expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الخميس، 6 فبراير 2014

جدول الجنون

نهض من السرير سريعا و اتجه نحو غرفة ابنه البكر نادى عليه ليستيقظ قبل ان يدخل الحمام
كانت تنظر برتابة لسقف الغرفة , لم تغمض جفنها طوال الليل, في الخارج صوت ريح شديدة, مررت اصابعها على شفتها العليا بتلقائية لتكتشف ظهور بثرة جديدة.
كان قد خرج من الحمام ليسمح لابنتيه بالدخول. صباح الخير قال لهم و هو يتجه لغرفته مجددا.
انهم يحذرون من احتمالية وجود الجليد الاسود , جاءه صوت ابنه فرد : اذن عليكم بالاستعجال حتى اقود بهدوء...
لم تستطيع رفع رأسها كالعادة. فضلت البقاء في السرير الكبير رغم ادراكها ان اي تأخير في معالجة البثرة سيؤدي لكبر حجمها و لألام جديدة.
ارتدى ثيابه بسرعة و لم يتوقف عن الحركة و هو يسألها: هل ستعودين للنوم؟
لم ترد و لم يكن يتوقع ان ترد و لا يعلم حتى لماذا يسألها.
هبط الدرج الخشبي بحيوية و هو يعيد على ابناءه الامر بالاستعجال
في كل الحركة التي كانت تحدث في الممر الصغير امام غرفتها لم يتوقف احد رغم ان باب الغرفة كان مفتوح. لم يتوقف احد ليقول لها صباح الخير. لقد فقدت هذه الكلمة لطافتها و عفويتها منذ زمن لذا كانت قد طلبت منهم الا يلتزموا بقولها .. لكن اليوم  كان تسكنها رغبة بسماع شئ بسيط كصباح الخير...  جو, تامار و لورا كانوا يتحركون كل بحسب طبعه و مدى نجاح نومه امام الغرفة حيث تتمفصل غرف الطابق الثاني.. بعض المشاحنات و لورا كعادتها عصببية...
استطاعت اخيرا ان تقوم بتثاقل و توجهت للحمام لكنها لم تفلح بملاقاة احد لتقول له صباح الخير..كانوا كلهم قد هبطوا للطابق الاول. دخلت الحمام لترى الفوضى الكبيرة الحاصلة .. كانت لورا لوحدها مسؤولة عن نصف الكريمات و المكياج.. نظرت للارض حيث نقط من الدم الصغيرة ...هذا صمؤيل زوجها هو من يجرح نفسه كل يوم اثناء الحلاقة و يحرك الشفرة بعصبية لتتناثر قطرات الصابون الممزوج بالدم و الشعر القصير على ارض الحمام
أما المرآة فقد كانت ملوثة بمحاولات جو ابنها للتخلص من نقاط الماء التي ينثرها على المرآة و بقية اثاث الحمام عندما يقوم بغسل وجهه ..
وحدها تامار لا تترك اي اثر لمرورها على الاشياء...مثلها تامار لا قدرة لها على الايذاء و القتل
صموئيل كان يتحرك بسرعة في المطبخ كعادته و يكرر اوامره اليومية على ابناءه المراهقين الثلاثة الذين كانوا يكررون هم ايضا كل حسب عادته تمردهم على الروتين و السأم...
وجدتهم على الطاولة يتناولون فطورهم و يستمعون لنشرة الاخبار الصباحية. جلست معهم و هي تنظر إلى وجوههم كأنها تبحث عن نظراتهم. لا قالت لنفسها كانت تود رصد التغييرات التي حدثت ... تود ادراك بصمات الزمن على وجوههم لعلها تجد شيئا جديدا يلهيها في يومها ..
- لم يتبقى جبنة فلادلفيا,
- ماما, اشتري شرائح سالامي
- لا تذهبي للسوق الصيني يا أليس .. بضاعته قديمة
خرجوا بسرعة تحت وطأ أوامر صمؤيل و هو يحثهم كعادته و يتنقل بين الممر الخارجي لينظف درجاته و بين الكاراج ليضع حقيبته في السيارة و يدير المحرك و بين المطبخ ليأمر الجميع بالاستعجال..
خرجوا و عاد البيت لسكونه و وحشته...
مسكين صمؤيل, رددت في نفسها, انه يمارس الجنون بكل عقلانية و تنظيم. يستمر في التزحلق بأكبر سرعة على الجليد الاسود الذي يغطي دروب هذه الحياة. يستمر بالاعتقاد انه سينجو لو قلل من السرعة و ركز اكثر في الطريق امامه. يستمر في الرهان على سعادة لا تأتي دون ادنى محاولة لرؤية وجوه اللاعبين حوله. يستمر في معاندة الله و رفضه للقدر...
مسكين صمؤيل... انه مجنون  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق