- هلأ بس خبريني انت ليش معصبة؟
كانت سوسن التي زارت أهلها اليوم بعد أن أخذت طفليها للحضانة تحاول فهم نزق امها المفاجئ و عصبيتها الغريبة لكن من دون فائدة.
- منيح هزّيت طولك و تزكرت انو عندك ام و اب؟ اتهمتها الام قبل ان تترك المطبخ و تصعد للطابق الثاني.
- شو فيها؟ سألت سوسن مستغربة لكن الاب هزّ أكتافه عاجزاً عن الاجابة.
بعد ذهاب سوسن كانت أم سعيد فوق كعادتها هذه الايام. هذه المرة كانت في غرفة ابنها سعيد تنبش أغراضه و جوارير مكتبه. اخيرا وجدتها. الكاميرا التي كانت تبحث عنها من يومين.
- هاد سعيد الله يصلحه تركها في كرتونة.
فتحتها أم سعيد الكاميرا الديجيتال و بعد محاولات طويلة لكن مثابرة لتشغيلها قفزت من مكانها و دخلت الحمام تصور.
لم يقل لها احدهم كلمة اطراء واحدة على كل هذا التطور. لقد نحفت كثيراً و عادت الانحناءات لجسدها بعدما نسيت هي نفسها كيف كانت قبل ذلك. وجهها اصبح اكثر حيوية و اختفت أخاديد الايام تماماً.
لكن لم يقل احد اي شئ. لا ابو سعيد و لا سوسن و لا منيرة. هي ليست مجنونة. لقد تحسن شكلها بالفعل و لتثبت ذلك بحثت عن الكاميرا لتصور وجهها.
صرخة
صوت ارتطام
- شو في يا صفاء؟ نادى عليها زوجها من اسفل الدرج و هو يتكأ على عكازه.
كانت تبكي. راكعة بجسدها الثقيل على ركبتها المتورمة و رأسها يرتعش منكسراً.. منذ اسبوعان وهي تتقصد عدم النظر في مرايا البيت الاخرى. تلك الكبيرة في المدخل و الثانية في الحمام تحت. حتى انعكاس صورتها على زجاج الموبيليا في الصالون.
لقد كانت بشعة, بدينة و مسنّة.
خلال اسبوعان اكتشفت في هذه المرآة الساحرة حجم الخسارة التي تعرضت لها.
اكتشفت كم كانت جميلة في صباها. كم كان خصرها دقيقاً و عيناها لماعتان. خلال اسبوعان اكتشفت خفة الروح و الابتسامة بدلال. اسبوعان و هذه المرآة الساخرة تضحك عليها و تريها الخدع.
- صفاء؟ لساتك بهالمضروب الحمام؟
- نازلة. قالت و هي تحاول ألا يسمع الخلل في نبرة صوتها و الشجن في كلماتها.
كانت قد تقبلت كل شئ. تصاريف الحياة, الغربة, التعب, المسؤولية, الاطفال, حتى خروج الاطفال من تحت كنفها كانت قد تقبلته داعية الله ان يوفقهم و يسدد خطاهم.
تقبلت مرض ابو سعيد و مواعيد الأطباء الكثيرة.
تقبلت روتينية الاعمال و الزيارات و الاشخاص.
كانت تحب هذا البيت الذي تراه اليوم كئيباً, قديماً و موحشاً.
وقفت بصعوبة و قد أثر انهيارها على ركبتها التي كانت تصدر صوتاً كأنين الحديد الصدأ. وقفت لترى هذه المرة نفسها بالخمسين عاماً التي يشي بها وجهها و جسدها و حتى أكفها.
هل كانت تحلم
هل كانت تهذي
هل زارها الشباب بضعة أيام أم أن هناك من تحالف ضدها و خدعها في مؤامرة دنيئة للهزء منها؟
هبطت الدرج بهدوء و هي تنتبه لكمية الغبار المتراكم عليه
كان ابو سعيد لازال في موضعه اسفل الدرج. نظرت نحوه بأسف متكأً على عكازه حيث خدعته قوته فإذا به يبتسم:
- شو؟ لساتك عم تشاوري عقلاتك ازا المراية لابقة على الحمام و للا لأ؟
تعي, مدّ ذراعه نحوها , تعي انسيها شوي و انسي الشغل بضلك تحركي تحركي, تعي يا صفاء نطلع نروح نشرب قهوة في شي مكان .
سايرته و توجهت للمدخل تبحث عن المعاطف بينما بدأ يدندن بصوته الخافت و هو يتبعها بنظراته :
كتير كتير
كتير محلاية
يا حلوة يا حلوة شو الحكاية
ما قلتيلي شو الاسباب
عليكي بدي دق الباب
و اسأل عنك المراية
المراية ... المراية
كانت سوسن التي زارت أهلها اليوم بعد أن أخذت طفليها للحضانة تحاول فهم نزق امها المفاجئ و عصبيتها الغريبة لكن من دون فائدة.
- منيح هزّيت طولك و تزكرت انو عندك ام و اب؟ اتهمتها الام قبل ان تترك المطبخ و تصعد للطابق الثاني.
- شو فيها؟ سألت سوسن مستغربة لكن الاب هزّ أكتافه عاجزاً عن الاجابة.
بعد ذهاب سوسن كانت أم سعيد فوق كعادتها هذه الايام. هذه المرة كانت في غرفة ابنها سعيد تنبش أغراضه و جوارير مكتبه. اخيرا وجدتها. الكاميرا التي كانت تبحث عنها من يومين.
- هاد سعيد الله يصلحه تركها في كرتونة.
فتحتها أم سعيد الكاميرا الديجيتال و بعد محاولات طويلة لكن مثابرة لتشغيلها قفزت من مكانها و دخلت الحمام تصور.
لم يقل لها احدهم كلمة اطراء واحدة على كل هذا التطور. لقد نحفت كثيراً و عادت الانحناءات لجسدها بعدما نسيت هي نفسها كيف كانت قبل ذلك. وجهها اصبح اكثر حيوية و اختفت أخاديد الايام تماماً.
لكن لم يقل احد اي شئ. لا ابو سعيد و لا سوسن و لا منيرة. هي ليست مجنونة. لقد تحسن شكلها بالفعل و لتثبت ذلك بحثت عن الكاميرا لتصور وجهها.
صرخة
صوت ارتطام
- شو في يا صفاء؟ نادى عليها زوجها من اسفل الدرج و هو يتكأ على عكازه.
كانت تبكي. راكعة بجسدها الثقيل على ركبتها المتورمة و رأسها يرتعش منكسراً.. منذ اسبوعان وهي تتقصد عدم النظر في مرايا البيت الاخرى. تلك الكبيرة في المدخل و الثانية في الحمام تحت. حتى انعكاس صورتها على زجاج الموبيليا في الصالون.
لقد كانت بشعة, بدينة و مسنّة.
خلال اسبوعان اكتشفت في هذه المرآة الساحرة حجم الخسارة التي تعرضت لها.
اكتشفت كم كانت جميلة في صباها. كم كان خصرها دقيقاً و عيناها لماعتان. خلال اسبوعان اكتشفت خفة الروح و الابتسامة بدلال. اسبوعان و هذه المرآة الساخرة تضحك عليها و تريها الخدع.
- صفاء؟ لساتك بهالمضروب الحمام؟
- نازلة. قالت و هي تحاول ألا يسمع الخلل في نبرة صوتها و الشجن في كلماتها.
كانت قد تقبلت كل شئ. تصاريف الحياة, الغربة, التعب, المسؤولية, الاطفال, حتى خروج الاطفال من تحت كنفها كانت قد تقبلته داعية الله ان يوفقهم و يسدد خطاهم.
تقبلت مرض ابو سعيد و مواعيد الأطباء الكثيرة.
تقبلت روتينية الاعمال و الزيارات و الاشخاص.
كانت تحب هذا البيت الذي تراه اليوم كئيباً, قديماً و موحشاً.
وقفت بصعوبة و قد أثر انهيارها على ركبتها التي كانت تصدر صوتاً كأنين الحديد الصدأ. وقفت لترى هذه المرة نفسها بالخمسين عاماً التي يشي بها وجهها و جسدها و حتى أكفها.
هل كانت تحلم
هل كانت تهذي
هل زارها الشباب بضعة أيام أم أن هناك من تحالف ضدها و خدعها في مؤامرة دنيئة للهزء منها؟
هبطت الدرج بهدوء و هي تنتبه لكمية الغبار المتراكم عليه
كان ابو سعيد لازال في موضعه اسفل الدرج. نظرت نحوه بأسف متكأً على عكازه حيث خدعته قوته فإذا به يبتسم:
- شو؟ لساتك عم تشاوري عقلاتك ازا المراية لابقة على الحمام و للا لأ؟
تعي, مدّ ذراعه نحوها , تعي انسيها شوي و انسي الشغل بضلك تحركي تحركي, تعي يا صفاء نطلع نروح نشرب قهوة في شي مكان .
سايرته و توجهت للمدخل تبحث عن المعاطف بينما بدأ يدندن بصوته الخافت و هو يتبعها بنظراته :
كتير كتير
كتير محلاية
يا حلوة يا حلوة شو الحكاية
ما قلتيلي شو الاسباب
عليكي بدي دق الباب
و اسأل عنك المراية
المراية ... المراية
حدثينا عنك ِ صديقتي ,
ردحذفأنا حتى لا أدري اسما ً نخاطبك ِ به في تعليقاتنا ! ..
كنت قد سألتك سؤال ... هو سخيف بالطبع .. لكنني أحببت معرفة جوابه : هل أنت ِ نصف سورية , نصف مصرية ؟
كيف أتقنت ِ الفرنسية ؟...
أين تعيشين الآن .. ؟
أدري أنك ِ متزوجة , لذا فأسئلتي ليست معاكسة :p
أهم الاسئلة هو اسمك ... حتى لو كان اسما ً مستعارا ً .. :)
--------------
نسيت التعليق على القصة :p
كالعادة .. ناقصة ههههه
أمزح بالطبع ... , يعجبني أسلوب قصّك السلس .. و ما زلت متابع لك ِ..
فاستمري