أنا ما شوفتهاش الا مرة في المكتبة و يا دوب مرت جنبي 
انا كلمتها و انا بتسلّى و بضيع و قت
انا كلمتها و انا بكلم بنتين غيرها
توقف عن الكلام قليلا قبل ان يضرب كفاً بكف و يعود لغضبه:
- بس انا ما عرفش ليه تعلقت بيها... 
هي كانت حاجة تانية و كلامها كان حاجة تانية و كل شئ بتعمله كان حاجة تانية
انا اتعلقت بيها و بطلت اكلم البنات التانيين 
انا بدأت افكر بجد اتقدملها
دلوقت جاية تقوللي انها مخطوبة ؟
جاية تقوللي انها كانت بتمر بأزمة و انها غلطت؟
انها عاوزة توقف الكلام معايا؟
- طب قولتلها حكاية انك عاوز تتقدملها يا اسماعيل؟ سأله ياسر
- قلتلها, قلتلها يا ياسر بس قالت ان خطوبتها حكاية مش بإيدها و اهلها هما اللي بيقرروا ..
- يعني هي مش قادرة تقول لأهلها لأ و تقدر تكلم راجل من ورا ظهرهم؟ تجرأ ياسر يحلل بينما صمت اسماعيل و عاد لكرسيه يحلس مفكرا....
- هي ما تقدرش تقول لأ؟ سأله ياسر
- لأ , هي خايفة منهم , بس انت معاك حق يا ياسر ...قال هذا ثم أخرج الموبايل من جيبه ..
- هتعمل ايه؟ سأله ياسر و قد قام يقترب منه..
- ههددها, ثم و كأنه يبرر, انا مش عاوز افرض نفسي عليها, أنا بس مش عاوزها تغلط غلطة عمرها, ثم و هو قد ارتفعت نبرة صورته, مش هاسمحلها تهدّني! ما دام قبلت من الاول يبقى تكمل للأخر!! ....

الخميس، 13 فبراير 2014

و صرخت : ألين ......

رسمت على الرمل 
وجهها الناعم 
و هو يبتسم لي
ثم هطل المطر على هذا الشاطئ 
في هذه العاصفة , هي إختفت

و صرخت , صرخت : ألين ...من أجل أن تعود
و بكيت, بكيت , اوه  كان لدي الكثير من الحزن

جلست قرب روحها 
لكن السيدة الجميلة كانت قد هربت
بحثت عنها دون تصديق ذلك
و دون أمل .....يقودني 

و صرخت, صرخت: ألين  ....من أجل أن تعود
و بكيت, بكيت, أوه .....كان لدي الكثير من الحزن

لم أحتفظ إلا بوجهها الناعم 
مثل أطلال على الرمل الندي

و صرخت, صرخت: ألين  ....من أجل أن تعود
و بكيت, بكيت, أوه ...كان لدي الكثير من الحزن

أغنية ألين للفرنسي كريستوف ....1965

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

جدول الجنون- تامار

- لا يا جو.... أنت تناقش و تناقش لهدف واحد, انت تضيع الوقت لنتأخر عن تأكيد المشاركة ...انا احذرك ان لم تقم بالتأكيد من جهتك فسأفعل انا ولوحدي هذه المرة...
كانت تامار تنقرعلى الأي فون بسرعة و عصبية و قد ازدادت سرعة تنفسها و تلّون خداها بالغضب. مرت لحظات قبل ان يأتيها الجواب من جو و ما إن قرأته حتى قفزت من مكانها مهرولة ببلوزتها الصوف و بنطالها الباجي (بنطال قطني واسع جدا) لتهبط سلالم الدرج بسرعة و خفة و تخرج من البيت. لورا التي كانت واقفة في الممر قرب باب غرفة الاخ الاكبر دخلت غرفتها سريعاً لتراقب من شباكها الذي يطل على الشارعما يحدث .
كانت درجة الحرارة 10 تحت الصفر لكن ذلك لم يكن ليثبط من عزيمة هذه الفتاة الواهنة ذات الاعوام السبع عشر. ركضت تامار كالسهم في اتجاه الشارع الرئيسي و توقفت هناك تنتظره. لم تكن تريد ان يسمع الوالدين حديثها. لم يكن يجب ان يعرف احد بالامر الأن.
مرت دقيقتان من الهزيمة المرّة لشتاء مونتريال القارس أمام إصرار هذه الشابة.. وصل جو أخيراً و هو يقود سيارة أبيه الجيب و بصعوبة لا تقلل من مهارته أوقف السيارة المسرعة قرب تامار رغم طبقات الثلج و الجليد المحبطة لأي محاولة للاتقان.
الصبية الغاضبة بقيت تنظر بعصبية لحبيبها و قد اخفت كفاها المتجمدين في جيوب بنطالها, اخيراً أطلّ جو برأسه :
- ألن تركبي؟ سألها مندهشاً
- لا, لا يوجد شئ لنتحدث به...قالت لينزل من السيارة بعد تردد و يقترب منها على الرصيف :
- تامار, لن تنفع عصبيتك في شئ, قال الشاب هادئاً في محاولة لإقناعها, حتى لو قررنا تأجيل الدراسة الجامعية فإنه يتوجب علينا انهاء السيجيب (مرحلة تعليمية بعد الثانوي و قبل الجامعة تستغرق سنتين), انت لا تقدرين صعوبة تكميل دراستك بدون سيجيب..
- جو, صرخت تامار مقاطعة للرجل الواقف أمامها و الذي لا تصل حتى لأكتافه, توقف عن الكذب, هل تحسبني لا اعلم بماذا تفكر؟
- حبيبتي,... لم يكمل لأنها قاطعته من جديد:
- لن ينفع ما تقوله, لقد قررتُ يا جو, انت تعلم ما يعني هذا الامر بالنسبة لي, انت تعلم انهم اختارونا من بين الألاف حول العالم...
- ليس بعد يا تامار هناك تصفية نهائية, قاطعها جو منبهاً و محاولاً إيقاف اندفاعها لكنها اكملت كأنها لم تسمعه:
- علينا التأكيد على الاشتراك حظوظنا قوية..
- تامار, عاد الشاب يحادثها بلطف و هدوء كأنه يتوجه لطفلة, حتى لو تم اختيارنا فإنه يتحتم علينا ايجاد عمل و سكن هناك في لندن, ما سيدفعونه لن يكفي شيئاً هذا اصلا لو اكملوا التجربة و لم يعلنوا الافلاس و يلقوا بمستقبلنا في الشارع.
- حتى لو اعلنوا الافلاس, حتى لو لم يكتمل المشروع, عادت تامار بنفس الاصرار, يكفينا انه تم اختيارنا لتصميم لعبة مع فيليكس بيوتي بايت (مقدم البرنامج الاشهر للالعاب على الانترنت حاليا) , هل تعلم ما يعني ذلك يا جو؟ لم تكن تسأله بقدر ما كانت تحلم و عيناها تلمعان بالامل ليمسكها جو من اكتافها بلطف:
- تامار توقفي عن أحلامك التي تعبر حدود السماء, كل ما تقوليه لا يشكل ربع ما يمكن تحقيقه لو تابعنا الدراسة, سأدرس الطب يا تامار و سأتابع تخصص جراحة مثلما كنا نحلم, علينا ان نركز ...
لكن تامار أزاحت يديه من على أكتافها و هي تتهمه:
- نعم يا جو, عليك التركيز على احلام والدتك, عليك ان تتفوق على ابن عمك, عليك ان تبقى في كنف أبيك و دلاله و عليك ان تتزوج احدى قريباتك..
- اللعنة, صرخ جو اخيرا, ألا زلت تغارين من جيسي؟ ألم تفكري بحجم ما يمكن ان نخسره؟ ألا تخافين مما قد يحدث لنا في بلد غريب و بعيد؟.
- هه, جو فيلاسي انت تحدثني عن الخوف و الخسارة؟ الألم و الخوف كانا أصدقائي في وحشة غرفة مشفى القديسة جوستين, ثلاث عمليات قلب قبل أن اتمّ عامي الثاني, قضيت طفولتي في أروقة تلك المشفى الباردة الكئيبة, ماذا يمكن ان تخسر طفلة أكثر من اصدقائها الاطفال في جناح السرطان؟ ماذا يمكن أن تخسر فتاة مثلي أمها على حافة الجنون و اباها يعدّ نفسه للارتباط بصبية تصغره عشرون عاما؟ جو فيلاسي, لا شئ لي لأخسره او اخاف عليه, لو كنت تملك شيئا فهذا شأنك...
- أنا املكك تامار, انت حبيبتي و سنبقى معاً و سنبقى هنا...
- انت لا تملك حتى نفسك, و كل ما تفعله يملى عليك, أما انا فقد اعلنَت هذه الحياة حربها عليّ باكراً و أنا لا أهابها, ثم بدأت تحدثه بكل ذلك اللهب الذي يتقد في عينيها كما تفعل دوماً, سأموت يوماً أنا أعلم ذلك, لقد تعلمت التعامل معه قبل أن أتعلم الكلام,  لكن هذا اليوم لن يأتي قبل ان ألوث هذا العالم بكوابيسي و أحلامي..
قالت ذلك ثم عادت ادراجها نحو بيتها. دخلت البيت و هي ترجف من البرد و القهر و صعدت الدرج نحو غرفتها لتجد لورا و قد خرجت هذه الاخيرة من غرفتها تنظر إليها بحذر.. كم هي متطفلة هذه الفتاة, فكرت تامار بأختها التي تصغرها عامين و تزيد عليها طولا ...
- لقد ذهب, تجرأت لورا على القول بصوت خفيض..
توقفت تامار عن الحركة عند أخر درجة و هي تنظر نحوها ثم مالبثت ان بدأت تبكي. كانت تتمنى لو أن جو لحق بها يعدها بأي كذبة, كانت تتمنى لو أنه بقي في الشارع مقهوراً من تركها له, كانت تتمنى أن يحبها بصدق مثلما كان يردد لها كل يوم.
لورا كعادة الاخوات المتوترات و العاطفيات أحتظنت تامار و رتبت على كتفها و هي تقبلها من شعرها الذي لم تغسله هذه الاخيرة منذ أيام ثم قدّرت انها تمتلك من المودّة ما يسمح لها بالتكملة فسألت أختها:
- و الطفل ماذا ستفعلين به؟
رفعت تامار رأسها نحو أختها تستطلعها و قد توقفت عن البكاء:
- أي طفل؟
- أنت و جو ...؟ لم تكمل لورا
- ههههه, خرجت ضحكة خفيفة مشوبة بالحزن من فم تامار قبل ان تبتعد عن أختها و هي تمسح بطرف بلوزتها دموعها:
- ما الذي تفكرين به بحق السماء؟ ألا تعلمين ان جو ينتمي لكنيسة القديسين الجدد الانجيلية؟ ثم و قد اعتدلت في وقفتها, ما رأيك ان تتوقفي عن التجسس عن الاخرين و الاهتمام قليلا بنفسك؟ ابدأي بالبحث عن صديق ... نصحتها تامار و هي تدخل غرفتها و تغلق الباب قبل أن تقول أخيراً : و من الافضل ألا يكون شاذ هههه 

الأحد، 9 فبراير 2014

جدول الجنون - لورا

كانت لورا تتهيأ لإغلاق بوابة القصدير الصغيرة لخزانتها عندما تفادت بهلع حقيبة جويس البدينة و هي تهرول في الممر الضيق متأخرة.
نظرت لورا بألم لبنصرها المجروح بالباب القصدير و بدأت تبحث في اغراضها المبعثرة عن لاصق للجرح.
كم تكره الجروح مهما كانت صغيرة. تفضّل أن تصاب بالتهابات في المعدة على أن يتعرض جلدها الحساس للتقشير او الجرح. 
- لماذا عليّ ان احمل كل مورثات المرض في هذه العائلة؟ كانت تحادث نفسها و هي تغطي الجرح الصغير بإحكام. 
- لا, قالت لها نعومي صديقتها في فترة الغداء عندما أعادت عليها ما حدث, انت لا تحملي كل المورثات انظري لجو انه يحمل ضعف أمك و تامار نقص نظر أبيك. 
- نعم لكن جو ورث ذكاء أمي و تامار ورثت عنها شعرها اللامع الكثيف كالشلال, يؤلمني ان فتاة حمقاء كتامار لا تهتم بكل هذا الشعر. إنه نوع من الاسراف. 
- حسنا , انهت نعومي ذات التفكير العملي الموضوع لتركزا على الخطة القادمة, هل وافق أبيك على حكاية توصيلنا يوم الغد؟
كانت نعومي كاتمة أسرار من نوع ممتاز لكن قدرتها على سماع الحديث كانت قليلة. كلمتين و تفهم لب الموضوع و تعطي الحل المناسب ثم تعود للتركيز على مشاريعها.
لكن لورا كانت تحب الثرثرة عن حياتها و مشاكلها و اختها.. 
تامار..
كان عليها ان تفهم ذلك سريعا..
 كان كل شئ ظاهر للعيان, لكن لورا لم تفهم جيدا كل تلك التحركات المفاجئة, النظرات المريبة و الصمت..
صمتت تامار كثيرا في الاونة الاخيرة..
صمتت كثيرا بالنسبة لتامار التي لعبت لورا معها في نفس مربع الرمل و تشاجرت معها على نفس الجيم بوي.. 
- لا اعتقد ان احدا في العائلة يعلم بشئ سواي.. محكوم عليّ بمعرفة اشياء كثيرة في هذا العالم..
ندبت لورا حظها لكريس صديقها القديم من ايام الابتدائي و الذي يدرس في ألمانيا ضمن برنامج لتبادل الطلبة..
تحادثه عبر النت كل اسبوع تقريبا و يتقاسما الكثير من الامور. كريس هو مثليّ الجنس. هذا ما تعتقده لورا لكنها لم تبوح بذلك امامه يوما و تحاول قدر الامكان عدم الاقتراب من الموضوع. إنها امها من نصحتها بذلك:
- أعطيه افضل هدية ممكن تقديمها لصديق , أعطيه حرية أن يقرر من يكون و أن يقول ذلك ساعة يشاء ...

- هل تظنّ أن عليّ ان اخبر ماما بالموضوع...
- لااااااا, تعلمين كيف هي أمك , ستصنع هستيريا عظيمة و قد تهدم البيت على رؤوسكم و انت لست بحاجة لهذا الان..لست بحاجة أن تضطري للعمل و الدراسة في وقت واحد لأن اختك حامل ...
- نحن لسنا متأكدين من الموضوع يا كريس, هناك شكوك لكن غير متأكدين...
- حسنا لكنك متأكدة انها نامت مع هذا المقرف جون فاسي سافي , ما اسم عائلته هذا الغبي؟
- فيلاسي , قالت لورا, جون فيلاسي و هو ليس بمقرف بل يمتلك سواعد و ايدي كعارضي أزياء لاكوست..
- حسنا, اعترف كريس ممتعضاً ثم أضاف, عليكي ان تفهمي ان فتاة في السادسة عشر تملك من الغباء ما يكفي للمخاطرة بالاقتراب من شاب كجون فهي تملك من الغباء ما يكفي لئلا تحمي نفسها...
- أنت تتحدث عن تامار و تصفها بالغباء؟ كريس, هل تصدق ان تامار غبية؟
- كلا لكنها تملك جنون أمك ...
لم تسترح لورا لكلام كريس. كان يلقي اتهاماته هنا و هناك و ينتقد الجميع كأنه يهرب من انتقادات الاخرين و اتهاماتهم له. لذا فقد قررت التوجه لغرفة أخيها جو.
طرقت الباب بهدوء و انتظرت فلم يرد فاستلقت على الارض تستنشق الهواء الخارج مند الفراغ بين الباب و الارضية الخشب...ثم عادت و وقفت و اتكأت على الحائط تفكر...
كان جو يدخن ماريوانا و قد فتح شباك غرفته. حرارة الجو في الخارج تقترب من 15 تحت الصفر و هذا المجنون يفتح النافذة كاملة لإخفاء تدخينه لسيجارة ماريوانا بائسة. البيت من الخشب و جهاز التدفئة المركزي يكلف كثيراً و هذا المجنون لم يجد حلاً افضل من هذا. لقد بدأ خشب الارضية الجديد بالتشقق في غرفته.. 
والدها في القبو يتحدث مع عشيقته السرية التي تعرف عليها حديثاً, فتاة سخيفة تعمل في محل بيع الحيوانات في مركز التسوق القريب.
أمها في الصالون أمام التلفاز تنظر ببلاهة لبرامج لا تشاهدها و تساير خالتها في التلفون في أحاديث لا تنتهي..
تامار قد اقفلت باب غرفتها عليها متحججة بالدراسة.
جو يدخن سيجارة غبية لينسى كونه برتقالي الشعر
و هي واقفة في الممر تحاول ايجاد حلول لكل هذه المصائب....
- عليّ أن افعل ما قالته نعومي, عليّ الخروج من هذا المكان و إلا لأصبحت مثلهم أنانية و كاذبة... عليّ أن أهرب...

الخميس، 6 فبراير 2014

جدول الجنون

نهض من السرير سريعا و اتجه نحو غرفة ابنه البكر نادى عليه ليستيقظ قبل ان يدخل الحمام
كانت تنظر برتابة لسقف الغرفة , لم تغمض جفنها طوال الليل, في الخارج صوت ريح شديدة, مررت اصابعها على شفتها العليا بتلقائية لتكتشف ظهور بثرة جديدة.
كان قد خرج من الحمام ليسمح لابنتيه بالدخول. صباح الخير قال لهم و هو يتجه لغرفته مجددا.
انهم يحذرون من احتمالية وجود الجليد الاسود , جاءه صوت ابنه فرد : اذن عليكم بالاستعجال حتى اقود بهدوء...
لم تستطيع رفع رأسها كالعادة. فضلت البقاء في السرير الكبير رغم ادراكها ان اي تأخير في معالجة البثرة سيؤدي لكبر حجمها و لألام جديدة.
ارتدى ثيابه بسرعة و لم يتوقف عن الحركة و هو يسألها: هل ستعودين للنوم؟
لم ترد و لم يكن يتوقع ان ترد و لا يعلم حتى لماذا يسألها.
هبط الدرج الخشبي بحيوية و هو يعيد على ابناءه الامر بالاستعجال
في كل الحركة التي كانت تحدث في الممر الصغير امام غرفتها لم يتوقف احد رغم ان باب الغرفة كان مفتوح. لم يتوقف احد ليقول لها صباح الخير. لقد فقدت هذه الكلمة لطافتها و عفويتها منذ زمن لذا كانت قد طلبت منهم الا يلتزموا بقولها .. لكن اليوم  كان تسكنها رغبة بسماع شئ بسيط كصباح الخير...  جو, تامار و لورا كانوا يتحركون كل بحسب طبعه و مدى نجاح نومه امام الغرفة حيث تتمفصل غرف الطابق الثاني.. بعض المشاحنات و لورا كعادتها عصببية...
استطاعت اخيرا ان تقوم بتثاقل و توجهت للحمام لكنها لم تفلح بملاقاة احد لتقول له صباح الخير..كانوا كلهم قد هبطوا للطابق الاول. دخلت الحمام لترى الفوضى الكبيرة الحاصلة .. كانت لورا لوحدها مسؤولة عن نصف الكريمات و المكياج.. نظرت للارض حيث نقط من الدم الصغيرة ...هذا صمؤيل زوجها هو من يجرح نفسه كل يوم اثناء الحلاقة و يحرك الشفرة بعصبية لتتناثر قطرات الصابون الممزوج بالدم و الشعر القصير على ارض الحمام
أما المرآة فقد كانت ملوثة بمحاولات جو ابنها للتخلص من نقاط الماء التي ينثرها على المرآة و بقية اثاث الحمام عندما يقوم بغسل وجهه ..
وحدها تامار لا تترك اي اثر لمرورها على الاشياء...مثلها تامار لا قدرة لها على الايذاء و القتل
صموئيل كان يتحرك بسرعة في المطبخ كعادته و يكرر اوامره اليومية على ابناءه المراهقين الثلاثة الذين كانوا يكررون هم ايضا كل حسب عادته تمردهم على الروتين و السأم...
وجدتهم على الطاولة يتناولون فطورهم و يستمعون لنشرة الاخبار الصباحية. جلست معهم و هي تنظر إلى وجوههم كأنها تبحث عن نظراتهم. لا قالت لنفسها كانت تود رصد التغييرات التي حدثت ... تود ادراك بصمات الزمن على وجوههم لعلها تجد شيئا جديدا يلهيها في يومها ..
- لم يتبقى جبنة فلادلفيا,
- ماما, اشتري شرائح سالامي
- لا تذهبي للسوق الصيني يا أليس .. بضاعته قديمة
خرجوا بسرعة تحت وطأ أوامر صمؤيل و هو يحثهم كعادته و يتنقل بين الممر الخارجي لينظف درجاته و بين الكاراج ليضع حقيبته في السيارة و يدير المحرك و بين المطبخ ليأمر الجميع بالاستعجال..
خرجوا و عاد البيت لسكونه و وحشته...
مسكين صمؤيل, رددت في نفسها, انه يمارس الجنون بكل عقلانية و تنظيم. يستمر في التزحلق بأكبر سرعة على الجليد الاسود الذي يغطي دروب هذه الحياة. يستمر بالاعتقاد انه سينجو لو قلل من السرعة و ركز اكثر في الطريق امامه. يستمر في الرهان على سعادة لا تأتي دون ادنى محاولة لرؤية وجوه اللاعبين حوله. يستمر في معاندة الله و رفضه للقدر...
مسكين صمؤيل... انه مجنون  

الأحد، 2 فبراير 2014

مشروع قومي للحب3

في اليوم التالي احمد ارسل لتهاني رسالة:

انت مزعجة
و ربنا انتي مزعجة
هل تعلمين حجم الاعمال والامور المتوجبة علي و التي لم استطيع القيام بها من جراء مشروعك المزعج
ما كدت اتخلص من اثار الرسالة الاولي لاجدك تبعثين لي بأخرى
هل تعلمين قدر الضرر الذي اصاب حياتي
هل تعلمين قدر العطب الذي اصاب روحي
ثلاثة ايام و انا اقرا الرسالة الاولي بمعدل ثلاثة مرات في محاولة حيثيثة للتخلص من التشبث بها بأسرع وقت
كالطعام الذي لو وّدت كرهه فما عليك سوى بالاكثار منه
و ما كدت أهنأ نفسي على ثباتي و عودة الانتظام لافكاري
لاجدك قد ارسلت لي رسالة جديدة
يا مزعجة

سأزعجك أنا أيضاً
في محاولة جادة للثأر
سأقول لك لا تراسليني حتى اسبوع
يا مزعجة

دعيني اتلملم على اطراف ايامي التي بعثرتها افكارك
سأقول لك لا اريدك ان تدخلي على مدونتي
يا مزعجة

لقد فقدت بريقها كمخبأ لي بسبب اكتشافك لها
يا ايتها المزعجة
كيف لي ان ارد عليكي






بعد اسبوع, كان أحمد يصعد ثلاثة, ثلاثة درجات المبنى حيث يسكن صاحبه سعيد. كانت الشبكة قد تعرضت للعطل طوال يومين و اليوم بالتحديد كان أخر فرصة قد أعطاها لتهاني لتراسله. فتح الايميل... لاشئ منها... كان ينظر للشاشة الملونة أمامه بإحباط. لم يرى من الالوان الا الجفاف و العدم.
تبادل مع سعيد الحديث. دخن سيجارة ثم قرر الكتابة و بعد عشر دقائق و عدة قراءات أرسل رسالته, أرسل لوعته: 

انت كاذبة
طوال اسبوع و انا اهنأ نفسي على ثباتك
اسبوع كامل و انا اعاتب نفسي على ابتعادك
اسبوع كامل و انا أملّي نفسي بالرسالة القادمة
لافتح الايميل و ابقى امامه كالمصعوقين
أين رسالتك؟
أين هي؟
ألم يكن بيننا اتفاق؟

انت كاذبة
ألم تقولي ان يداك تتوجعان ان لم تكتبي لي؟
هل قلت ذلك أم أتخيله أنا؟

يا كاذبة
اين مواعيدك
اين هو جنونك
اين هو ازعاجك
حتى لو كان كل ذلك كذباً
فأين هو؟
لا تكوني كالكذبة الاغبياء
انا احب الكذبات الكبيرة
لذا استمري حتى لو كان ذلك كذباً

السبت، 1 فبراير 2014

مشروع قومي للحب2

بعد أن قرأ الرسالة أكثر من عشر مرات تنحى قليلاً من أمام الشاشة و شرد بأفكاره بعيداً. كان يحاول تخيلها. ليس شكلها بل طريقة تفكيرها.. إلى ماذا تطمح فتاة مثلها؟ بماذا تحلم؟ و متى تقرر المضي في أفكارها؟ كم عمرها؟ هل هذا أول الجنون ام انها معتادة على التصرفات الغريبة؟
أتراها مسكينة, وحيدة و بائسة تبحث عن اهتمام كيفما اتفق؟
لم لا؟
و ما العيب في البحث عن الاهتمام؟
على العكس لقد كانت شجاعة تماماً, لربما أكثر منه هو نفسه..
لكن ما الذي يقلقه في كل ذلك؟
كان قد قرر الرفض و ذلك منذ أول اتصال لها..نعم لقد أبدى الموفقة لكن ذلك لم يكن سوى تهرباً من فرضية إلحاحها و ربما كسر قلبها.. هو لن يرد أبداً و لن يضيع وقته في هذا الكلام الفارغ...
هه.. كتابة رسالة لفتاة لا يعرف منها سوى نبرة صوت كمذيعة الاخبار المسائية
ألن يكون ذلك نوعاً من الجبن؟
قرر أخيراً الرد لكن بكلمات قليلة
نعم و بصراحة كبيرة...لعلها تفهم
فكتب حالاً و ترك الرسالة دون إرسال لأن الاتفاق كان رسالة كل اسبوع...مع انتهاء النهار وجد نفسه يغير أخر كلمتين و يكبس زر الارسال...


انت مجنونة
لا اقولها لك لأنها ستسعدك
بل لاني حقيقة افكر فيها
مشروعك عن خطابات الحب التي تودين سبر تأثيرها في متغيرات المجتمع و غيرها من الجمل الانيقة التي رتبتيها قرب بعضها البعض لتقنعيني بالهبل الذي نفعله ليس سوى جنوناً

انت مجنونة
لا اقولها لك لاني افكر حقيقة بذلك فقط
بل لانك قد حفظت عني اموراً أنا نفسي نسيتها
أموراً مرت على الاقل منذ عام

انت مجنونة
لا اقولها لاستغرابي من قدرتك على تسجيل تفاصيل حياتي فقط
بل لانك فكرت للحظة انك قد لا تشغلي تفكيري

بعد ثلاثة ايام وصلته رسالة من تهاني

اللعنة
ثلاثة ايام و انا اهرب من الكمبيوتر كمن يهرب من النار
ثلاثة ايام و انا اتعوذ من سيرتك كمن يتعوذ من الوساوس
ثلاثة ايام احاول فيها ثني نفسي عن الكتابة اليك
ليس لشئ
سوى لاننا في بداية المشروع اتفقنا ان يكون هناك فاصل زمني بين الرسائل لا يتجاوز الشهر
فاذا بي اقضي اليوم بدون التفكير في مراسلتك بالعافية

فتحت تويتر و قرات كل ما كتبته منذ اكثر من عام
ذهبت الي كل حسابات من يتابعوك ابحث عن ردودك عليهم
ذهبت الي حسابك القديم على الفيس بوك و الذي لم تفتحه منذ اشهر
ذهبت للمدونات و وجدت مدونتك التي لم تذكر اسمك الحقيقي عليها و اعدت قراءتها
نعم
انه انت صاحب مدونة دنيا شمال
لا تسألني كيف عرفت
اسألني كيف لي لا اعرف
كلماتك افكارك لفتات وجهك كلها مطبوعة فيها
كلها أعرفها
أحفظها
كلها أستجديها