expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الثلاثاء، 27 مايو 2014

#حوليات- عمل فنّي: ذهب كليمت

لم أكن أظن يوماً أني احبذ لون الاصفر او أميل الى استعماله
فالورود الصفراء حسب مقالات المجلات النسائية ترمز للاشخاص الانانيين
أساور الذهب التي تحيط بمعصم الفتيات تلمع بشراسة مؤكدةً لك فقرك و خواء يديك
اللوحات الزيتية القديمة تميل للأصفرار المتسخ من دخان الشموع المحترقة
الزيت اللزج الذي يتطلب كثيرا من السائل المنظّف لونه أصفر
و بقع العرق على القمصان أيضاً

لكن الشمس صفراء
و سنابل القمح البريئة المظهر
حبات الذرة
و قطة بيت الجيران

لكني لم أكن اظن اني سأحب الاصفر خصوصا في لوحة
أنه شرس هذا اللون
لكن كليمت لا يتورع عن استخدامه
و من كليمت هذا أيضاً
Gustav Klimt فنان نمساوي مشهور و أحد أبرز فناني حركة الانفصال الفنية : Sécession viennoise ( حسب ويكيبيديا ) و
و
و
يا للهول
إنه ميت منذ 1918
يعني منذ قرن تقريبا
لحظة
انه تاريخ ميلاد المرحومة جدتي
لماذا يبدو علي الاندهاش؟
لأنني يوم رأيت لوحاته ظننتها لفنان حديث لازال يعيش بيننا و شاب أيضاً
شعرت بها تخاطبني الان
و ظننت ان كليمت يرى ما نراه من تقنيات الكترونية تمزج الحديث و القديم و أخرى في الاعمال الفنية كالكولاج و غيره
لقد اعتقدت ان الفتاة التي في اللوحة هذه هي المخرجة الاميركية صوفيا كوبولا Sofia Coppola
و ان الرسّام قد اعتمد وجهها موديلا للوحته في محاولة للانتشار عن طريق استعمال وجوه المشاهير
لكن لا
كليمت ولد في القرن التاسع عشر و توفي في بدايات القرن العشرين و لم يشهد الحرب العالمية الثانية ولا حرب الخليج و لا ظهور الانترنت و لا استعمال الموبايل و لم يحالفه الحظ برؤية مايلي سايروس في طقمها البلاستيك الاصفر و مع ذلك فهو جالس هنا يحدثني بريشته و ألوانه عن العالم من حولي
فالمربعات الصغيرة التي تذكرني بالمنطق المربعي, بهوس الناس لأن يكون كل شئ متساوي الاضلاع , بورق البوس تيت الذي من المفروض ان يذكرني بما عليّ فعله دوماً و دوماً و دوماً
الخطوط الحلزونية تذكرني طبعا بالحلزونات التي رأيتها البارحة على طول الرصيف و هي تهرب من أرض الحديقة الغارقة بمياه مطر ابريل
ايضا الخطوط الحلزونية تذكرني بالحياة التي تدور بنا و تلفّ
تذكرني بالتاريخ الذي يعيد و يعيد نفسه دون أن نستفيد من عبره
تذكرني أيضا بالنقود المعدنية المذهبة التي تمتلأ بها صناديق الكنز ...اي كنز...
لكن
كل هذه تفاصيل صغيرة
الفتاة تكاد تبدو حقيقية
جلدها الصافي, أطراف أصابعها و تعبير وجهها
و بما أني أحب التخيّل فأنا أراها كإحدى المتفرجات على عرض أزياء لدار عالمية ( حقاً هذا هوالكيتش بعينه ) و تستغرب المانيكان النحيفة أمامها بأعوامها الستة عشر و رداءها الرمادي القاتم
انه العالم الذي لا احبه و لا أكلّ من مراقبته
بذهبه, بتقنياته, بتاريخ العيلة, بتاريخ الصلاحية, بمقاييسه و ازدواجيته ....

انه ما لا أملك




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق