expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الجمعة، 2 يناير 2015

وعي

بالرغم من كل ذلك الزمن الذي مرّ و الذي لا استطيع للاسف احتسابه بشكل دقيق و ان كل ما استند اليه لقول ذلك هو تقديري للانهيار النفسي و الروحي الذي اصابني. 
اذن, رغم كل ذلك الوقت الا اني لا زلت اتذكر اول مرة اكتشف فيها حالي الذي انا عليه.
فتحت عيناي, او هكذا ظننت و حاولت ادراك اي شئ من حولي.
في البداية ظننت اني في مكان مظلم و بما انني كنت لا ازال اعاني من ارهاق, فكل محاولاتي الاولى انصبت فقط على رؤية ما حولي فلم افطن لمحاولة التحرك.
 لازلت اتذكر اني كنت في حالة روحية افضل رغم هلعي الذي كان سببه تفكيري في مشاريعي و واجباتي اليومية..لكني كنت لا ازال اتمتع بالأمان,ذلك الشعور الذي ترتكز إليه كل نفس, ربما بسبب اعتقادي في ان عيناي سرعان ما ستعتادان الظلمة و اتوصل لمعرفة مكاني و ما حولي  
لا ادري كم بقيت على تلك الحال لكنها كانت قصيرة نسبيا و تخللتها اوقات هلع و حزن عميق و اضطراب
بعدها تنبهت الى عدم قدرتي على تحريك يداي او قدماي و بكل الاحوال لم اكن اشعر بأي شئ يساعدني للتحقق من ذلك
دخلت فيما بعد فترة اضطراب طويلة و حزن و شوق و غيرها من المشاعر التي كانت تملأ حياتي قبل الان
الهدوء في مشاعري عاد ببطء لكن المرارة الكبيرة كانت قد سكنت كل عالمي
ذات يوم حلمت بمشاهد من حياتي قبل الان و بشكلي و شخصي قبل الان لكني في الحلم كنت عمياء 
عندما استيقظت , اي عندما اصبحت في مرحلة التحكم بافكاري, تقبلت تماماً فكرة اني اصبحت عمياء و بدأت افكر في كل الامور التي استطيع عملها و تحقيقها بالرغم من فقداني للبصر و التي سأفعلها يوما لو خرجت من حالتي التي انا عليها.

تبعت تلك المرحلة فترة كنت اشعر خلالها بالامل.
و قد كان ذلك احقر ما حدث لي.. كنت كل يوم, او اقصد كل فترة يقظة طويلة, اترقب و انتظر ان يحدث شئ ما يخرجني من وضعي هذا و في بعض الاحيان كنت اتخيل كيف سأتحدث للطبيب او الممرضة او اهلي و اصدقائي و كيف سيروون لي و اروي لهم ما حدث و نتناقش في سبب الحادثة التي اودت بي لما انا عليه اليوم
كنت ايضا احاول تذكر حياتي من قبل و معلوماتي التي اكتشفت اني لا املك منها القدر الذي كنت اتوقع امتلاكه
اكتشفت ان المعلومات التي كنت مقتنعة تماما بأني املكها لم تكن سوى مقاطع صغيرة من هنا و هناك لمعلومات حقيقة كاملة لا املك منها شيئا ذا قيمة 
و طبعا كنت اجتر ذكرياتي و كم اصابني الحزن سواء بسبب الحزينة و المقيتة منها او بسبب تلك التي ادخلت على قلبي شيئا من الحبور و الراحة
كانت فترة مظلمة حقا و لو قدر لي ان اختار لاخترت عدم البدء فيها من الاساس.
مرحلة الامل و الترقب تلك
المهم انه و في نهايتها اصابني احباط شديد و طويل و فزع حقيقي و حالة نفسية متأزمة جعلتني اخسر الكثير من قدراتي العقلية حيث نسيت تماما المشاهد الاخيرة لحياتي قبل الان و نسيت وجوه اصحابي في العمل و لم اعد اتذكر اسماء والديّ

حالياً, لا ادري حقيقة كم من الوقت مرّ علي في حالتي هذه
في بعض الاحيان اقول لنفسي اني ربما ميتة
في القبر او ان جثتي ملقاة في مكان ما تتحلل ببطء و ان كل ما عليّ هو انتظار التحلل النهائي و هكذا سينطفأ الوعي
و احيانا اقول اني في مستشفى ما و اعاني من غيبوبة طويلة و قد يستمر الامر لسنوات قبل ان يكتشفوا علاج او يصل بهم اليأس لايقاف جهاز التنفس. ان اقاربي و اصدقائي يتشاركون زيارة جسدي الصامت و ربما ان هناك من يقرأ لي شيئاً او يشغل الموسيقى التي كنت احبها. انه هناك صراعا بينهم على مستقبلي و تقرير ما سيفعلونه بي. لكني سرعان ما انفض عني هذه الفكرة بسبب الامل الذي من الممكن ان اعيشه مجدداً
ذات يوم قدّرت بأني قد اكون ميتة و ان جسدي قد تحلل تماما  و ان ما اعيشه هو الموت
الموت الحقيقي 
الموت النهائي
بصراحة اعتقد ان الامر لو كان كذلك فإن قسوة الموت تكمن هنا 
في ان تظل واعياً, معزولاً و وبدون ادني قدرة على عمل اي شئ 
في الحقيقة انه لأهون عليّ بأن احاكم من قبل اي اله و ان يرمى بي في دينونة ما على ان ابقى للابد هكذا, صامتة, عاجزة و هائمة 
في السواد 
في العدم
في اللاشئ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق