expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

درس السقوط 2

عندما تسقط فأنت هنا معني بحالتين:
إما انك تسقط في الفراغ و هو تعبير لا طالما استعمله الكثيرون , السقوط في الفراغ, لكنه برأيي لا يعتبر سقوطا حقيقيا فأنت و الحالة هذه و طبقا لقوانين الفيزياء لا تتعرض لتسارع ما بسبب قوة جاذبة او طاردة ما و بالتالي فأنت لا تشعر بفعل السقوط ..انت تسبح في الفراغ فلا تعاني من ضغط ما على اطرافك او أذية . انت في حالة انعدام وزن. في حالة انعدام ثقل . في حالة انعدام تأثير..
أما السقوط الثاني فهو ذلك المقيت المكروه. السقوط في بئر. و سواء كانت عميقة ام لا فأنت معرض لكل انواع الايذاء المحتملة. فإن لم ترتطم بجدران البئر العميقة سواء اكانت ترابية موحلة او حجرية لزجة و ان لم تتعرض لكوارث المخلوقات الخرافية التي تحدث عنها الاقدمون و التي تملئ رواياتهم و عقولهم فأنت لا محالة ستتهشم في قاع تلك البئر اللعينة سواء كان القاع مستويا طينيا وسخا او مزدان بخوازيق بارزة. و ايضا انت معرض أن تبقى على قيد الحياة مدة من الوقت قبل ان يأتيك الموت.
السقوط الثاني هو السقوط الحقيقي في رأيي. فأنت تشعر بالاذية و قبلها بالضغوط الفيزيائية على جسدك و بالهلع من كل الاحتمالات السابقة الذكر.. و بالتالي فعقلك و ربما غددك ايضا تقوم بكل ما ادخرته ألفيات من التطور الاحيائي من عمليات لايقاف او تخفيف حقيقة انك تالف في النهاية.
قد يحدث لأحدهم ان يموت بصدمة قلبية او عقلية في اللحظات الاولى للسقوط.. يحدث هذا لكثيرين ممن يوفرون على انفسهم و يظنون بالتالي على المتفرجين بتتبع المشهد التراجيدي المفضل للجنس البشري.
لا احد يحب خلاصة القول..الجميع يتشوق للتفاصيل.
لو اهملنا احتمالية الموت المبكر أثناء اللحظات الاولى للسقوط فذلك يقودنا للتفريق بين عقلية الساقطين في البئر. برأيي نحن امام صنفين: عقلية لازالت تتمتع بالفطرة و بغريزة البقاء و هنا يعمد الساقط للنجاة بأي طريقة بغض النظر عن دلالات النجاة و معدلاتها. فأطرافه تتحرك في كل الاتجاهات جاهدة للامساك او التعثر بشئ لعل ذلك يؤجل الهبوط المزعج للهاوية.
العقلية الثانية فقدت الفطرة و الغريزة او ربما فقدت المنطق او اللامنطق الذي هنا هو الامل. فهي تستسلم تماما للسقوط, لملذات فقدان نقطة ارتكاز و للشهوات السادية عن الظلام القادم.
هذه الاخيرة هي الفئة المفضلة لصناع الدراما و للمتفرجين الكسالى و تلك التي تعتمد على عذاباتها الديانات جميعاً.

هناك 4 تعليقات:

  1. رائع ويبعث على التأمل والتفكير، في الحالة الأولى، السقوط في الفراغ، ومع حالة انعدام الوزن، ربما ينتفي الاحساس بالسقوط، أنت تهوي ولكنك لا تعلم أنك فقدت مكانك في النقطة أ ولن تصل إلى النقطة ب، لتعلم أنك قد سقطت، أن شعورك بالألم نتيجة الارتطام ما يجعلك واعيا بحقيقة سقوطك....برافو

    ردحذف
    الردود
    1. تمام...و هو حالة زي العلوقة او السوداوية التي تمنع الانسان من التواصل مع العالم و التأثر و التأثير بما يحيطه..
      شكرا :)

      حذف
  2. جميل...لكن تبدو لي العقلية الثانية "المتصوفة" التي خلعت عن نفسها الحس الجسدي وتخلصت من غريزة الباق على قيد الحياة بأي ثمن ليست بهذا الغباء أو الكسل في التفكير الذاتي...غير أنها أدركت أن كل ما تحركت أكثر لتحمي نفسها من السقوط سيكون السقوط الحتمي أكثر ألما..كالطفل الذي يغمد عينه بشكل أوتوماتيكلي وغرائزي عند رأيت الخطر...

    ردحذف
    الردود
    1. أنا لم أقل انه غباء..و ما ذكرته انت انا متفقة معه تماما
      :)

      حذف