expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الجمعة، 9 يناير 2015

ذكوري

- ليه بتقييم الموضوع بالطريقة ديه؟
نظرت إليه متفحصة و متحفزة رغم قسماتها الهادئة
اشاح بنظره عنها و اعتدل في جلسته على الكرسي الخيزراني القديم. لقد حاول طوال السنين الاخيرة تفاديها. افكارها, أرائها و حتى تصرفاتها كلها كانت تزيد اكثر فاكثر من حساسيته تجاهها.
عادت امه بالورقة التي وصلتها من المحافظة و طلبت من اخته علياء ان تقرأها لكنه سرعان ما سحب الورقة :
- هاتي
شعوره بالاستياء رافقه طوال طريق عودته للبيت و حتى بعد ان شاهد مباراة على القناة الاوربية
هذه الفتاة المزعجة, قالها في نفسه, ما الذي يجول في عقلها؟

- و علياء قالت ايه؟ سألته زوجته و هي تطالع مجلة عندما استلقى على السرير
- فإيه؟
- بإنذار المحافظة, قالت ايه؟
حرك كتفيه باستخفاف و لم يجب فبادرته قائلة و قد اقفلت مجلتها بعصبية :
- و ربنا كنت عارفة وهي نفسها قالتلي, و قبل ان يستفسر اكملت, قالتلي انك هتعمل عكس اللي هي هتقوله.
- مش صحيح, قالها بامتعاض محاولا اخفاء احساسه بأنه مكشوف, اصلا هي ما قالتش حاجة و قالت انها مش  عارفة المفروض نعمل ايه..
صمتت زوجته لحظة ثم اضافت بهدوء:
- أمال مالك؟
- ماليش
سحبت شيري نفسا عميقا قبل ان تقول:
- تحب اقول رأيي و الا انت عارفه
- عارفه, قالها و هو يسحب اللحاف عليه و يدير لها ظهره.

كان قد حفظ تماما ما تدعي شيري انه رأيها و كان يخمن ان ذلك انما رأي علياء نفسها و الذي نقلته لشيري لكن المشكلة انه كان يشك في كون ذلك صحيحا..
يواجه الناس في المراهقة معضلة الخروج عن الطاعة التي تتمثل في الاب و الام و نُظم المجتمع. هذا الخروج يعد الاختبار الحقيقي لقدرتهم على المواجهة. كانت المراهقة و اوائل الشباب بالنسبة له عبارة عن معارك يومية للبحث عن الهوية و اثبات تلك الهوية, كانت مرحلة مملؤوة بالحماس و الاحباط ايضا. شجارات يومية مع الجميع و الكثير من النزق و التهديد و القرارات المفاجئة.
خرج من تلك الحرب و قد سنّ قوانينه الخاصة و رسم لنفسه حيزاً مهماً في حياة من حوله.
فجأة و على اعتاب الخامسة و العشرين بدأت اخته التي تكبره عاما و نصف معركتها, ليكتشف فجأة انه وقع في الفخ.
معركتها المتأخرة اعادته للجبهة و هو الذي كان قد بدأ حروبا في منطقة اخرى بأساليب اخرى: العمل ..
وجد نفسه مهدد و من قبل عدو اخطر من كل من عرفهم, علياء لم تكن هادئة كأبيه, ساذجة كأمه او نزقة مثله, كما ان تمردها كان اشدّ و قدرتها على تحمل الضربات القاسية ادهشته
بعد كل شجار و بعد ان يظن ان صوته الجهوري و اتهاماته القاتلة قد حسمت المعركة لصالحه يجدها تعود من جديد اكثر ثباتا و حنكة. في بعض الاحيان كان يشك ان هناك من يحفزها و يلقنها, كانت تواجهه بتكتيكات مفاجئة.
كالوحش المدرّب على القتال كانت تبتعد واهنة بعد ضربة موجعة ك:
- انا برضه الذكوري و الا علشان مش عارفة تشتمي الحيوان اللي حبتيه و سابك تقومي تطلعي قرفك علينا...
تقف بعيدا تلتقط انفاسها و عيناها معلقتان على الجبهة ثم و مع ادنى تهاون تتوثب كالجحيم
لم يكن يواجهها لوحده بل كان الجميع ضدها: العيلة و الجيران, الاصدقاء و العشاق, القانون و الدين , بينما كانت هي تحارب وحيدة كألهة لعنتها السماء

نعم, قالها في قرارة نفسه معترفاً, لقد كان سعيداً بلقبه ( شب العيلة) و بسلطته التي كانت تتوسع كل يوم كرجل توثق عليه الامال و ازعجه تعاملها معه كندّ و رفضها للاذعان له لمجرد انه الأخ, نعم, رددها في نفسه قبل ان يتعهد : بس مش هاعترف بكده و لو اتحرقت يا علياء يا جزمة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق