expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأربعاء، 7 مايو 2014

في الممنوع ... ما بلاش اللون ده

السؤال اليوم و حسب الوعد هو لماذا في مجتمعاتنا العربية نشعر بثقل الممنوع و كثرته؟ 
أحم أحم
الجواب بكل صراحة هو 
ما اعرفش
انا لو كنت اعرف كنت عملت كتاب و بعته و تشبرقت بأرباحه على الحبايب ... 
لا كل هذا غير صحيح .. 
اولا لاني اعرف كل شئ
و لو حدث و لم اكن اعرفه فسوف اخترع من خيالي 
ثانيا لان الكتب و مبيعاتها و ارباحها في العالم العربي لا تغني فقير
إذن فأنا اليوم أحاول أن افكر على الملئ حول سبب كثرة الممنوع لدينا...
بصراحة اعتقد ان الممنوع يختلف بين دين و أخر, مدينة و أخرى, طبقة اجتماعية و أخرى
حتى بين العيل و الاشخاص
الذي يحدث أننا و بتفكرينا البدائي الطفولي نُعمم ما هو ممنوع بالنسبة لثقافتنا و تربيتنا على جميع الناس..
جميعنا يفعل ذلك: ذات يوم عندما كنت يافعة في الحادية عشر من عمري انتقدت تنورة صديقتي السوداء مرددة: « أمي تقول أن اللون الاسود لا يليق إلا بالسيدات المتزوجات ». 
و لأننا أيضاً طفوليون و مقموعون في تربيتنا و مدربون على الخوف و الاهتمام لما سيقوله الغير فإننا نلتزم بمعايير الممنوع التي تُلقى علينا من كل جهة حتى و لو لم تكن تعنينا...
جميعنا يفعل ذلك: رغم معرفتي و يقيني أن لفظ كلمة سرطان لتوصيف المرض لا تنقله كالعدوى و رغم ذلك و بسبب المتشائمين و المجانين الذين يصدقون كل أنواع الخزعبلات فأنا أصبحت أردد كلمة المرض اللعين لتوصيفه... 
ما ذكرته هنا هي أمثلة أقرب للعيب من الممنوع و هنا هو اصل المشكلة
في مجتمعاتنا تختلط المفاهيم و يصبح العيب هو الممنوع بينما يكاد البعض يحلل الممنوع..
السرقة مثلا دينيا و اجتماعيا هي ممنوعة 
لكن كثيرا ما يتم غض النظر عنها في حالات كثيرة 
الحب ليس محرمّاً و لا ممنوع لكنه معيب. إذن فالمجتمع و بشكل غير مباشر يمنعه.
تدخين السجائر ليس ممنوعاُ و لا يعاقب عليه القانون إلا لو كان ذلك في أماكن معينة حفاظاً على صحة الناس و رغم ذلك هناك من يتعامل مع الموضوع على أنه ممنوع و معيب و مخجل.. خصوصاً للمرأة..
ذات يوم كنت و صديقاتي في زيارة لصديقة أخرى و عندما وصلنا فتحت لنا الباب أمها و هب تمسك بيسراها سيجارة. عند العودة بدأت احدى صديقاتي التي من الواضح أن أهلها لا يدخنون بانتقاد السيدة بشكل معيب. طبعا التدخين أصبح في وجداني مرتبط بالعيب و بالممنوع  رغم أن كل الكبار في عائلتي كانوا من المدخنين.
الاذواق الشخصية أيضاً تتدخل و بقوة لتقول لنا ما هو ممنوع و ما هو مسموح:
ذات يوم و في جلسة عائلية قامت سيدة مسنة محترمة بانتقاد لبس سيدة أخرى أمامنا جميعا: أنا لا أحب اللون الاحمر, إنه غير لائق لامرأة مثلي متقدمة في العمر. حتى عندما كنت شابة كنت أرفض لبسه. أنا لا أحب اللون الاحمر...
هكذا و بكل ثقة قامت هذه السيدة - التي هي كبيرة العائلة و لا تسمح لأحد بأن يثني لها كلاماً - بوضع خط أحمر لما يجب لبسه و ما لا يجب لبسه... 
للاسف هذا ما نتعرض له جميعاً. كل يوم و كل لحظة و في كل لقاء. 
سائق التكسي ينتقد قصات الشعر الشبابية الحديثة و يشتم أصحابها. جارتكم تحدث أمك عن الاذواق البالية لزوجة أخيها و أمك تأخذ نوتات بما يتوجب لبسه و ما لا يتوجب لبسه. الرجل العجوز الذي يجلس كل يوم أمام باب بيته يحدثك انت العابر عن الحرام و يوم القيامة حيث سيتم معاقبة كل الناس المفترية خصوصا ًالشاب الذي يتجاوزكما و قد وضع سماعتين على أذنيه فتفوته النصائح الذهبية للعجوز.
نحن كمجتمع لا نستطيع وضع خطوط واضحة بين الحرية الشخصية و العيب و المحرم و الممنوع.... 
نخلطها كلها في إناء واحد و نفرق منه على الجميع
و لأننا نعرف جيداً القوة السحرية لكلمة عيب و ممنوع لذا فنحن نستعملها و بشكل محكم 
نصيحتي لكم 
خذ ورقة وقلم و اكتب ثلاثة معايير تعتبرها مهمة في حياتك و شخصيتك و رقمّها حسب أهميتها: 
مثال : الدين او الله و تعاليمه او الحق او الحرية الشخصية او ترابط العائلة او النجاح المهني أو الصحة الجسدية أو السلامة العامة و غيره..
ثم أبدأ و أكتب كل الامور الممنوعة بالنسبة لك
مثلا: تدخين السجائر, الاعتراف بالحب لشخص, رفض التواصل الاجتماعي مع شخص معين, وضع طلاء أضافر فسفوري, صبغ الشعر, التسجيل في دورة لتعلم السباحة, الذهاب الى مكتبة بعيدة تماماً عن البيت... 

الان و في مقابل كل شئ ممنوع عنك أكتب السبب الذي من أجله تم المنع.
يعني مقابل تدخين السجائر أكتب : والدي محرّم عليّ إمساكها, او قلة النقود أو صحتي ... 
مقابل وضع طلاء أضافر فسفوري اكتبي: جارتنا تشوف أنه لون مزعج, او القس يقول أن اتباع الموضة قد يؤدي إلى ضعف في الشخصية و الثقة في النفس و يجعلنا نبحث عن إرضاء الناس فقط, أو طلاء الاظافر يؤدي للاصابة بالسرطان
المهم 
اكتب السبب الذي تجده انت شخصيا و بعدها قارن بين السبب الذي كتبته و بين المعايير المهمة في حياتك
يعني لو كنت تودّ التدخين و تجد ان ذلك لا يتعارض مع ايمانك و فروضك فرأي أبيك يبقى رأياً شخصيا ًيخصّه وحده و انت غير ملزم به. ( رغم أني انصحك بعدم التدخين لمضاره على الصحة و  ادعوك لاحترام عدم التدخين في حضور اشخاص يتضايقون من الدخان لأن ذلك يدخل في بند الصحة العامة و احترام الاخر) ..
لو كنت تحلمين بوضع طلاء فسفوري على أضافرك و كلام الجارة مهم بالنسبة لك لأنها أم المحروس فارس أحلامك و تودّين ألا يؤثر رأيها على تفكيره فعندها ستأخذين قرارك و انت تعلمين حقا عواقب ما تفعليه ( رغم أني أنصحك ان تطلي أضافرك فسفوري خصوصا مع مشاكل انقطاع الكهرباء المتكرر)
علينا جميعاً أن نعي ما هو الممنوع الذي لن نتجاوزه أبداً 
علينا جميعنا التدرب أيضاً على التفريق بين المفاهيم و عدم خلطها حتى و نحن نخاطب الاطفال
و اخيراً 
و قبل ان انتهي 
علينا البدء حالاً بتحقيق ما كنّا نعتبره ممنوعاً و اكتشفنا أنه ليس كذلك

لا تخافوا
لن أعلن حبّي على أحدكم و لن أصبغ اضافري فسفوري
سأحاول لملمة شجاعتي و البحث عن دورة لتعلم السباحة
:)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق