expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

ملفات


اثناء تحضير جدول حول تطبيقات السلامة الغذائية، جائتني ذكرى قديمة مؤلمة. كان الجدول مهماً وكانت فرصة جيدة لإثبات جدارتي. وجائتني الذكرة لتهزمني وتعرقل عملي.
كنا مع أمي نمضي إلى مكان ما. قالت أمي أننا بالقرب من منزل البائعة الجوالة التي نشتري منها والتي اشترينا منها فساتين العيد الماضي الملونة الجميلة. اقترحت أن نذهب ونتفرج على بضاعتها الجديدة. أمام الباب الحديدي لحديقة البيت جاء ابنها. ابن البائعة الذي سبق وزارنا مطالباً بثمن الفساتين الذي تأخرنا عن دفعه. وقف بحزم وراء الباب دون أن يفتحه وأجاب ان والدته ليست في الداخل.
ابتسمت أمي بلطف وخجل كما تفعل عادة عندما تشعر بالحرج. قالت له أننا جئنا لنشتري أغراض. أجابها ببرود وحزم أن لا أغراض لديهم.

أمام شاشة الكمبيوتر أمضيت ساعة أحاول فيها الهروب من مشاعر الحزن و الخزي لفقرنا ولسوء إدارة أبواي لشؤون البيت و التركيز على عملي. العودة للحماس والفعالية التي كنت اتمتع بها قبل ان يظهر ذلك المشهد في عقلي.
في المنزل مساء حاولت أن أفهم سبب ذلك. لماذا تلعب ذاكرتي معي دوماً هذه اللعبة القذرة؟ لماذا يفتح ملفات قديمة برائحتها العطنة ويرميها في وجهي؟
هل هناك مورثة جينية مسؤولة عن ذلك؟ هل هي إشارة عصبية خاصة ومضطربة تنتقل بعشوائية في أنحاء عقلي ؟

حاولت تخيل علاج ما يمحي هذه الذكريات من عقلي تماماً وتساءلت عن حقيقة وجوده حالياً في عيادة جامعية ما؟ هل يوجد مثل هذا الدواء؟ هل سأتمكن من استعماله واتخلص من ماضيّ المزعج؟ هل سأستطيع يوماً المضي في الحياة و الجلوس مع صديقاتي و التسكع في مركز التسوق الكبير مع بناتي دون أن تظهر هذه اللقطات على السطح لترهقني؟ وكيف سيتغير حكمي على الأمور؟ كيف ستصبح شخصيتي وهل ستتأثر صفاتي كالتواضع و المسامحة لو أني استطعت نسيان تاريخي من الفقر والخزي؟
وجائني يقين واضح أنني لن أقبل بنسيان كل هذه التاريخ رغم كل شئ لانه جزء مني ومن الصعب التخلص من ذراعه أو من عينه. وهنا اتضحت أمامي فكرة مهمة أن عقلي صنف ذكرياتي المؤلمة على أنها دروس مهمة عليه استعادتها بشكل متواتر بينما وضع ذكرياتي اللطيفة في ملف بعيد في زاوية عتمة.
موظف مهمل ترك كل التقارير السلبية على المكتب الرئيسي دون حتى محاولة تصنيفهم فكلما حاولت العمل و اخراج ملف ما ودت تقريرا سلبياً أمامي يجهض آمالي.
على إعادة توضيف هذا العقل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق