expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الاثنين، 24 فبراير 2014

حاج تبكي

- انتي مفكرة إنك أول وحدة بيحاكيها؟ بتلاقيه بيحاكيله شي تنتين مهبولات متلك هادا ازا ما طلع ابن حرام و مورجي كل كلامك لرفقاته...
كانت امها تفصل بين جملها بفترات متقطعة من الانفاس المتسارعة .. جالسة هناك على اول درجة من السلم الخشبي الذي صنعه والدها من سنين للوصول للسطح البيت القديم دون الخروج للساحة خارجا.
كانت تجلس هناك دوما عندما تكون متعبة, حزينة, غاضبة او مصدومة
اليوم تجلس هناك للاسباب كلها 
نجلاء - او نجلا بدون لفظ الهمزة كمت اعتادت ان ينادوها لدرجة انها نسيتها - بقيت في وضعيتها المكوّرة على نفسها في محاولة لاجتناب اي ضربات مفاجئة و تأكيداً على خوفها و سلطة امها عليها... لم تكن نجلا كأختها الكبرى فتحية التي لا تزال غير فاهمة و واعية لطرق التعامل الفضلى مع السلطة في هذا البيت...
الاستكانة كانت افضل دفاعاتها او اسلحتها ... 
حاولت بقدر الامكان تفادي الضربات الموجهة على الوجه لكن شعرها تعرض لعملية شدّ موجعة... يبقى ذلك أفضل بكثير من الكدمات الظاهرة التي قد تسئ لمكانتها كفتاة مؤدبة و خلوقة أمام الجميع... 
هذه الامور مهمة جداً. لقد فقدت ذات يوم و هي تلعب مع اخوتها في باحة بيت احد الاقارب الاثرياء, فقدت جزء صغير من سنتها الامامية و لازالت حتى اليوم تسمع أسئلة من اصدقائها ان كان ذلك قد حدث نتيجة : قتلة مرتبة...
- و انا اللي بقول عليكي عاقلة و فهمانة و مفكرتك وش السحارة طلعت كلبة متل عماتك..بدأ صوت الام يرتفع شيئا و شيئا و معه جسدها لتعود و تضرب نجلا المكومة على الكنبة و التي كانت تصيح بقدر ما تستطيع بحثا عن إرضاء غضب أمها و استجرار عطفها:
- يا أمي ... دخيلك سامحيني... بستاهل دخيلك سامحيني...
كانت هذه الفورمول هي المفضلة لنجلا و لم تكن لتستعملها الا في حالات الاظطرابات القصوى حتى لا تفقد فعاليتها على كثرة الاستعمال كما ما سبقها من صيّغ تعلمتها سواء من الاحاديث الملتقطة هنا و هناك او دراما التلفزيون...
هدأت الام, او تعبت , و عادت تجلس مكانها على أول درجات السلم الخشبي:
- و الله لو يعرف أبوك لكان دبحك دبح يا بنت الكلب... لك لو واحد من اخوالك شم ريحة القصة ليحرقوك و يحرقوني معك يا بنت الكلب.. كانت الام قد بدأت تبكي و تتلوى و تضرب بيديها على رأسها كالمنكوبين...
نجلا و بهدوء لم تمسح دموعها..كان عليها المحافظة قدر الامكان على علامات الخضوع.. لكنها كانت تسحب و من وضعيتها الغريبة على الكنبة الرئيسية في الصالون الصغير, كانت تسحب خصال شعرها لتجمعهم في كومة صغيرة و تعقدهم أسفل رأسها.. لو اعتازت امها شد شعرها من جديد فستسبب هذه التسريحة - هههه تسريحة ... أنا اسفة ...نتابع - ستسبب ألماً أقل..
شيئا ما جعل نجلا تفهم ان التراجيديا دخلت في مشهد جديد و بدأت ترفع رأسها في حذر...
- ما تبكي أمي ...ادبحيني بس ما تبكي... 
كانت هذه صيغة مبتكرة و جديدة لكن هذه المرة كانت نجلا تقولها بصدق و حزن على مشهد بكاء أمها المثير للشفقة و هي متقرفصة على الدرجة الصغيرة ...
لم تكن تتقصد كل هذا الالم و الوجع. لقد سمعت مرة ان اباها كان يحب امها لسنوات قبل ان يتقدم للزواج بها. لماذا يحللون لأنفسهم و يحرمون لغيرهم؟ ما الذي اقترفته من أثم؟ 
هي انتبهت لكل كلمة كانت ترد فيها على مراسلات أيمن الطويلة. 
- أمي ..اكسري الموبايل ..اعملي شو ما بدك ...بس حاج تبكي....
قالتها بصدق ...
قالتها بحزن
قالتها بدموع....
- حاج تبكي

هناك تعليق واحد:

  1. كتاباتك بتدّل ع شخصية استثنائية , بتعرفي ه الشي يا إيبي؟
    انا مبسوط إني بقرألك ..
    القصة ما رح علّق عليها ... لأنها واقعية و فوق التعليق ..

    ردحذف