expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الثلاثاء، 28 يناير 2014

هناء

كان قاعد هناك , على طرف الكنبة و بيدخن سيجارة منظرها غريب.
كان قاعد مستنيني
انا لمن دخلت الصالة اتفاجأت بصراحة و بصّيت له بحدّة و بعدين رجعت طِلعت و فضلت في الطرقة أتلو المعوذتين و ده خلاني أحسّ بقوة خفية بتلفني.
 شكرت ربنا انه معاي و رجعت اتشاهدت على نفسي و فتحت باب الاوضة من تاني
ما كانش على طرف الكنبة, كان قاعد على الارض زي التمثال البتاع الفرعوني ده اللي بيجيبولنا اسئلة منه في الامتحانات دايماً
المهم هو كان قاعد و انا رغم الخوف اللي كان ركبني قلت لازم اكلمه او على الاقل اطرده.
زي اللي عارف انا بفكر بإيه, بصّ لي و قال لي: 
- ما انت لو تلوت كل القرآن, و رحت لما بعد التماهي, انا وراك وراك.
بعدين قام وقف و هو نافش صدره كده و قال لي بصوت آمر: 
- انت فاكرني عفريت مش كده؟
انا كنت بتلو في قلبي كل الدعوات اللي امي محفضهاني عشان كده ما ردتيش و برضه هو اللي كمل الكلام بس بنبرة لطيفة المرة ديه :
- انا مش عفريت يا يحيى, انا بتاعك يا يحيى, و كان بيلف عشان يقعد بعدين وقف يجيب على التساؤل اللي كنت بسأله في نفسي:
- انا نفسك يا يحيى..انا اللي جواك..
و قعد على الكنبة الصغير المرة ديه :
- انا انت يا يحيى و ممكن تكدب على الدنيا كلها و على ربنا حتى , بس مش هتقدر تكذب عليا, مش عليا يا يحيى..
 و بص لي بتأنيب كده زي ابويا لمن يكون محضر لي علقة.
- انت عملت المسرحية في بيت هناء و قعدت تهرتل و تقول كلام و انا كنت ساكت بس انا كنت عارف يا يحيى, انت يمكن ضحكت على هناء, على اهلها و على اهلك و يمكن على صحابك كمان , بس انا عارف..
انا بصراحة كنت بدأت اضطرب و خلاص مش فاهم. قمت بسأله : عرفت ايه بس خرجت معايا بصرخة هستيرية :
- انت مالك؟ مالك انت ؟ عاوز ايه؟
- يا يحيى, قام وقف يشرحلي بهدوء, انا عاوزك تعرف اني عارف عشان ما تسوقش فيها, انت مش مقدر حجم البلاوي والمصايب و الامراض اللي ممكن تصيبنا احنا الاتنين لو انت سقت فيها. احنا معرضين للضياع انا و انت و يمكن نضيّع معانا ناس تانية.

انا كنت جايب أخري و حسيت انه ما بقاش عندي قوة فرجعت على باب الاوضة استندت عليه و عيناي بتزغلل عاوز اركزّ عشان اقوم اقتل ابن الجزمة ده. هو بقى رجع يتكلم:
- انت كنت عارف يا يحيى, كنت عارف انها مابتحبكش, كنت عارف انها بتحب حد تاني, كنت عارف انها بتعمل كل ده عشان تزهّقك و تخليك تبعد, كنت عارف انها مش عايزاك و انها خايفة من اهلها.
وقتها بس, انا حسيت ان الارادة رجعتلي تاني فبصّيت له كده وقلتله ببرود : 
- هات أمارة...
انا كنت قاصد أمارة انه هو نفسي, بس ما شرحتلوش. ما انا قلت لو هو نفسي يبقى هيعرف انا اقصد ايه.
هو قال:
- انت حيَلك رخيصة يا يحيى, بس اعمل ايه؟ اهوه احنا الانفس ما لناش اننا نقرر مع مين هنشتغل. تعرف؟ انا لو كان ليا قرايب معروفين؟ كنت هاشتغل مع وائل عبد الفتاح, بس نقول ايه بقى؟
سرح شوية يبص في الحيطة زي ما يكون بيتخيل حاجة شوية و بعدين قام كمّل :
- انت فاكر يوم ما قعدت تبصلها و تعد في قلبك كم ثانية عينيها بتفضل معلقة بعينيك و تقول البنت ديه مش بتحبني, انا لازم اموت نفسي. بس قبلها هاقوم امسكها من راسها بايديا و ابوسها و اللي يحصل يحصل؟؟ فاكر؟
برغم كل الحيل اللي استعملتها عشان انسى, انا كنت فاكر كل المشهد ده و يادوب لمن هو قاله ما حسيتش بنفسي الا منهار و قعدت على الارض اعيط زي العيال :
- هناء, خطيبتي, اللي عمِلت عمايل في البيت عشان اهلي يروحوا و يطلبوها. هناء اللي من اول يوم شوفتها قلبي اتعلق بيها..هناء حبيبتي اللي رسمت وشها على صفحات دفتر كامل ...هناء اللي كنت بشتغل زي التور عشان اعمل اي حاجة ممكن تطلبها...و هي ما كانتش بتطلب ...هي ما كانتش عاوزة حاجة...هي كانت بتفضل قاعدة وشها في الارض و يا دوب تقول كلمتين و انا روحي هتدوب عليها ...بكون عاوز اقعد عند رجليها و اكلمها عن نفسي و حياتي و احالمي و عن حبي ليها....هناء حبيبتي.

هو لمن شافني كده بتشحتف و مكسور الخاطر قام جه قرّب عليّا و قعد مقابلي على الارض يواسيني :
- ما تزعلش يا يحيى, انت لا أول و لا أخر واحد يحب واحدة مش بتحبه..انت كنت عارف..و قبلت يا يحيى..
- ما انا بحبها, صحت فيه و الدموع مالية عينيا, انا بحبها و مش قادر احب حد تاني...انا بحبها ...كنت لازم اعمل كده..كنت لازم اقول اني بفكرها مؤدبة جدا ..اني بحب فيها خجلها...انا بحبها و عاوز افضل عند رجليها طول اليوم, طول الحياة, طول العمر...
- بس هي ما بتحبكش..
- و لو, قمت واقف بصيح زي المفجوع و اللي اتقتله عزيز, و لو.. انا بحبها ..اللي في قلبي ده يكفي الدنيا كلها و هيقدر يخليها تحبني.. هي يعني كانت هاتحب مين؟ احلى مني؟ اغنى مني؟ اشطر مني؟ انا مستعد تجيبلي اي واحد و تقارنه ...انا مستعد اشوف مين هيحبها قدّي... انا مستعد ..

انا كنت هاكمل كلام بس نفسي ده هجم عليّا, كتّفني و بطحني على الارض و قعد يزعق فيا:
- انت مش هاتهدا يا بن الكلب؟...مش هتفهم بقى؟ انت ما بتفهمش؟
انا طبعا حاولت ادافع عن نفسي مش عشان خايف منه لكن كنت بحس انّي بدافع عن موقف مهم. بس هو كان زي ما بيقولوا عن العفاريت, كان عنده قوة غريبة و قدر يمسكني كويس و فضل مكتفني و هو بيكلمني:
- افهم يا يحيى.. العناد ما بينفعش في الكلام ده.. انت بتحرق نفسك قبل ما تحرقها.. انت لازم تستوعب ان الحب حاجة ملهاش وجود و معايير فيزيائية و التعامل معاه ما بتقدروش انتو البشر عليه لانكم فيزيا يا يحيى. و جودكم وجود مادّي و حسّي و مش هتقدروا ابداً تتعاملوا مع اشياء ما لهاش ذات نفس الطبيعة ...

انا حسيت اني بكلم استاذ ابو العلا بتاع الكيميا. و بصراحة ما بحبوش لابو العلا, قمت قلت له: 
- طب ما تقوم و تسيبني اقف؟
هو انتبه اني هديت و قرر يسيبني و انا رجعت قاعد على ارض الصالة و ببص فيها زي المذهول.

- هتقدر يا يحيى ...هتقدر تنساها و هتحب واحدة تحبك ... هي الدنيا كده يا ابني... مش لازم تعاند معاها في الحاجات ديه... سيب هناء في حالها....سيبها هي كمان عندها مشاكل ياما... سيبها و ركزّ معايا..انا نفسك ...ركز معايا و خلينا نشوف هنعمل ايه في مشروعك بالسفر... احنا لازم نبتدي نركّز في مصلحتنا يا يحيى .... ما ادورش على مصلحة حد تاني...
كان بيطبطب عليّا و بياخد من قلبي:
- قوم يا يحيى ...قوم نخرج نروح المول نشوف البنات ... قوم يا عم ..ما فيش اكتر من البنات الحلوة في الدنيا ديه ...يلعن ابو هناء على اللي يحبها...قوم

خدني من دراعي و جرّني وراه و هو يكلمني و يسرح بيّا ..
 خدني بعيد عن هناء و حبها..
خدني بعيد عن قلبي...
بس الجرح فضل معايا 
الجرح فضل جوايا 
و انا و هو كنا عارفين 
و انا و هو عملنا مش فاهمين

هناك 3 تعليقات:

  1. أنت ِ ما كتبتيش كتاب أقصوصات ليه ؟
    صدقيني كلامك يستاهل ينتشر :)
    أحسن من الشوية العيال الهايفة اللي كل شوية بتكتبلنا شوية لخبطة .... تروح زقاهم في كتاب و تقولنا : اتفرجو على إبداعي .. و ما تنسوش تمدحوني !

    ردحذف
    الردود
    1. مستعدة يا طارق على شرط انك تتعهد بشراء نسخة....:))
      اصل نظرتي للحياة مادية جدا
      :))

      حذف
    2. أتعهد بشراء نسخة , 10 نسخ كمان ... طالما هتعمليلي خصم عشان أحنا أصدقاء
      و خصم عشان أحنا من بلد وحدة
      و خصم كمان عشان احنا زملاء مهنة وحدة "التدوين"

      حذف