expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

ملك القلوب

ملك القلوب فلم فرنسي ستيناتي يروي حكاية خيالية عن بلدة فرنسية بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية و بدء انسحاب الألمان من الأراضي الفرنسية حيث يعلم حلاق البلدة أن قوات الاحتلال  قد خبأت متفجرات في وسط ساحة بلدته و ستقوم بتفجيرها بعد انسحابها ووصول قوات الحلفاء. يقوم الحلاق بتحذير الجميع وإرسال برقية لقوات الحلفاء البريطانية المتمركزة خارج البلدة والتي بدورها ترسل المجند الوحيد الذي يتحدث الفرنسية في مهمة استطلاعية لدخول البلدة و العثور على المتفجرات وربما إبطال مفعولها. 
في الأثناء يهرب كل سكان البلدة و يفرغوها تماماً ويدخل المجند البلدة ملاحقاً مما تبقى من القوات الألمانية. يلجأ لمبنى كبير مسوّر يكتشف فيما بعد أنه مستشفى للأمراض العقلية فيهرب منه تاركاً الأبواب مفتوحة ويسقط مغشياً عليه  فيتسلل المرضى للخارج نحو الشوارع و المحال والمقاهي يرتدون الملابس المختلفة الغريبة و يتملكون الأماكن و البيوت والمناصب. ويستيقظ المجند الانكليزي من سقطته ليكتشف سكان غريبي الأطوار ينادونه بملك القلوب دون أي نيّة أو محاولة لمساعدته لإيجاب مخباً المتفجرات. 
أهم ما أثار انتباهي هو لحظة خروج المرضى خارج أسوار المشفى. مشهد قصير مملوء بفرح بسيط و دهشة طفولية يشي بالرؤية السطحية للمرض العقلي والنفسين، رؤية يحتمها الطابع الترفيهي الكوميدي للفلم. 
المرضى النفسيين هنا هم أناس يعانون من أعراض متشابهة: قدرات عقلية متوسطة أو محدودة، أو عدم وعي بالواقع. المجنون اللطيف الغير مؤذي الذي غالباً ما يعاني تأخر عقلي أو انفصام بسيط أو عدم فهم أو تواصل مع الواقع لكنه مبتسم دوماً يتعامل مع الحياة كطفل يبحث عن ألعابه. 
نظرية سطحية و طفولية: لا نوبات هلع أو إيذاء للنفس أو للأخرين، وحالات الإثارة و الانفعال التي يمر بها بعض المرضى غالباً ما يتبعها حالات من الحزن العميق و الصمت و الانعزال. عدا عن أهم ما يميز المرض العقلي وهو عدم القدرة على تنظيم شؤونه و ما حوله.  تتفاوت الأعراض كما تتفاوت حدة المرض من مريض لآخر. 
لكن  في الفلم يبدو المرضى في صورة طوباية طفولية للمرض العقلي يبدوون مجرد أشخاص محبين للحياة لكنهم يتعاملون معها و مع ما حولهم بمنطق مختلف عن الناس العاديين. 

le roi de coeur 1966

الأحد، 3 نوفمبر 2019

في قسم أمراض الأعصاب

كل الخطوات تبدو صعبة وغير قابلة للتحمل
انظر للضوء المنبعث من مصباح المكتب وأسبح في الأحداث القديمة
تسألني الممرضة إن كان كل شئ على مايرام وأود لو أستطيع إيجاد إجابة لها
اكتفي بهزّ رأسي
بعض الممرضات مزعجات يصررن على الحصول على إجابة
يثير ذلك غيظي لكن لا يروق لي إهدار وقتي في الصراع
أي صراع
من إسبوع نقلوا سولانج للغرفة حيث أكون
اعتقد أنهم تقصدوا فعل ذلك
ربما في محاولة لكسر صمتي
سولانج تكبرني بحوالي خمسة عشر عاماً تعاني في آلام المفاصل وبحسب ما سمعت قد تشاجرت مع ابنتها منذ سنتين ورفضت رؤيتها حين أصرت الإبنة على زيارتها بعد مرضها الأخير
لكن رغم كل ذلك فسولانج تتمتع بحيوية المتمسكين بالحياة
تناقش الممرضة كل يوم حول ألامها و أحوالها
تتحدث باهتمام و تسأل عن باقي النزلاء
يبدو أنها قضت أكثر من شهرين في هذا القسم و رغم ذلك لم أرها من قبل
تتحدث سولانج كثيراً لكنها لم تحاول معي كثيراً
مجرد حوار وأقرت: " أوه أنتي منغلقة لا تحبين الحديث.. ذلك يبعث على الاكتئاب" ومضت بعيداً عني
سمعتها فيما بعد تطلب الانتقال لغرفة أخرى
لكني لم أهتم
حقيقة أود أن أعود كالأيام السابقة حين كنت أهتم
لكني لم أعد أهتم
انطفأ شيئ ما
و محاولة إيقاده مكلفة
وربما لم تعد مجدية

الخميس، 26 سبتمبر 2019

ندبة عقلية


تفكر في شيء ، تطلق العنان للعمليات العقلية و تشتغل آلة التفكير بسرعات عالية و نظام وفجأة, 
فجأة تمر الشارة العصبية باتجاه عصبون مهمل، مأزوم، معتكف في جزء من الذاكرة
وفيما تسرع الشارة بالخروج نحو عصبون أخر وتنشط النواقل العصبية 
يبقى التفكير عند الندبة القديمة ، يتتبع أثرها ويصرّ على الضغط عليها و إخراج القيح منها
تتشتت الرسائل العصبية ، تكفّ العمليات عن التكاثف و يقع التفكير في فخ التأزم




الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

شوية حكي

في لحظات هيك من حياتك، مشاهد، فيديوهات قصيرة بتضلها أكتيف في بلاي ليست ذاكرتك
مشاهد عادية جدا لكنها بتظل بترجع و تشتغل في لحظات السأم و الملل او بالعكس في عز لحظات القلق و الهيبرة
هالمقاطع بالذات هي أكثر مقاطع بتثير السيالات العصبية و الكونيكت في عقلي
خصوصاً لمن بكون لحالي
بحس إنها حاملة لرسائل خارج مستوى الوعي و الإدراك
رغم تفاهتها بركز فيها كتير و باستحلب تفاصيلها
واحد منهم هو مقطع مليان سأم و ملل و قمة اللاشئ
بناتي التوأم كانوا في نشاط مدرسي مسائي في مدرسة خاصة تعيش على استحلاب قيم طبقة صغار البرجوازيين الايطاليين المهاجرين. كنت مستنية في السيارة في العتمة الخالصة في مساء شتوي كندي كلاسيكي. عتمة لا يقطعها إلا انعكاس رمادي مزرق عن أكوام الثلج في أطراف الرصيف و أسفل الحوائط. 
في منتصف البناء الخفيض للمدرسة كان يشع الضو الأبيض الدافئ من مربع كبير اللي هو المدخل
أمهات ايطاليات و كنديات يخرجن بخطوات واثقة و ثرثرة عالية و ضحكات مطمئنة بينما تتسحب إناث الأقليات الأخرى في خجل التابع المطيع ما عدا الهايتيات اللواتي كن رغم قبولهن و تلبسهن لدور التابع إلا أن روح الجنوب الحارة لم تزل تسري في عروقهن تتمثل بأحاديث عفوية ملونة بلهجتهم المميزة و أصواتهن الكونترالتو 
مشهد عادي، طويل سرمدي، ممل. لكن عادي ورغم ذلك بيرجع يلف و يطلع كل شوي في ذاكرتي في حالات نفسية معينة.

الجمعة، 2 أغسطس 2019

فعل كتابة غير فاعل

ينصحني صديقي بالمداومة على الكتابة  كنوع من التدريب. وددت لو أخبرته أني بالفعل اكتب كل يوم و بشكل لا يهدأ. لكن كتابتي تلك كتابة غير أدبية كما أنها غير شخصية: أنا اكتب يومياً الكثير و الكثير من الأشياء. أكتب رسائل مهنية قصيرة غير متكلفة و أملأ مسودات بيانات، فلتقع اللعنة على البيانات . أكتب رسائل نصية لبناتي و اكتب الكثير من الهراء ،الكثير هنا تعود على الهراء ومقدار تركيزه وليس على كميته، على تويتر حيث لا يعرفني أحد من أفراد عائلتي. أكتب كثيرا او بالاحرى أنقر على لوحة المفاتيح كثيرا. هذا لايعني أني لا أكتب باستعمال القلم على العكس فالقصاصات الصغيرة الصفراء تملأ طاولة مكتبي، قصاصات مملوؤة بالشتائم و التهديدات و الخطط السوداوية المريبة . اكتبها باللغة العربية فتبدو كطلاسم غامضة و يعتقد المارون بمكتبي والناظرون لانهماكي الجاد في ملئ تلك القصاصات أني أحيك خطط مستقبلية لمنظومة الجودة و النوعية في الشركة .
يغريني ما سبق  بالانخراط في الكلام عن "فعل الكتابة" و تعريفه و ماهيته ,أحب كلمة ماهيته بقدر حبي لكلمة بوح، لكني أقاوم بشدة هذا الإغراء لأسباب عدة منها أني لا أفقه شيئاً عن "فعل الكتابة" و لا أود حالياً البحث فيه بلّ تغويني نفسي بالفتي، فعل التنظير في غير المعلوم، و التبحر في الثرثرة. كما أن للفتي مضار عدة منها فهو يقتل ثقة العارفين بك وبشخصيتك أكثر من اغتيال ثقتهم في كتاباتك. العارفون بالأمور، و هم ثلة من المتخصصين و الدارسين الجادين و الفاعلين في أي تخصص أو حيز، يولون الكثير من التقدير لشخصك و ميولك واهتماماتك بقدر اهتمامهم بشطارتك وحرفنتك. 
أقول هذا في المطلق لعلمي أن من يفتحون المدونة و يكملون قراءة أي نص فيها لا يتعدون الأثنين. أحدهما معجب سري أجد أثره في المدونة بشكل ما كغيره من المعجبين يتابع ويلتقط أي شئ حتى لو كان فتات. 
 يعجبني هؤلاء المعجبون السريون كما أنني انتمي لهم، لمجموعتهم السرية التي تبلغ السرية منها مبلغ أن لا أحد يعلم بوجودها كما أن لا أحد يعلم من هم أعضاؤها حتى أعضاؤها أنفسهم.
 المعجبون السريّون أؤلئلك الذئاب الوحيدة المتخفية كمحقق خاص في رواية بوليسية، أو مخبر ذكي في أحد أقلام المخابرات الدولية. لديهم نفس التركيز و الانهماك المخلص في العمل لكن ما يزيد من قيمتهم هو التقدير الكبير الذي يكنّوه لهدفهم. لا أعلى مرتبة و لا أصفى قيمة من قيمتك لدى معجبك السري الذي لن يبوح لك أبداً أنت بالذات بما يكنّه لك.
اعتقد أنه عليّ الالتزام بشكل اكبر بالكتابة هنا حتى لو كان ما اكتبه مجرد هراء. 
هذا أقل ما يمكن تقديمه لك. يا عزيزي المعجب.

الاثنين، 15 يوليو 2019

الحقيقة

ها أنا بعد سنوات قضيتها في بغض الحقيقة و تفاديها
الحقيقة التي طالما غنيت لها وناديتها
ها أنا أمامها
اعترف أخيرا بنفاقي لها 
ها أنا أمامها
أراها وتراني و أراني بها
أراني ضمن حقيقتها
ضمن كل ما هربت منه وتفاديت النظر إليه

أجد نفسي ضمنها في قلبها او صدرها او على حافة اطرافها 
أنتمي لها و تكاد تكون امتدادا لظلي

ويروق لي رغم الحسرة أنها ليست بتلك البشاعة
ويروق لي رغم الحسرة أنني لست بهذه البشاعة
ويروق لي هدوءها الموحش
لا ضوضاء أو صخب
ليس هنا سوى الصمت
فأمضي
أخطو بإتساع
مهمومةُ بحقيقتي
أمضي في ممراتها
وقد تجلّد قلبي
أطرق على حوائطها العاتمة فلا أجد سوى الخواء
خواء الصوت فلا صوت للطرقة و لا صدى
هاهي الحقيقة
هي الخواء

العملية رقم 364


بينما كانت له مجرد جارة يلتقيها نادراً في دروبه كان هو بالنسبة لها عملاً يومياً دؤوباً.
كان يلتقيها عند نهاية درج الطوارئ الذي يتخذه هابطاً من دوره التاسع  بدل التكاسل واستعمال المصعد الذي يزيد شعوره  بمحدودية هامش حركته. أحياناً يراها تمر بالبلازا التجارية الصغيرة قبالة البناء حيث يسكن، تلك المحال الصغيرة التي تحاول مقاومة المنافسة الشرسة للمركز التجاري الكبير الجديد في أخر الشارع الرئيسي.  أو يلمحها في محطة الباص تنظر بإستكانة و هدوء في هاتفها. لم يبدو على وجهها تعبير معين مثير للاهتمام لكنها غالباً ما كانت ترتدي فساتين بقصات قديمة كما كان شعرها طويلاً مرسلاً على ظهرها. لعل هيئتها الكلاسيكية تلك هي التي جعلته وغيره يحفظون شكلها و يلتقطون وجودها فيتذكرونها. 
أما هي فكانت تترقبه في  ساعات خروجه للعمل قبل السابعة من شباك غرفتها الذي يطل على موقف السيارات ثم تنتظر عودته قبل الخامسة. فيما بعد سيتوجب عليها الخروج عند موقف الباص وانتظار باص وهمي لتتبع خروجه الغير منتظم مساءً.  من حسن الحظ مرور عدة خطوط لباصات مختلفة بذلك الموقف إذ لن ينظر أحدهم باستغراب إذا ما مر الباص و لم تصعد، سيظنها تنتظر الرحلة القادمة.
منذ شهرين بدأت تبحث عن مكان عمله. كانت قد التقطت معلومة من على حسابه في موقع اللينكدإن لكنها لم تستطيع العثور على الشركة بين متاهات المدينة التجارية التي قادها إليها سائق التاكسي بعد أن حاولت سابقاً الذهاب بالباص. كانت شوارع المدينة التجارية واسعة مفتوحة بمساحات خضراء تمتد أمام الأبنية مما يجعل مهمة التوقف والترقب صعبة. كما أن معظم العاملين يستخدمون السيارات و ستلفت النظر حتماً لو حاولت التسكع في تلك المنطقة.

له أكثر من سنتين من دون رفيقة. كان الأمر في البداية مثيراً عندما رحب به صديقه إيريك مواسياً: "لقد عدت أخيراً لحلبه اللعب".  تشاجر مع ماري-لو تاركاً الشقة لها. كان قد ترك عمله القديم في المطعم كمحاسب و يبحث عن عمل أكثر استقراراً و بتأمينات أفضل بينما كانت ماري-لو منهمكة حتى رأسها في دراستها ولم ينتج عن كل تلك الرتابة و التعب المستمر سوى تفجر علاقتهما. أكثر من سبع سنوات فاترة كانا خلالها يدرسان ويعملان لساعات طويلة لجمع ثمن شراء بيت أحلامهما على طرف بحيرة في الشمال. لكن بدا ذلك أصعب مما اعتقداه وتسلل الاحباط بهدوء لحياتهما و أصاب بالعدوى حتى الحب اللطيف الذي جمعهما. 

أما هي فقد كانت تعلم أن عليها اتخاذ خطوات أكثر جرأة لالتقاط المعلومات عنه ، معلومات أكثر دقة و أكثر نفعاً. لكن نفعاً لماذا؟ لم تكن تعلم حقاً. لقد شد انتباهها منذ عدة أشهر و من يومها و هي تعمل و تقسم يومها استناداً على حركته و ما يمكن أن تعرفه عنه. سبق لها أن كسرت صندوق بريده لكنها لم تجد سوى بعض الإعلانات التجارية وظرفاً يحمل عرضاً لكرت كريدي لكن من دون أي معلومات مهمة. كانت ستعيد الكرة لولا أنها سمعت مذيعة برنامجها المفضل تقول في إحدى فقراتها  أن الناس لم يعودوا يستخدموا البريد و عليه فهي حالياً تعمل على فك شفرة الانترنت الخاص به. لا تعرف كيف، لكنها تحاول وتعمل على البحث عن طريقة لقرصنة شبكات النت.
لم تصل بعد لشئ يذكر. قد يكون من الأسهل عليها سرقة هاتفه. لكنها قلما تصادف وجودها بقربه. ستحاول مجدداً مع صندوقه البريدي.