expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

السبت، 24 مايو 2014

الفكرة القديمة

ما نفعش لا فنجان القهوة البنّ اليمني و لا السيجارة المالبورو اللي سحبتها من خزانة ابنها  انه ينسيها كربها و هلعها..
لوهلة, حسّت بلحظات هدوء مريبة تمر على البيت و الحيّ كله
افتكرت جارة بيت اهلها توصف اللحظة ديه... : مرّ ملاك
بس دلوقت الصمت ده ماكانش صمت مرور ملاك...
هي كانت شبه متأكدة 
كان حاجة ألعن
كان شيطان؟
لأ
كانت روحها 
صوت حفيف القماش و ثقله و هو يوقع ع الارض قطع الصمت بسيف و الاصوات رجعت حتى للحارة و الجيران
مش يمكن كانت ما اختفتش من الاصل و هي بس اللي اتطرشت كام دقيقة بسبب الحلم اياه؟
حلم ايه؟ 
ده ما كانش حلم 
كان فتفوتة فكرة صغيرة قديمة
فكرة صغيرة قديمة زي لمحة 
كانت وظبتّها و لمّتها و خبّتها تحت مراتب كتير في أعماقأاعماق دماغها 
هناك في العمق مع مشاهد من الطفولة الاولى و الغرائز المجردة و شوية ذكريات تخجل تفتكرها
المشكلة مع الافكار انك ما بتقدرش ترميها في الزبالة 
لازم تزينها و تعلق عليها حاجات لحد يا أما تشوهها يا أما تغييرها تماماً و تاخد شكل أخر 
و ساعات من الممكن إهمالها
و ساعات اخفاءها
بس معاودة ظهورها بتتبع لماكينات غريبة جداً 
و هي مش فايقة تفكر باللي خلى الفكرة دي تجيلها بعد كل الفراق ده
هي دلوقتي بتحاول تركّز ازاي ترجع تخبي الفكرة ديه من أول و جديد

دخلت نور - أخر العنقود - المطبخ 
و قربت من الطاولة و قعدت على الكرسي و سندت وشها المتكرمش من أثار ضغط المخدة على قبضة ايدها اليمين و هي تبصّ لمامتها بعينين يا دوب مفتحين... كل ده كان بشكل ألي تماماً و كأنه مدروس و كأن كل حركة كانت محسوبة بحيث يحصل المشهد كله بأقل وقت و افضل مسار ممكن 

دقايق مرّت و الام سرحانة او بالاحرى مركّزة و البنت تبصّ لها
شوية و نور قالت: مال عينيك يا ماما؟
مال عينيا؟ سألت الام نفسها , و رفعت ايدها تتحسس عينيها قبل ما تتوقف فجأة و تفتكر انها حاطة مكياج و ماسكرة من امبارح لمن راحوا كلهم اتفسحوا عند الوازيز بوتيك على طريق المطار ...
هي كانت سابت المكياج و كل حاجة ...ما هانش عليها تشيلهم و قالت لنفسها انها تفضل عليهم كام ساعة زيادة و لذا فهي حرمت نفسها من غسل الوش الصبح
 و يمكن عشان كده متعكننة ؟
لأ..قالت لنفسها وهي تمشي ناحية مدخل الشقة و تبصّ في مرايته, هي متعكننة من لمن كانت في السرير و اول يا دوب ما فتحت عينيها...يا دوب فتحت عينيها على صورة المخدة الموف و جات لها الفكرة الملعونة بنت الكلب ديه...

قدام المرايا بصّت لنفسها..كان وششها متعب و الثنيات اللي بيحدثها النوم العميق لسّه ما اختفوش تماماً بس المكياج مش متغير منه حاجة خصوصاً العينين ...
على العكس بقى.. النوم خلاه ياخد كده وش خربطة و بقوا سموكين و لون عينيها البني بقى يبان أوضح بالمفارقة مع الكحل الاسود...
ابتسمت مبسوطة من التكنيك اللي ما بتخيبش ابدا ...ابتسمت ناسية ان احمر الشفايف بايض خالص ...بس ده مش مشكلة قالت لنفسها

بس وقفتها قدام المريا طولت...اصل الفكرة بنت الكلب...لا ...مش الفكرة....أثار مرور الفكرة في مخيلتها أول ما فتحت عينيها ....الاثار ديه... الاثار ديه لمرور الفكرة بتعكنن عليها اكتر يمكن من الفكرة ذات نفسها


مرة 
و هي مراهقة 
راجعين بالعربية مع مامتها و اخوها الكبير احمد و اختها شيري و اخوها الصغير تحسين...راجعين من سهرة عند بيت خالهم...كانت بتبص في العتمة الممتدة قدامهم في الطريق ...كانت البيوت القديمة اتسوت بالارض عشان يبتدي مشروع المول الكبير... في لحظة و هي بتبص بالعتمة ...
شافت نفسها ....
ماسكة سكين ...
سكين بيخرّ دم
... دم مامتها...
و في لحظة حسّت بخفة في القلب و بدماغها بتسكت فجأة..... 
بعدها بأيام كانت بتخجل من نفسها من الفكرة ديه و صامت و صلّت و نذرت بالسر و اتعوذت من الشيطان
بعدها بأشهر كانت الفكرة اتخبت تماماً و يمكن اختفت
هي كانت فاكرة كده
اليوم 
النهاردة الصبح 
اول ما فتحت عينيها
مرّت الفكرة قدامها وراحت بعيد تتمشى في مفارق حياتها و تستند على حيطان الصمت اللزجة 
من وقتها نبض قلبها متسارع و ايديها منمّلة و عينيها بتلمع زي ما هي شايفة دلوقت في المرايا قدامها ... 
مش هتقدري تهربي بعيد يا سوسن ....
مش هتقدري تهربي بعيد....
الست ديه مش هتموت و تخليكي ف حالك...
الست ديه كل يوم بيزيد عمرها و بيزيد شرّها
سحبت نفس عميق و غمضت عينيها و فكرت إن الافكار ما بتموتش و لا الذكريات و لا الجروح... 
قومي يا سوسن 
قالها الصوت في جواتها
قومي كلميها و روحي شوفيها و خانقيها
و طلعي الحق و المستحق منها
بس
بس  
بس حاسبي تمسكي سكين يا سوسن
حاسبي تمسكي السكين
حاسبي

هناك تعليقان (2):

  1. أنا بقرألك كل شي بتكتبيه , كل شي ... و أحيانا ً بعيد قراءة مقاطع - بل تدوينات - من كتر مالها حلوة .
    ما بظنّ إنك بحاجة لتعليق مني , المهم الفكرة إني مهتم باللي بتكتبيه و متابعك و بقوة ... و بحب أسلوبك خالتو إيبي ...

    ردحذف