expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأحد، 1 مارس 2015

و حياة اللي عاش 2



مضت ساعات طويلة و ربما ايام. لم يكن لاحد من الراكبين ان يجزم و يحدد الزمن الذي بقيوا فيه في ذلك القارب الغريب يقودهم ذلك الرجل الاغرب. في اوقات ساد الهرج و المرج و زعق احدهم مغتاظا و اوقات اخرى تظهر قهقة هنا او هناك و لكن الصمت كان هو الذي يحوز على الجزء الاكبر من تلك الرحلة الغريبة
تنقل جبرا بين الركاب و وقف قرب البحار الغريب المتوشح بالسواد و ركز طويلا امامه محاولا استبيان اي شئ لكن العتمة كانت محيطة بكل المشهد.. لم يناموا و لم يعطشوا او حتى يجوعوا. حتى العادة التي استحكمت بجبرا و التي كانت تجعله يمد يده لجيب جاكيته الداخلي لاخراج باكيته الدخان كانت مجرد عادة و ليس بسبب شعور بالحاجة و لم يرافق التنبه لفراغ الجيب اي احساس بالضيق..
اخيرا عاد جبرا و جلس مقابل منيرة على كومة الحبال. كان يتحدث الانكليزية طبعا لكنه لم يشعر بالراحة للتحدث مع اي من الركاب. منيرة كانت الاقرب له و كأنه امه او احدى قريباته . كان يرتاح بالتحدث اليها.. اخيرا قرر ان يحدثها عن شئ شغل باله طوال الرحلة..
- بتعرفي يا ام...؟؟
- جورج , عندي ابن وحيد اسمه جورج و بنتين سميرة و امل ..
- و النعم, بتعرفي يا ام جورج انو بالقداس قام الابونا يقول الوعضة و قعد يقول ايات من الانجيل و صلوات و بالاخر قعد يحكي عني.. و حياة العدرا انا كنت خجلان, حسيت انو عم بيحكي عن قديس مو عني, كنت مبسوط مبسوط كتير و انا شايفلك هالناس واقفين لابسين اسود و بناتي و مرتي يمسحون دمعتهن و ابو جان سلفي واقف يصف الناس و ابن عمتي يحمل صناديق لقمة الرحمة و حياة العدرا انبسطت و قلت الحمدلله يا رب اني متت بعز وقفتي و ما انذليت لاني بصراحة ما كنت طيق واحد منهن كلهن...
حركت منيرة رأسها يمينا و شمال كانها تحاول التقاط ما يقوله بعقلها فقد كانت امرأة بسيطة رغم كل ما شاهدته و عرفته بقيت قدرتها على استيعاب الامور و تفعيلها قدرة منقوصة و غير فعالة
- و حياة الله يا ام جورج حسيت كنت مبسوط لحتى وصل الابونا لفقرة يحكي فيها عني اني اب منيح و ربيت ولادي و هيك.. انا كنت مبسوط لحتى, قال الجملة و هو يرفع بشكل مسرحي يسراه في الهواء و يظم اصابعها كقمع ثم يهبطها بحركة مسرحية في راحة يده اليمنى المستلقية على ركبته اليمنى كمشهد سقوط نيزك على سطح الارض, لحتى جاب سيرة مرتي بنت الكلب, قام يحكي انها سيدة راعتني و حبتني و كانت مثال للسيدة المسيحية التي تتبع زوجها و حكي فاضي كتير....
رفعت منيرة حاجبيها مستهجنة فشرح جبرا:
- انت ما بتعرفيها يا ام جورج , باين عليكي ست مرتبة و مذوقة و فهمانة , قال الاخيرة كمحاولة لاسترضاءها لا غير, بس لو عرفتيها كنتي صدقتيني, هاي المرا من يوم ما شفت خلقتها ببيت خالتي صباح و قعدت الله يرحمها امي و خالتي يزنوا براسي اتجوزها لانها كانت اخت مرت خالهم و قعدوا يزنوا و ينقوا لاتجوزها .من هداك اليوم ما عرفت الراحة. مرا نقاقة و حسودة و ساهية ما بيعجبها شي.. كرهتني حياتي و كل يوم خناق كل يوم خناق..و حياة العدرا لولا اني خايف الله كنت قلبت مسلم كرمال طلقها و اهرب منها... بس الواحد شو بيقول عنده اولاد و بيت و خايف يصيبهن شي...
هز رأسه متأسفا ثم زاد
- لشو ليجيب سيرتها؟ مو انا اللي ميت؟ مو هادا عزاي؟ يعني لو هي انقبرت ماتت رح يجيبوا سيرتي و يقولي شوفوا قديش اتحملها لحتى فقعت مرارته؟ بعدين مو عيب على ابونا مرتب و محترم انك تكذب ؟ مفكر انو الله رح يسامحك ؟ و حياة العدرا و ابنها المخلص انا ماني مسامح.. قال مخلصة و محبة و راعته..وين راعتني بنت الكلب كانت تزعق طول اليوم متل الملسوعين بعقرب و مزعوجة يوم ما شفتها تضحك ..
تأفف متأسفا ثم قال:
- نزعلي عزاي ..نزعلي عزاي

هناك تعليق واحد:

  1. حلوة الفكرة,أكتر من حلوة بصراحة..
    برافو عليك ِ عنجد ..

    ردحذف