expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأربعاء، 25 مارس 2015

جايا

كان الجو يزداد حرارة و الطاقم الفضائي بقبطانه تصدر عنه نظرات نفاذ الصبر بينما يحاول اوخيليو بكل ما تبقى له من قدرات على استمالتهم لمساعدته. كان مع قبيلته التي نشأت اثر تجمع مجموعات بشرية قديمة بعد الانفجار الكبير الذي حطم الكثير من القواعد المكتظة بالبشر و رغم التباين الكبير بين بقايا هذه المجموعات الا انهم استطاعوا ان يتعايشوا لمدة تزيد عن الف عام في قاعدة تجارب قديمة متروكة على زحل... الا ان المناخ الصعب للكوكب و تزايد اهتراء القاعدة ا لتجريبية وبالاظافة الي عدم قدرتهم على اصلاحها اوصلتهم لهذا الحال .
معظم العوالم الفضائية لم تهتم لوجودهم و بعضهم قايضهم للحصول على شئ من المعدات المتطورة لتصنيع الماء لكنهم تعيسون و بائسون لدرجة ان لا احد حقيقة يهتم لمساعدتهم. لكن القبطان كوروس بسفينته الاستكشافية مد لهم يد العون اكثر من مرة و على اوخيليو ان يعترف و انه رغم كل شئ كان كوروس و طاقمه سببا في بقائهم احياء في الخمسين سنة الاخيرة...
نظر اليه مجددا مستعطفا: يا ايها العزيز كوروس، لا حاجة لان اقول لك اننا سنموت خلال اسبوعين،  سنموت جميعنا باطفالنا و عبوات ذريتنا التي تحمل بقايا مورثاتنا ..سنموت و ننتهي من الوجود ..اترى ان في ذلك شئ من العدل؟ شئ من اي قيمة علمية؟ هل فكرت بحجم الخسارة الكبيرة التي ستصيب الكون لو انتهينا و اختفينا؟ ..شعبي لا يزيد عن المئة الف نفس اكثر من نصفه اطفال و لدينا عبوات مورثات نحو ثلاثة الاف..قل لي ايها العزيز كوروس انك تستطيع انقاذ شعبي قبل ان تتحطم القاعدة على رؤوسنا و نختنق في العدم. قل لي انك على الاقل ستحمل اطفالنا و عبوات مورثاتنا..
رفع كوروس العظيم رأسه نحو الجموع المتزاحمة المختلفة الاشكال و الالوان و التي امتدت في القاعة الرئيسية الفسيحة الوحيدة ثم عاد بصوته الناعم الهادئ المتقطع يشرح لاوخيليو للمرة الثالثة و هو شئ لم يكن يصدق كوروس نفسه انه سيحدث له عاد يشرح :
- من كوروس 7891 الي خوليو تاهي23, ك 7891 هو قبطان اشا15, أشا 15 سفينة استكشافية لـ تاميل 6, تاميل 6 يلمع كالنجوم الازلية, أشا 15 لا تملك امكنة كافية لنقل بشر, أشا 15 لا تملك كابينات حماية لعبوات المورثات, أشا 15 لا تملك مواد حياة كافية, أشا 15 ليس من مهامها انقاذ شعب يموت, ....,
صمت قليلا و استدار نحو مرؤوسيه الذين بقيوا كالتماثيل المصمتة لكن اوخيليو كان يعرف انه ابناء تاميل لهم قدرة على التواصل لا يستطيعها هو اوخيليو و شعبه ...
عاد كوروس يتكلم: كوروس 7891 يفكر انقاذ عشرة بشر ممن يملكون مستوى اي كيو 160 و مستوى بارا170, اوخيليو يجب ان يكون سعيد لانه يملك اي كيو 168 و بارا 180, اوخيليو يذهب مع كوروس 7891 الي أشا15 و يبقى على قيد الحياة...
كان خوليو يأن و قد جمع قبضتيه على صدره:
- يا كوروس العزيز كيف لاوخيليو ان يترك زوجاته و ازواجه, امهاته و ابائه, ابناءه و بناته, حيواناته, و يعيش على أشا15 وحيدا معدما دون احباءه؟ سأموت قهرا و كمدا بدل ان اختنق, كيف اتركهم يموتون وحيدين من دون ان اقدم لهم اية مساعدة ؟
بدأ ينتحب بصمت بينما كان يعلم ان كوروس سيرحل حالا
بالفعل استدار كوروس مع مرافقيه العشرة لكن بدرت حركة ما من مجموعة المهندسين في المحطة التجريبية،  المهندسين برئاسة اوخيليو كانوا يملكون الكلمة النافذة على ساكني هذه العلبة التعيسة،  الحركة كانت من عل يسار اوخيليو و جعلت كوروس يتوقف. كان ارميس الذي تحرك فالتفت كوروس نحوه و قد التمعت عيناه. توقف اوخيليو عن النحيب و نظر بدوره نحو ارميس الذي تصلبت عضلات وجهه المليح. لحظة ثم قرر ارميس التحرك و تقدم الي يمين كوروس و عيناه معلقتان بعينا البشري الاعلى.
- خائن , خرجت الكلمة كزفير هامس من فم خاليا الطويلة التي كانت تقف على يمين خوليو... لكن ارميس لم يعد ينظر نحوهم. لقد اتخذ قراره.
- كوروس العظيم , دعني اتحدث الي شعبي فضلا, قال خوليو ذلك ثم التفت نحو صفوة ابناء جايا شعبه الذين تكدسوا في ما كان قديما مختبر ابحاث السرطان على الحيوانات،  ثم تحدث بصوته الجهوري :
- ايا ابناء جايا القديمة، انا نعاني و نكاد نموت, لكن القوة الام التي نحملها في دماءنا تجعلنا دوما و منذ الازل نجد الحلول و نخلص. يا امراء جايا و نخبتها الذين اصطفيتهم لاجتمع بهم مع كوروس العظيم, ها اني اقول لكم ما توصلنا اليه, تعلمون ان أشا المتطورة ليست معدّة لانقاذ او استقبال بشر من مواصفاتنا لكن كوروس العظيم، البشري الأعلى الطيب، و روحه الهادئة زايا الواقفة هنا على يمينه وعدونا بالانقاذ.
سحب خوليو نفسا عميقا ثم اكمل:
- لكن تعلمون ان الرحلات و خصوصا مع اضطراب نجم سولو 88 اصبحت اصعب و اطول لذا فان كوروس العظيم لم يعطيني وقتا محددا لوصول المعونة, لكن , و لمساعدته و تأكيد وعوده لنا فقد وافق كوروس على اصطحاب عشرة ابناء ممن سيضحون بحيوتهم و ارواحهم و املاكهم للذهاب مع كوروس و البحث عن المساعدة الملائمة لانقاذنا... انا هنا اصطفيت ارميس الحاذق و اطلب منكم على العجل باختيار التسعة الباقين ...
علت الهمهمات و الاصوات و ما ان لاحظ اوخيليو ان آرا الشجاع قد قرر التقدم تدارك الامر و قال موضحا:
- ان العيش في أشا و باقي السفن الكونية لا يناسب مواصفاتنا نحن ابناء جايا القديمين لذا فعلينا اختيار من يملكون اي كيو 160 فما فوق و بارا 170 فما فوق
فتراجع آرا و قد ظللت عيناه ظلمة الانكسار
مضت نصف ساعة و كان عشرة من البشر القديمين ابناء جايا قد وقفوا بقرب طاقم كوروس و يتهيؤا للذهاب قبل ان ينظر كوروس لاوخيليو و يسأله: وانت؟
- انا سأبقى هنا معهم مثل خاليا و احدود و هيتو و الكثيرين الباقين.. نحن لا نستطيع الموت وحيدين يا كوروس الكريم..
- من المستحسن ذلك , قال كوروس, فانت لازلت تعاني من امراض البشر القديمين يا اوخيليو،  لازلت تبكي و تندم... . وداعا
قالها ثم التفت نحو مرافقيه و العشرة المصطفين و رحلوا....
- كان علي انقاذه لأرميس المتهور من القهر و الدموع و الموت الذي سيحيق به وحيدا هناك في أشا الموحشة, همس اوخيليو لخاليا و هما يجتازان الممرات الموبوءة،  كان علي التمسك بفرصة النجاة لعشرة من ابناءنا...
- لماذا لم تذهب اذن يا اوخيليو؟
هز رأسه نفيا:
- لا استطيع , مثلك، لا استطيع...
كانت تقارير تلك الايام تقول اننا سنموت خلال عشرة ايام لكن خوليو و امراء الشعب حاولوا اصلاح قاذفات البروتون و مطورات جاما و هكذا استطعنا البقاء احياء مئتي سنة اخرى حاول فيها اوخيليو ثم خاليا من بعده الاتصال بكوروس او اي سفينة فضائية لكن المحاولات بائت بالفشل. النطاق الكوني هنا خطر و نادرا ما تقترب منه السفن او حتى الاقمار الاستكشافية.
الان و قد عادت  تقارير الخطر للظهور لاسباب كونية لا ندركها عاد شعبنا يتسأل عن مصير ابناءه العشرة و محاولتهم لانقاذنا..هناك من يقول انهم ماتوا و قضوا في اشا الموحشة, هناك من يقول ان كوروس خدع اوخيليو و قد قام باستخدام ابناء جايا العشرة كمخصبات و لكن هناك ايضا من يعتقد و يأمل ان احد العشرة لا زال حيا او احد ذريته و انه لا محالة يحاول العودة و انقاذنا...
الكثير من الفرضيات و الكثير من الشجارات بينما تزداد كل يوم وتيرة تقارير الخطر...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق