expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

السبت، 14 فبراير 2015

وزنة مكروهة

كنت اتمنى لو كنت ابنة زعيم ما ينظر نحوها اتباع ابيها كقديسة و يمدحون سيرتها وسيرة اباءها كلما ظهرت معهم في مناسباتهم التي يحلو لهم الاحتفاء بها دوما في محاولاتهم المستميتة للبقاء احياء
كنت اتمنى لو كانت امي سليلة باشوات تقف النسوة الجاهلات المنتفخات احتراما لي كلما هممت بتحيتهم
كنت اتمنى لو كان جدي مجرما سواء وطني ام معارض و تلحق باسمه اللعنات كما تلحق الرهبة و الخوف و عندئذ يشتمني اعدائه في سرهم و يهابني البسطاء و يطمع بي الوصوليون
كنت اتمنى كل ذلك
مال وفير و سمعة كبيرة و سيرة اجداد مثيرة لأجد ما أبرر به تعبي
تسألني احداهن عن اسرتي فأقول و انا اتمنطق بالنبل و البساطة و الحديث اللبق ان كل هذا التاريخ و كل هذه السمعة و كل حب الناس انما هو لثقل كبير ملقى على عاتقي و اني لملزمة بأن احترم كل هذا التاريخ و ان اعني بحياتي و تصرفاتي لئلا يصيب سيرة اجدادي العطن
كنت سأبوح لها كذبا اني احسد المهمشين و الغير معروفين لأنهم يملكون كامل الحرية في تصرفاتهم و حركاتهم, و قلما يهتمون بالاعتبار الاجتماعي للاسم الذي يحملونه
نعم, كنت سأبرر كثيرا و اقول ان من هم في مكانتي و من يحملون اسمي و من لهم سمعة اباءي انما يتحتم عليهم دوما تقديم الافضل و الافضل , العمل و الاجتهاد , الحذر و التفكر.
نعم
كنت سأجد مبررا لهذا الشيطان الجالس على اعلى اكمام تفاهاتي و هو ينعتني بالغير مثابرة, بالكسولة, بالفاشلة
كنت سأجد ما يبرر حرصي الدائم على مجاراة من حولي, على التصرف بحذر فائق و على التفكر في كل حركاتي
كنت ربما سأفهم سبب فشلي العاطفي و حذري الكبير من الاخر
كنت سأفهم
لكني لست كذلك
انا ابنة رجل مهمش كثير الديون
امي لم تكمل تعليمها الابتدائي
من مدينة صغيرة لا يعرفها احد
من بيئة متوسطة لا يعترف بها احد
من بين اقاربي و معارفي قلما تلتقي بشاعر او حتى حقوقي
تلقيت تعليما قليلا و لم اشاهد في حياتي ميكروسكوب و لم المس مجرد لمس ألة موسيقية
لم يحوي بيتنا سوى انجيل قديم و مجلات تفصيل مستعملة و جرائد حكومية لم يسمع بها احد
هذا هو كل ما اعطاني اياه الله عندما قذف بي في هذا العالم
وزنة صغيرة بحالة جيدة لكنها صغيرة
عملت عليها كثيرا و كثيرا و دخلت بها مضاربات عدة و راهنت في كل مجال و جاهدت كالفاعل
في الصبا حرصت عليها كمن يحرص على قلبه من الحب
و في النضج حرصت عليها كمن يحرص على عقله من الخيال
كرهت لحظات الحبور لانها تلهيني عن وزنتي
شتمت ايام الراحة لانها تبعدني عن وزنتي
رميت بسنين شبابي لأعمل و احصل على الفائدة العظيمة من وزنتي
ايام من التسابيح و التراتيل الطويلة
شهور من الكد و التعب
و سنين من الصبر و الجَلَد
و لكنها لم تكن لتعطيني فائدة لها اكثر من قيمتها المماثلة..وزنة صغيرة مثلها
لم اسعد يوما بهذا المحصول القليل
لطالما قارنت ربحي بالاخرين.. وزناتهم كثيرة, وزناتهم كثيرة
قالت لي الراهبة ماري الطيبة عمة رفيقتي ان الرب يطلب مني ضعف ما يعطيني فقط فلو اعطاني وزنة فهو يطلب مني وزنتين و لو اعطاني عشرة لطلب مني عشرين
لكني لم اقبل يوما هذه الحسبة
انا استحق ان اتعامل بأكثر من وزنة و هو لم يعطيني سوى هذه القميئة
ذهبت اليه
الي الله
عند بوابة كنيسته المبنية من احجار معبد قديم متهدم
صرخت : خذ وزنتك لم اعد اريدها, فلا هي تعطيني الكثير و لا هي تسمح لي بالعيش كالمفلسين و المتهورين و عديمي الفائدة
خذ هبتك التي ضيعت في سبيلها حياتي و عمري , استرد دينك الذي يزيد من اوزاري و لا يفيدني , فأنا لم اعد اريد منك شيئا
لا جنة و لا خلد و لا دينونة
خذها هذه القميئة. كان عليك ان تعطيني اكثر , ان تعاملني افضل , ان تثق بي اكثر...
خذها..
و ركعت على الارض ابكي
بكيت كثيرا
سبع سنوات من البكاء حتى تقشر جلد وجنتي من ملح دموعي
و غارت عيناي الواسعتان و فقدت لمعانهما
بكيت كثيرا قبل ان اهدأ و ارفع رأسي لانظر حولي
اختفت الكنيسة و بوابتها
و احجارها القديمة اضحت غبارا
و ساحتها الواسعة اصبحت قفرا
نظرت حولي و وقفت على قدماي بصعوبة و انا اكاد اقع
ها انا الان
من دون إله
من دون وزنة
ها انا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق