expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الاثنين، 24 يونيو 2024

مقابلة مع الطبيب

لم يسألني الطبيب المختص عنما أشتكي، نظر للشاشة أمامه وقال :"منذ متى ظهرت عليك الأعراض المذكورة هنا؟ 
ترددت في سوأله عما هو مكتوب هنا لكن عدلت و حاولت الإجابة عن سؤأله فإذ به يشير لسرير الفحص المقابل للكشف. كدت أقوم كالأتومات لأوامره إلا أن هاتفاً هتف في بالي فبقيت في مكاني و نطقت أخيراً:" لقد أعدت أن أكتم ألمي. من زمن طويل."
توقف ينظر نحوي غير فاهم  ثم أدرك سريعاً أني أتكلم عن ألمي فعاد يكرر إشارته نحو سرير الكشف لكن في هذه المرة مع دعوة مهذبة "تفضلي". استجبت بطيب خاطر واستلقيت برداءي الأزرق الورقي الذي لزمني منذ دخلت المستشفى من أسبوع. 
بعد الفحص عاد لشاشته يضيف إليها ويغير فيها ثم عاد ونظر نحوي وكرّر سؤاله :"منذ متى ظهرت عليك الأعراض المذكورة هنا؟ 
"منذ الأزل" لم أتردد. 
صدرت عنه ضحكة سارع لكتمانها ثم استجمع بروده و سأل :"كيف؟"
كنت قد قمت من على السرير فعدت وجلست عليه و قدمايا تتدلى فوق الأرض الباردة: "مذ كنت صغيرة اعتدت كتمان وجعي. كنا فقراء حضرتك. لم نكن فقراء كهؤلاء الذين يعتاشون على شيكات التضامن الاجتماعي، لا. كان أبي يعمل لكننا كنا دوماً نعاني من أزمات مالية و كنا الأفقر بين أقراننا. لا أذكر أني عشت يوماً دون القلق من قلة النقود و الشعور الجامح بالإحتياج." 
كان ينظر لي بعينين باردتين خاليتين من أي تعاطف و وجه نحتته ملامح السأم الطويلة لكنه ظل صامتاً إذ يبدو أن الميثاق الطبي الحالي يفرض عليهم عدم مقاطعة المرضى إذا ما حكوا ألامهم. 
"هذا لايعني أن أهلي لم يأخذوني للطبيب، أبداً، أكملت غير مهتمة بعدم اهتمامه، بل حدث ذلك مرات عديدة. أولاً كان أبي يعتني  بصحتنا أطفالاً. بل كان أفضل من أمي في متابعتنا لأنه كان قد فقد أخاه بسبب المرض فركبه هاجس الخوف منه. لكن كل ذلك ذهب مع تصاعد الأزمات وتعدد مصادر المشاكل."
نظر الطبيب لساعته محاولاً التقاط فرصة لمقاطعتي لكني رميت جانباً كل لباقتي واهتمامي بمصير هذاالعالم ودكاترته ومرضاه الذين ينتظرون في الغرفة خارجاً والذين ينتظرون مواعيدهم من أيام أو ربما أسابيع مثلي. لم أهتم وهبطت من على السرير فأصابه الظن أني أتحضر للإنصراف فعدل عن مقاطعتي لكني فقط تمشيت في العيادة نحو النافذة الواسعة "كرهت زيارات الاطباء مبكراً إذ كنا نعود منها مثقلين بأزمة صرف بطاقة الطبيب دون دواء شاف فقد تبين أن الفقراء يتمارضون فيما يجد الأطباء امراض غريبة وجديدة لأوجاع الأغنياء فتجد الواحد منهم يتباكى وهو يشكى أمراضه الغريبة وكيف يتوجب عليه اتباع حميات خاصة أو لديه حساسية من الماء، تخيل؟ الماء. هه. أما أنا فقد كان الطبيب يصف بعض الفيتامينات، يتحدث عن أهمية الغذاء الصحي وهكذا كنت أعود محملةً بهم خسارة بطاقة الطبيب لأجل لا شيء فلم أكن مصابة بسرطان أو بالكساح. كنت فقط طفلة فقيرة تحتاج للبروتين و الفيتامينات وشيء من الفرح."
"أتفهم ذلك مدام بلانشيه، أعتقد أن عليك الإستعانة بطبيب نفسي أما فيما يخص تشخيص اليوم" لكني قاطعته بعصبية "أنت أيضاً مثلهم، مثل أؤلئك الأطباء، تود التخلص مني سريعاً. ألست أنت من سألني؟ لماذا لا تنتظر الإجابة؟"
"حسناً، قالها مستسلماً وقد جلس إلى مكتبه، تفضلي أكملي"
هدأت و أكملت و قد أستحسنت كثيراً دعوته "تفضلي". فجلست قبالته وقد قررت أن أرد على سؤاله "حسناً، لقد شعرت بالألم منذ حوالي ءسنتين، أما الاضطرابات فقد كانت منذ على الأقل خمس سنوات."
"ولم تتوجهي لطبيب؟"
"حضرتك تعلم أكثر مني مصاعب الحصول على مواعيد في منظومتنا الصحية، ثم أني كما سبق وقلت لك أتألم من زمن، في أماكن كثيرة وباضطرابات مختلفة لكن تجربتي مع الأطباء صغيرة، جعلتني استهين بألامي كما أني أحذر الأطباء ولا أثق بهم ولم يتغير الأمر إلا حين كثرت ألامي و شجعتني رفيقة المكتب الجديدة على الإستشارة."
حلً صمت قبل أن يتنبه الطبيب المختص لإني انتهيت أو تعبت من الحديث فاستغل الفرصة:"أنا آسف لما مررت به مدام كما أني أسف لأحكامك حول الأطباء ورغم ثقتي بالجهاز الطبي و الكفاءات به لكني أحترم رأيك وتجربتك. كما أني لست في معرض الدفاع عن أي حد ولا أملك ذلك. لكن، لكني للأسف سأضطر للأسف للانتقال بنا للأقسام التالية للمعاينة فكما تعلمين هناك الكثير من المرضى ممن ينتظرون مواعيدهم ولا أود أن أربك ثقتهم بالأطباء. هه."
كان يتحدث بلباقة و حذر فأدركت أن هناك ما يود قوله لكني لم أشجعه بل ظللت أنظر إليه بتمعن وهو يتعذب لإكمال حديثه. "الحقيقة، أنني قد احتاج لوقت لدراسة ملفك قبل أن أشخصه." قال أخيراً بدهاء لكني كنت أدرك ارتباكه فأصريت "ألا يمكن أن تقول لي ولو شيء بسيط، أو مجرد تشخيص مبدأي، تعلم حضرتك، لعبت هنا على وتر الشفقة، تعلم أني أنتظر هذا الموعد من شهرين ونصف. أي شيء." قلت له مشجعة فامتقع وجهه وعاد ونظر لساعته ثم بدء بارتباك "هو قد يكون تشخيص مبدأي ولكن من الافضل لنا البدء بال ...أأأأ... البدء بدراسة الحلول."
"إذن فهو شيء خطير." قلت بهدوء لم أتوقعه.
صمت يرتب كلماته ثم استطرد "هو يبدو أنه شيء صعب ويحتاج المتابعة"
"سرطان؟"
"لا، لكنه مرض لا علاج له 

Myasthenia gravis

 سنحاول تخفيف تطوره بقدر الإمكان، لكن علينا التأكد بالتحاليل لتقدير المرحلة"
"واه، أخيراً. أخيراً مرض يستحق الانتظار و المواعيد ويجلب الشفقة والأهتمام، قلتها براحة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق