expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

السبت، 21 نوفمبر 2015

اختناق

"لقد انتهيت للتو من قراءة رواية الرمال الزرقاء،  المقدمة اعجبتني جداً و طريقة سرد الاحداث.  كان هناك بعض البطء في الجزء الاول و الكثير الكثير من التفاصيل..."
كاد يرمي الهاتف أرضاً من غيضه قبل ان يهرب من شعور الاختناق الذي باغته بالنظر نحو ابراهيم الذي كان يشرح باستفاضة رحلته إلى أسوان ظمن فريق تصوير. كان ابراهيم مملاً و ملماً. كان الجلوس معه هروب بامتياز.
عند عودته فجراً للبيت و ما ان وقعت عيناه على المزهرية الصيني حتى عاوده شعور الاختناق و كاد ان يعود للشارع لولا ظهور أبيه في طرف الممر متجهاً نحو الحمام.
 بأي مناسبة تعرف اليها؟ قال لها كلمة او اثنتين مادحاً جمالها؟ ما الذي اعجبه بالظبط؟
- انت كنت فرحان كطفل يتلقى دراجة في عيد ميلاده، اتهمه صديقه.
- ولا زلت، ردّ مدافعاً.
تبعث له من جديد. تنتظر منه ان يناقشها في رواية سبق له و ان تحدث عنها و كتب حتى نقداً بديعاً حاز على اربعة نجوم و نصف في موقع القراءة الجيدة. لايكمن الضرر في اختلاف اراءهما، بل في ثقته الكاملة بأنها لاتملك رأياً. في تزلفها له. في اختراعها لاسباب للحديث إليه. في ادعاءها الثقافة و الاطلاع بل و الاهتمام بكل ما ينظر إليه.
- وما المشكلة في ذلك؟ انها تحاول التقرب منك.
- انها تخنقني، تصطبغ بلوني.
-و هل هناك من ينزعج من محاولات صاحبته التلون به، رؤية العالم بمنظاره،  التأثر بشخصيته و التقرب منه حتى على صعيد الافكار؟
نهض من مكانه منتفضاً وتقدم خطوتين نحو شباك الغرفة التي كان يتخذها ابراهيم مكتباً و غرفة نوم له قبل ان بتوقف من جديد محتاراً تائهاً.
-اللعنة، صاح غاضباً،  كيف لها ان تتأثر بي و انا نفسي لا اعرف من انا؟ انها تسجنني في خانة صغيرة لا استطيع الفكاك منها. تصبغ عليّ اوصافاً و مؤهلات لا أملكها.
في مكانه في وسط الغرفة الرطبة شعر ان عليه ان يقول شيئاً ما:
- انها تسممني، تسممني...
مضت لحظات طويلة قبل ان يقرر إبراهيم بالرد نافثاً دخان سيجارته اللف:
- بل قل انك مللت صحبتها يا مارق..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق