expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الاثنين، 3 أغسطس 2015

المسكين

عليّ أن أحدثك أيها المسكين.  
عن العالم. 
أنت هنا في عزلتك تنقصك الحقائق.  
تنقصك المفاهيم.
هل تعلم؟  أوه لا اعتقد أنك تعلم.  كيف لك ان تعرف ما أقصده،  انت الذي لم يعيش أبداً مع البشر؟
هل تعلم كم يجرحني فقدان أوفيليا؟ أن تلتقي بشخص، تتحدث معه عن ما يقلقك و ما يبهجك؟ تمضي معه في طريق طويل؟ تتوهان؟ هههه، كنا نتوه دوماً.  أوفيليا كانت تتهمني بأني لا أعرف الطرق وأنا كنت أتضايق.  لم أكن أزعجها بالرد على غضبها.  لكني كنت أتضايق.
نعم.  
رحلت اوفيليا كما جاءت. 
فجأة و من دون أدنى تحضير. من جانبي على الاقل.
في بعض الأحيان أصاب بالجزع.  
أشعر بالخواء و بأنني في حلم طويل،  بل كابوس غريب. كابوس بالألوان. ذلك ان أحلامي ليست بالالوان.  اقصد الاحلام الحقيقية تلك التي نراها و نحن نائمون.
هه؟  هل تحلم أنت؟  أنت الساكن هنا في جذع هذه الشجرة؟  المحشور هنا؟ قل لي بربك كيف وصلت إلى هنا؟ و كيف لازلت على قيد الحياة؟
من المؤسف أنك أعمى. كنتُ سأمدّ ذراعي من هذه الحفرة المجوفة بفعل نقّار الخشب و أريك صورة أوفيليا.  لازالت لديّ.  في محفظتي.  لم تكن قبلاً في محفظتي. لم أكن أحب حمل الصور. لكن منذ أن قررَت الرحيل،  أخذت صورتها. قصصتها من بطاقة التأمين الصحي القديمة و حملتها في محفظتي.
هه،  هاهي... و هذه صورة أمي.  قلت لك أني لا أحب حمل الصور لكن هذه الاخيرة أمي كانت تشير عليّ بحملها في محفظتي. قالت ان تداورس ابن اختها يحمل صورة أمه في محفظته.
لقد عشت طويلاً مع أمي،  كنت و لازلت أعاملها برفق.  دوماً عشت مع هاجس أنها سترحل عن هذا العالم و أني لا أريد أن أكون السبب في ذلك.  دوماً عشت مستعداً  لفرضية وفاتها. هي و أبي..  
لم اتخيل و لو للحظة أن أوليفيا هي من سيرحل...
لا إنها لم تمت... لكن ما أصابها هو أصعب من الموت. لقد تغيّرت عنّي،  ابتعدت.
هل تعلم يا مسكين؟  هل تعلم صعوبة ذلك؟
أنت وحيد، نعم.
لكني أنا، أنا متروك. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق