expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الثلاثاء، 6 مايو 2014

أين بدأ الممنوع؟ ما تخرجش للشارع!

في التدوينة السابقة ألقيت أفكاري عن الممنوع كيفما اتفق و لم أركزّ في شئ
كان هذا مريحاً جداً
لكني منذ اليوم سأحاول التركيز في كل مرة على سؤال واحد 
أوممممممم 
أين بدأ الممنوع ؟
أعتقد أن هذا له علاقة بظهور المجتمعات الهرمية التي يتمتع أفرادها بتخصصات. فالكاهن مسموح له بأشياء و ممنوع من غيرها و الفلاح أيضاً 
كل ذلك يبدأ منذ الصغر حيث يتم ترويض الطفل و تعليمه باحترام ظوابط معينة و الامتناع عن عمل أشياء معينة
كلما تطور المجتمع و تعقّد كلما كبرت لائحة الممنوع. 
البعض يربط بين الممنوعات و المحرمات و هذا كما سبق و قلت في التدوينة السابقة هو لغط.
كون المجتمع لاديني او لا يضع تطبيق الدين في أولوياته لا يعني أنه يفتقر للممنوعات. كل ما هنالك ان الممنوعات تعتمد على اسس مغايرة لغضب الله الخالق و مخالفة نصوصه المقدسة.
هذا الامر يلحظه المهاجرون خاصة. معظمهم لا يفهم الفروق و لا يستوعب الاسس التي تقوم عليها الممنوعات و يؤدي هذا به لعزلة كبيرة. 
سأستعمل للتدليل على ما أقول مثالاً بسيطاً واضحاً
معظمنا سمع عن المشاكل التي يعانيها أبناء تجمعات السكان الاصليين (الذين يتم تسميتهم جزافاً بالهنود الحمر) في شمال القارة الامريكية من محاولات دمجهم مع المجتمعات المدنية.
إحدى أهم هذه المشاكل يعود لسبب التربية و التنشئة ذلك ان مجتمعات السكان الاصليين لا تعرف في تقاليدها ما يعني بتربية الطفل و أقصد هنا تدربيه و ترويضه ليحترم و يتبع تعاليم معينة. الانسان الهندي الاحمر (سأسميه كذلك استسهالاً) يؤمن أن الطفل ينتمي للحياة و للطبيعة و أنه حرٌ تماماً لذا فرغم الاعتناء به من حيث تقديم المأوى للنوم و الطعام له فهو لا يتعرض لأي نوع من العقاب او المنع او الترويض كما أنه لا يُجبر على تصرفات معينة. إنه طفل طليق يتعلم بشكل عفوي عن طريق تقليد الكبار و لو حدث و وقع له حادث فهذا قدره و عليه بنفسه تعلم الطرق التي تنجيه من المخاطر. لو حدث و قرر عند الكبر عدم الذهاب للصيد فلن يعطيه أحد طعاماً..
الطفل ينشأ و هو لا يعلم بوجود الممنوع و بالتالي فهو لا يعتاد على الالتزام بشئ.
ذات يوم قام الجيش الكندي  - و في محاولة لتشجيع الشباب العاطل في هذه المجتمعات على الانظمام لصفوفه - بعمل دورة تدريبة لمدة ستة أشهر لمتطوعين على أن يتم دفع رواتب مغرية للملتزمين. التدريب كان يشمل العيش مثل نظام الجيش كالاستيقاظ و النوم في أوقات محددة و القيام بالتمارين الرياضية و إتباع بعض الدورات التدريبة على الاسعافات الاولية. 
الصعوبة الاكبر التي كانت تواجه القائمين على الدورة هو إقناع المتطوعين الالتزام باللوائح. بكل بساطة كان هؤلاء الفتية والفتيات غير معتادين على الالتزام بلوائح. 

ما سبق و ذكرته يدلل على أن المجتمعات البدائية لم تكن تعاني من مشكلة الممنوع مثل المجتمعات المتطورة لكن رغم ذلك فإننا نلاحظ  ان الممنوعات في مجتمعات دول العالم الثالث كالهند و الصين و العالم العربي هي أكثر من تلك الموجودة في مثيلاتها من العالم الاول. هنا يكون التفسير ان التطور الذي أتحدث عنه ليس في طريقة الاكل و لا في مستوى دخل الفرد بل هو في تاريخ المجتمع و قدمه. فلو قارنا بين مجتمع المدينة في بلد أوربي قديم كفرنسا مثلا و مجتمع المدينة في إحدى دول شمال امريكا و التي تعد مجتمعات حديثة لوجدنا فروقا واضحة ايضا.
قد لا يصدق أحدنا بوجود هذه الفروق لكنها موجودة و من تجربتي فالفرنسيون القادمون حديثاً لكندا يؤيدون ذلك تماما. أيضاً سأويد كلامي بمثال بسيط: التعامل مع المدرس في الجامعات الفرنسية يكاد يكون مشابها لمثيله في المجتمع العربي حيث السطوة ( و اقولها حقيقة) للدكتور الذي يهاب البعض الضحك في وجوده. العكس تماما في الجامعات الاميركية حيث يتعامل الدكتور المحاضر بسلاسة و اعتدال مع الطلاب الذين يتحدثون معه بتلقائية و قد ينادوه في بعض الاحيان باسمه الاول شئ يكاد يكون محرّم في اوروبا. 

لكن هل يفسر هذا إحساسنا بكثرة الممنوعات في المجتمعات العربية؟ هل كونها مجتمعات قديمة تعود بعضها لألاف السنين هو السبب؟ أم كونها تعتمد على مصادر متعددة للتحريم و المنع منها الاجتماعية و منها الطبقية و منها الاقتصادية و أخيراً الدينية؟ 
أعتقد أن هذا سؤال جديد و رغم ولعي بالثرثرة لكن عليّ محاولة التفكير به في تدوينة قادمة 
:)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق