expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

السبت، 15 مارس 2014

الريبة


تلك الافعى السامة التي تزحف على ظهرك بهدوء و صمت
فيصمت عقلك و تهرب روحك لتختبأ في زوايا معتمة
كطفل صغير خائف

لا ادري كيف تسللت الافعى نحو جسدي
كيف زحفت على اطرافي و وصلت لعنقي
كل تركيزي كان منصب على الخوف الذي اعتراني ما ان لاحظت حراشفها اللماعة تقبض على صدري
لا اعلم اين كان رأسها
رأسها مخيف فلم احاول البحث عنه
رغم النزعة للتوقف التام عن الحركة حسب تعليمات غريزية
إلا أن قلبي بدأ يطرق بشده و عقلي يهرول في الهواء من حولي
كم هو جبان هذا العقل!
انه اول من يتركك و يتخلى عنك يوم تشتد عليك الصعاب
كم هو جبان!
القلب على العكس يبقى كالمهاجم الشجاع
يصيح و يزأر في أهبة لعمل اي تحرك
كم هو جبان هذا العقل!

إذن
عقلي تركني
و بقيت مع قلبي الخافق نرقب حركة الافعى بريبة
روحي
كأي طفل
عادت بهدوء
بدأت أولاً بإخراج راسها من مخبأها
كانت قد اختبأت في درج صغير حيث انجيل جدتي القديم و مسبحتها
روحي صغيرة جداً
لازالت طفلة
و لا زالت تصنع الجلبة و تزعج بغوغائيتها

إذن
مدّت رأسها بوجل خارج الدرج
و عندما وجدت ان الافعى لم تهجم بعد
قررت ان تقترب لتعرف ما يحدث بشكل افضل
روحي فضولية جداً
لحد المخاطرة

خرجت و اقتربت
ثم جلست تعاينني انا و لا تعاين الافعي
هي تكره الخوف
فتتعمد عدم النظر لاصل الخوف كأنها تلغيه بذلك

إذن كنت انا و قلبي المسكين و روحي الطفلة
و كان علينا ان نتعامل مع الافعى
ناقشنا بكلمات متقطعة و حركات ايدي مرتعشة الخطط الاستراتيجية
تحدثنا باقتضاب عن لونها و طولها و عرض حلقاتها
روحي اقترحت ان لون الافعى مزعج «مبهج اكثر من اللازم» و انها كانت تفضله غامق مطفي
لا اعلم حقا ما الفائدة من ذلك لكنني اخذت ذلك بعين الاعتبار
نعم كان اللون trop voyant
و ذلك لا يتناسب مع شخصيتي

و هنا همس عقلي من بعيد
همس و كأن الافعى ليست صماء بل تسمع كل شئ
نسيت ان اقول ان افعى التوتر بالذات هي افعى صمّاء
فلا تسمع و لا تهتم بكل الاسباب و المناقشات و الجدالات الموضوعية منها او الغوغائية
المهم
إذن عقلي قال ان الملاحظة مهمة جدا و ان ذلك يعني ان سبب التوتر و مصدر الافعى هو شئ خارج عني
سببته لي ظروفي
و ان ذلك قد يُحسب لي

كم هو جبان هذا العقل!
لكنه مفيد في بعض الاحيان

قلبي بقي يدق بعنف و لم يتحدث كثيراً و هو ما ازعج عقلي

عقلي كان يريد تطويعه
من مهربه هناك في ابعد نقطة في الغرفة و بحديثه الهامس و جبنه
كان يريد تطويع قلبي الخافق الشجاع الصامت

و بقينا هنا عند هذه النقطة
عقلي بعيد و يهمس و قلبي لا يردّ عليه بينما روحي تراقب بلهو طفولي و انا مسجونة بجسد الافعى
بقينا هكذا حتى اليوم و لا أدري متى سينتهي الامر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق